داليا الياس

أكثر من مجرد سيارة!


بدأت علاقتى بقيادة السيارات مطلع العام 2013 على مضض.. فقد بدأ أخي الحبيب (مجتبى) يتذمر حينها من مشاويري (الماكوكية) الطويلة التي يرافقني فيها، وهو يقود سيارة الأسرة المتاحة للجميع!قررت حينها أثر نوبة (هاشمية) عارمة أن أتعلم القيادة وأستقل بذاتي رافعةً شعار من يملك (سيارته يملك قراره).. والتحقت بإحدى مدارس تعليم القيادة وأنا مسكونة بالقلق، فلم أتوقع أبداً أنه بإمكاني أن أجلس خلف مقود القيادة يوماً ما.. أنا التي يهولني مشهد الشاحنات وعربات النقل، وهي تعبر الطرقات حتى أبتلع ريقي !!ولكن.. لم يكن أمامي خيار آخر.. فقد بدأت علاقتي بالشارع العام تتوطد.. والدعوات الكريمة تتوالى.. ونشاطي اليومي يتنامى.. والكل عني في انشغال بأمره ولا طاقة لديهم لاستيعاب تكاليفي الكثيرة، بما فيهم زوجي الذي أعلنها صراحة منذ البداية أن كونه: ( مافاضي ليك) الأمر الذي أشعل فتيل التحدي بأعماقي وأرغمني على التغاضي عن مخاوفي وابتلاع ريقي والانتباه التام لمعلمي الكريم بمدرسة السلامة لتعليم قيادة السيارات!ولم تمض أسابيع معدودة حتى كنت أطالب بنصيبي في سيارة العائلة وسط قلق كبير من بقية أفراد أسرتي لاسيما والدتي العزيزة، التي تعتقد حتى الآن أنني لا أجيد ممارسة القيادة وترافقني لقضاء مشاويرها العائلية ويدها على قلبها ولسانها يلهج بالدعوات.عليه.. أصبحت من شركاء الطريق قسراً… ومررت بكل مراحل الإرباك الأولية حتى هدأ روعي واسترخت أعصابي، وأنا أدير مفتاح السيارة، الشيء الذي أحسبه واحداً من أكبر النقلات النوعية في حياتي، إذ أن شخصيتي وأسلوبي قد اختلفا بمقدار 180 درجة منذ بدأت أرتاد شوارع الإسفلت كقائد!فالشاهد أن قيادة السيارة تعلمك التركيز والقدرة على التصرف السريع، وتمنحك ثقة كبيرة بذاتك، وتضفي على شخصيتك الكثير من القوة والإعتداد، كما أنها تحدد نظرة المجتمع لك، إذ أن مجتمعنا السوداني يضع اعتبارات خاصة وتصنيفات اجتماعية لأصحاب السيارات !المهم.. استخرجت رخصة القيادة.. وامتلك أدواتها.. وجودت مهاراتي فيها.. وبدأت رحلة البحث عن سيارة خاصة، واستغرق ذلك الأمر قرابة العامين أمضيتها في (إستلاف) سيارات المقربين و(استئجار) أخرى حسب الحاجة.وكان الخيار الأوحد أن ألجأ لامتلاك سيارة بالتقسيط تتوافق مع قدراتي المالية المحدودة ودخلي الشهري الثابت المتواضع، وبعد استعراض وتمحيص كافة العروض المتاحة بالبلاد كان الأنسب على الإطلاق هو العرض الذي تقدمه شركة (جياد) للسيارات !!وماهي إلا أسابيع معدودة واستلمت سيارتي الByd الفارهة بعد تعاون كريم وإجراءات ميسرة، وحفاوة بالغة من طاقم العمل في تلك الشركة الرائدة تعتبر بكل المقاييس (عزاً للسودان).وقد لا أستطيع وصف سعادتي الغامرة، وأنا أجلس للمرة الأولى خلف مقود تلك الByd العزيزة كأول سيارة أمتلكها من حر مالي و(على الزيرو) وأنطلق بها في الطريق، مزهوة مطمئنة أوزع إبتساماتي على الجميع، وأحسب أنهم جميعاً ملمين بتفاصيل حكايتي ويبادلوني التهاني والتبريكات، ويرمقون سيارتي بإعجاب يوازي ذلك الذي يسكنني تجاهها.ومنذ أن بدأت علاقتي بشركة (جياد) للسيارات في العام 2015 وحتى الآن وأنا مدينة لهم بالامتنان لكل ماوجدته من تقدير واحترام متبادل واهتمام بالعملاء يمتد ليشمل (مركز تبيان) لصيانة السيارات دورياً، إلى جانب نشاطاتهم المختلفة في برامج المسؤولية الإجتماعية.. وفي كل عام تأتيني دعوة أنيقة لحضور الإحتفال السنوي الراتب بالعملاء المميزين فأجدهم في تطور متطرد كما حدث في إحتفال هذا العام، الذي اتسعت فيه دائرة العملاء وتغيير نمط الاحتفال وسمح لي باكتشاف مهارات السيد (عبد الله عبد المعروف) الخطابية والكاريزما اللطيفة التي يتمتع بها، وهو يدعونا للإبتسام ويؤكد حرصهم البالغ على توطين صناعة السيارات والتعاون مع كافة الجهات، والإلتزام بكل مافيه خير البلاد والعباد.عموماً.. احتفلت الشهر الماضي بسداد جميع أقساط سيارتي الحبيبة… وأشهد أنها كانت رحلة ميسرة ومنضبطة مع الأقساط الشهرية خرجت محصلتها الرئيسية لصالحي بكل المقاييس وفقاً لحركة الدولار الإقتصادية.. ولم تكن الByd فئة الl3 التي رافتني في تفاصيلي اليومية مجرد سيارة استخدمها في قضاء مشاويري فحسب.. لقد كانت صديقتي الأثيرة وملاذي الآمن وعوني وسندي ومأوى التداعي والتفكير.. فكم من قصائد ومقالات خطرت لي وأنا بداخلها.. وكم من مشاكل وأزمات عبرتها بتفكيري العميق الهادئ خلف مقودها.. وكم من دموع ذرفتها في صمت بين جنباتها.. وكم من ضحكات صافية أطلقتها خلف زجاجها.. وكم من مناخات متقلبة عبرناها معاً.. وكم من أفراح عشناها.. وأحزان تجاوزناها.وكم من مكالمات تنصتت عليها.. وكم من خلافات شهدتها.. وكم من أحاديث استمعت لها وحفظت كل الأسرار في جب عميق من الوفاء!ولطالما أطلق جهاز تسجيلها الأنغام فأطربني.. وجنبتني (شاشتها) مغبة الرجوع للخلف إذ أننى كثيراً ما أكون في تعداد القياديين (4)!وأشهد أنها لم تغدر بي يوماً ولا أسلمتني لمعاناة (المكنكة)… ولم تطالبني بأكثر من (صدام) تسبب خريف بلادي وأثره على الطرقات في الإضرار به.. كما أنها تتمتع بأفضل (تكييف) يمكنه أن يعينك على لسعات هجيرنا الصيفي على الإطلاق.لقد وقعت في حب سيارتي هذه طوال هذين العامين… وأشعر حتى الآن في كثير من الأحيان أنها تعرفني وتحادثني وتبادلني الحب، ففي كل صباح أجدها تنتظرني على أهبة الإستعداد، وهي تقف في اعتداد وهيبة.. ولا ألبث أن أدلف لصالونها الوثير حتى تلفني الراحة والطمأنينة من جميع الجهات، فأبدأ يومي بهدوء وحماس.لقد كان لزاماً علي_ وأنا أحتفي بتمزيق فاتورة الأقساط الشهرية_ أن أحدثكم عن رفيقتي هذه.. فقد آلت ملكيتها لي الآن بالكامل.. وهي الشيء الوحيد الذي أمتلكه كلياً من حطام هذه الفانية.. فلست من ملاك العقارات ولا الأراضي ولا الحلي الذهبية ولا المشاريع الإستثمارية.. فقط هذه السيارة الطيبة النبيلة.. فشكراً لها بقدر ما أعانتني على تصاريف الحياة.. بقدر ما ساهمت معي في توفير حياة كريمة لأبنائي.. بقدر ما أنقذتني من مآزق.. بقدر ماحققت معي من إنجازات.. وبقدر ماجنبتني الحاجة والعوز وسؤال الناس.وشكراً لشركة (جياد) على ماتقدمه لنا وللسودان في صمت… فحجم الإنجازات الحقيقي لهذه الشركة العملاقة لايمكن لأحدكم أن يتصوره فعلياً.. ولكننا بحكم تمتعنا بخدماتها قد اختبرناه وعلمناه عن قرب فزادنا احتراماً لها وإيماناً بمستقبل البلاد المشرق على يديها.وشكراً لشرطة المرور على خدمات الترخيص ولرجالها على حسن التوجيه، وضبط الشارع العام الذي جنبنا الكثير من المخاطر.وشكراً لمركز (تبيان) على الصيانة الدورية إبان فترة الضمان وبعدها، وشكراً لشركة (شيكان) للتأمين على خدماتهم الجليلة.وشكراً لكم على سعة صدركم لحكاياتي الحميمة.. فالحقيقة أن حرصي الدائم على إشراككم في أحوالي الشخصية لم يأتِ إعتباطاً.. فأنتم أكثر من مجرد قراء.. مثلما أن هذه السيارة التي أحبها أكثر من مجرد سيارة.تلويح:وأكرم ما في الدنيا سرج سابح….يسمى تجاوزاً.

اندياح – داليا الياس
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد