تحقيقات وتقارير

جمع السلاح.. قراءة وتقييم للحملة

عانت ولايات دارفور من إنتشار السلاح طيلة السنوات الماضية والذي كان أبرز عواما تأجيج الحرب، كما أن السلاح أصبح يُباع أحياناً بالأسواق العامة، ويتمّ عرضه من قبل الباعة المتجولين

وقد أعلنت الحكومة عن ضربة البداية لجمع السلاح إبتداءً من دارفور بغية السيطرة على الأسلحة وذلك لتعزيز جهود الدولة في نزع السلاح والاستقرار والأمن وبسط هيبة الدولة في كامل أنحاء ولايات دارفور.

ولاشك في أن إنتشار السلاح له الأثر الأكبر في إندلاع المواجهات القبلية مما يؤدي إلي فقدان الكثير من الأرواح جراء أبسط المواجهات التي تتم بين قبيلة أو اخري، ولا شك ان الإقبال الكبير من قبل المواطنين بالولايات لجمع أسلحتهم يمثل رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن السودان يسعى لتحقيق الأمن والإستقرار في كافة أجزائه.

واستعدت كل مؤسسات الدولة لحملة جمع السلاح وتوفرت إرادة سياسية قوية عبر عنها ولاة الولايات، كما تهيأت لها لجان الأمن ومكوناتها العسكرية والشرطية والأمنية لمجابهة مطلوبات هذه الحملة، حيث تم وضع خطة محكمة من شأنها تحقيق نجاح كبير لو سارت الأمور كما هو مخطط له دون أية محبطات أو عوامل أخرى غير منظورة أو مرئية.

فعلى مستوى التخطيط والترتيبات يمكن طمأنت الحكومة أن جمع السلاح يسير بصورة مرضية، إذا تزامنت الإجراءات بين ولايات دارفور وتم اتخاذ إجراءات في جوانب متعلقة بالعملية وتسهم بشكل كبير في تقليل حجم ونوع السلاح، مثل ضبط الحدود الطويلة مع دولة جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا، وهي منافذ تسرب السلاح ومصادره الرئيسية.

وقد رصد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في وقت سابق، حجم السلاح المتداول بدارفور بنحو مليوني قطعة، فكل أسرة تملك ما بين ثلاث إلى أربع قطع سلاح. كما يحرص بعضها على بيع ممتلكاته مقابل اقتناء قطعة سلاح، بإعتباره تمثل عزا وهيبة لهم بجانب انهم يعتبرونه جزءاً من ثقافة وأعراف المجتمع الدارفوري. ولاشك ان حمل السلاح لدي العامة ساعد في عمليات النهب و مهاجمة حافلات السفر، وتحديد بعض النقاط للتحصيل الضريبي بعيداً عن الحكومة.

تجربة ناجحة

وقد كانت للحكومة تجربة ناجحة في جمع السلاح في دارفور وذلك في مطلع تسعينات القرن الماضي في ظل حماس كبير وتأييد كاسح من المواطنين لجمع السلاح، إلا أن الآراء تختلف في الكيفية والحزم الكافي في جمعه، فهناك خشية من أن تكون القوات المنوط بها هذا العمل غير كافية من ناحية العدد والفاعلية والإمكانات المتوفرة وخاصة في فصل الخريف وانقطاع الطرق والمناطق عن بعضها، ونسبة لاتساع الرقعة الجغرافية وانتشار السلاح. ويقاوم رافضو تسليم سلاحهم هذه الإجراءات بشتى السبل المتاحة أمامهم، منها وجود مخابئ طبيعية آمنة للسلاح في الجبال والوديان والغابات ومناطق نائية، ويتخذ هؤلاء ذرائع شتى.

دعوات متجددة

وقد دعت قيادات بارزة الحكومة مراراً وتكراراً بضرورة جمع السلاح من المواطنين والذي قالت بأنه أسهم إسهاماً فاعلاً في إذدياد النزاعات القبلية وقال دكتور إبراهيم الأمين لـ(SMC) أن وجود السلاح بأيادي المواطنين ساهم في إنتشار النزاعات القبلية بصورة كبيرة والتي وصلت إلي قيادات الإدارات الأهلية والنخب داعيا لحصر حمل السلاح على القوات النظامية وأن تعود للدولة هيبتها.

ومن جانبه قال عبد الرحمن أبو مدين القيادي بولاية النيل الازرق أنه لابد من جمع السلاح في كل محليات السودان داعياً الحكومة بضرورة الإستعجال لجمع السلاح بالنيل الازرق وقال هذا أمر لابد منه مناشدا مواطني الولاية التعاون مع الحكومة لتسليم أسلحتهم.

قطع الطريق

ووصف أبومدين إقبال المواطنين على جمع اسلحتهم بأنه يؤكد بسط هيبة الدولة ويعتبر قطعا للطريق أمام الحركات المتمردة وقاصمة ظهر بالنسبة لها وبعض الذين يقومون بزرع الفتن أوساط المواطنين، سيما وأنها تساعد علي خلق الفتن بين القبائل مما يتسبب في الإشتباكات الدموية. وطالب كافة النافذين والقيادات بالمجتمعات بضرورة الإنصياع لأوامر الدولة وتسليم أسلحتهم وعدم التعنت من أجل الأمن والإستقرار.

قرار صائب

من جانبه يرى الخبير د. عبد القادر الأرباب أن جمع السلاح ليس مستحيلاً لكنه صعب للغاية في ظل الظروف الراهنة ويحتاج إلى حكمة وتعقل كبيرين لأن فترة الشهرين المحددة لجمع السلاح ليست كافية على حد رأيه، مشيداً بشروع الحكومة لجمع السلاح والذي جاء في الوقت المناسب، خاصة وانه يتسبب في الحد من التوتر بين القبائل، وأضاف بالقول: بعض البيوتات تمتلك أكثر من عشرة قطع سلاح لذلك لابد من التأكد بانها سلمت كل ما تملك دون إستثناء.

وأشار الأرباب لوجود تعقيدات على الأرض يجب أن تنتبه إليها اللجنة العليا لجمع السلاح وتضع لها حلولاً فورية قبل أن تستفحل وتصبح عقبة أمامها يصعب تخطيها وتجاوزها، فسلاح الأفراد من السهل تتبعه وجمعه بتوفر المعلومات حوله وتعاون الإدارة الأهلية والسلطات المحلية ولجان أمن المحليات ومستويات الحكم المحلي، لكن سلاح المجموعات أو سلاح القبائل خاصة القبائل المتقاتلة وهو موجود عند (العُقداء) وهم قادة المجموعات القبلية المسلحة أو زعماء مليشيات القبائل، وهؤلاء لا علاقة لهم بالتكوينات العسكرية الرسمية.

توضيحات

وكان نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن أكد في وقت سابق ان السلاح يشكل أكبر مهدد امني للدولة ولابد من التعايش وإزالة الحرب ونقل الناس إلي التنمية والخدمات وقال أن العربات “البوكوحرام” أكبر مهدد إقتصادي وأضرت بالإقتصاد السوداني. كاشفاً عن (60) ألف عربة دخلت البلاد وكانت السبب الرئيسي في رفع سعر الدولار.

عمليات جمع السلاح والسيارات ذات الدفع الرباعي مقبل تعويض أصحابها بدفع مبالغ مالية لهم، تحتاج إلى زيادة الوعي ومعلومات كاملة حول مرامي الهدف من جمعها حتى يسلم أصحابها ما لديهم طواعية دون الحاجة إلى القوة والإرغام.

تقرير وداد محمد علي
(smc)