الشعبي.. فرفرة مذبوح
القيادي بالمؤتمر الشعبي د. حسن خليفة أعد مذكرة جديدة وجه فيها انتقادات للأمين العام للحزب د.علي الحاج لعدم تفرغه لإدارة الحزب وتكرار سفره للخارج، كما وجه انتقادات لمساعد رئيس الجمهورية ابراهيم السنوسي وفي وقت شرعت قيادات بالحزب في تحركات للبت في إمكانية انسحاب الحزب من الحكومة أو دفع تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، من جهة اخرى رأى القيادي د.عمار السجاد أن تنفيذ مخرجات الحوار (صفر).
وأقر السجاد بأن مشاركة وزراء الشعبي في الحكومة لم تغير شيئاً، وقال: إن تنفيذ مخرجات الحوار توقف في احتفال قاعة الصداقة والتوقيع على الوثيقة الوطنية، بإستثناء استحداث منصب رئيس مجلس الوزراء، وإشراك الأحزاب في الحكومة والبرلمان وأضاف: (لكن على مستوى الجوهر لا شيء ووزراء الشعبي اندمجوا في حكومة المؤتمر الوطنى وينفذون برامجها).
وأقر السجاد بوجود مذكرة جديدة وقطع في حوار مع صحيفة (الجريدة) بعدم تسليم المذكرة للأمين العام للحزب د.علي الحاج، وقلل من مخاوف تكرار المذكرات داخل الشعبي ووصفها بالظاهرة الصحية، ورأى إنها تجعل الحزب عصياً على الانشقاقات، وأوضح ان القيادي الذي قدمها أراد منها ان تكون ثقافة للحزب، واعتبر السجاد أن سفر الأمين العام للشعبي للخارج مبرراً لأن جزء منه يختص بمتابعة علاجه.
ولفت السجاد إلى أن المهم ان يقوم علي الحاج بتفويض من يدير الحزب في غيابه، وكشف السجاد عن اختلاف في وجهات النظر داخل الشعبي مع الأمين العام للحزب بسبب ايلائه للسلام الأولوية، بينما الحزب قضيته الأساسية الحريات، ونفى وجود تراخ فيها من جانبهم، وذكر (ليس هناك تراخيا ولكن د.علي الحاج من أولوياته السلام)، وشدد على ضرورة التركيز على تنفيذ مخرجات الحوار.
وانتقد السجاد مبادرة السلام التي قدمها الحزب، وبرر ذلك بوجود اتفاق في الحوار على إنشاء المجلس الأعلى للسلام، الذي ستتم بموجبه مشاركة أحزاب الحوار في التفاوض مع الحركات، وتابع (قدمنا ورقة حول السلام في الحوار حققت إجماعاً)، وتساءل (لماذا أفتح مبادرة جديدة وحواراً جديداً وأضيع مجهوداتي السابقة ؟).
غض الطرف عن علو كعب السجاد في السلم القيادي الشعبي ودرجة تأثيره في صناعة القرار، فلا شك ان تصريحات السجاد تكتسب أهميتها كونه احد غلاة دعاة الحوار.. وهي تمثل اعترافاً منه بما آلت إليه مخرجات الحوار. ولعلها تأتي في إطار امتصاص رد فعل المعارضة والشارع تجاه مبادرة الشعبي للسلام.. في حين توقع الناس من الشعبي أن يستمر في خطابه بخصوص الحريات كونها مطلباً جوهرياً. لا يمكن تنفيذ أي من المطالب إلا في مناخ تسوده الحريات. وجاء بيان الشعبي حول مقتل طالب الإسلامية في ذات الإطار. وهو الهاء الناس بخطاب علاقات عامة مكشوف ولا يقدم أو يؤخر في طبيعة أهداف الصراع مع الحزب الحاكم. ومن جهة أخرى يجهز الشعبي على (فرفرة) كمال عمر في البرلمان بالاعتذار عن تصريحاته وهي (فرفرة) مذبوح.
ما يجرى له احتمالان الأول أن الشعبي ربما يعد نفسه لأن يصبح حزب الحكومة (حزب الرئيس) بعد أن شاخ المؤتمر الوطني ولم يعد بوسعه تقديم شيء وهو الراجح. والاحتمال الثاني أن يكون الشعبي في عجلة من أمره للانقضاض كلية على النظام و الإطاحة به برمته. خاصة و أن حملة جمع السلاح ربما تصل إلى السلاح المدفون.
في الحالتين فإن الشعبي يخطئ الحسابات فالأول سيدمر الشعبي وستكون نتائجه كارثية ولن يجد القبول.. والثاني شبه مستحيل وحتى في حالة نجاحه سيواجه بمعارضة أشد بأساً في كل الأحوال فإن تحركات الشعبي ومشاركته في الحكومة بهذه الطريقة المهينة مؤكد انها ليست (النظام الخالف)، ولعلها تعبر عن تنكر غير مسبوق لخطط وبرامج المرحوم الدكتور الترابي ورؤيته لتغيير النظام. لم يكن سهلاً استطاعة الترابي العودة بالشعبي ليكون حزباً معارضاً بين المعارضين.. ولم يكن الشعبي ليجد موطئ قدم لولا مجهودات الأستاذ كمال عمر. وتعهدات سرية وعلنية من الدكتور الترابي.. حظي على أثرها بثقة المعارضة.. الشعبي الآن ليس حزباً حاكماً وليس حزباً معارضاً. انه في منزلة بين المنزلتين. الشعبي خسر سمعته السياسية وفشل رهانه على مخرجات الحوار فقفز فوق منصة الحريات مطالبا بالسلام، هذه فرفرة مذبوح ومن أراد البحر استقل السواقيا..
ما وراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة