خطاب الرئيس في البرلمان… محاور جديدة.. وتحديات عديدة
خاطب رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، الهيئة التشريعية القومية، في دورة انعقادها السادسة، أمس الأول الإثنين، وجاء خطاب الرئيس المعتاد سنوياً، في ظروف غير عادية، لذلك جاء الخطاب مختلفاً عن سابقاته، لما يشهده السودان من تطورات في الأحداث المتسارعة، داخلياً وخارجياً، فالمستجدات العالقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، بالإضافة لحملة جمع السلاح، كانت المشاهد الأبرز في الخطاب الذي استمع إليه نواب الهيئة التشريعية القومية والشعب السوداني، وبذات الحماسة ينتظر الجميع أن تذهب مفردات الخطاب إلى أفعال تلامس الواقع، وذلك ما دعانا للغوص في قراءات الخطاب في الواقع العملي، وإمكانية تحقيقه.
دورة الانعقاد
عادة ثابتة، وعرف رسمي لا تمنعه إلا ظروف قاهرة، يخاطب فيه رئيس الجمهورية الهيئة التشريعية القومية كل جلسة دورة انعقادها، ودائماً ما يأتي الخطاب شاملاً مستصحباً القضايا العامة، والتى تشغل الساحة على وجه الخصوص، وإيذاناً من ذلك الخطاب، والافتتاح تبدأ الهيئة التشريعية القومية في انعقادها الدائم بشقيها المجلس الوطني ومجلس الولايات، لتناقش وتمارس سلطاتها الرقابية على السلطة التنفيذية مستصحبة معها خطاب الرئيس الذي يحمل في طياته خطط وبرامج المرحلة واجبة التنفيذ.
خطاب مختلف
خاطب رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، دورة الانعقاد السادسة للهيئة التشريعية القومية، واشتمل خطاب الرئيس على تطورات المرحلة ومستجداتها، في خطاب أجمع المراقبون على أنه جاء مختلفاً عن سابقيه، خاصة أن حكومة الوفاق الوطني تمضي نحو شهرها السادس، حاملة معها مخرجات الحوار الوطني واجبة التنفيذ، ويعد خطاب الرئيس أمس الأول، بمثابة الأول له أمام ممثلي الأحزاب والقوى السياسية الذين جاءوا عبر اتفاق الحوار وحكومته المعنيين بتنفيذ مخرجات الحوار بمعاونة الجهاز التنفيذي،.
هذا على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي، فتطورات العلاقة مع واشنطن، واقتراب ميعاد رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان المحدد لها الثاني من أكتوبر، تعتبر الحدث الأبرز الشاغل للساحة السياسية داخلياً وخارجياً، ما جعل الخطاب يحمل حيزاً كبيراً عارضاً ملف التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى وصل إلى اتفاق المسارات الخمسة، والتي تنتهي مهلتها المحددة، في الثاني عشر من أكتوبر الجاري بعد أن تم مدها ستة أشهر أخرى، عن هذا وذاك، لا تنفصل قضية جمع السلاح التي طرحتها وشرعت في تنفيذها الحكومة، خاصة في مناطق النزاع والصراعات، دارفور، والنيل الأزرق وكردفان.
على كلٍ طاف خطاب الرئيس على كل هذه القضايا، مفصلاً لها بنداَ بنداَ، واضعا خطابه أمام النواب بما يحمل من هموم وتحديات.
محك التنفيذ
لم تختلف الآراء كثيراً حول ما حواه خطاب رئيس الجمهورية أمام البرلمان في دورة انعقاده السادسة، وبذات الاتفاق كان الإجماع منصباً حول كيفية ضمان الآلية المنفذة لما جاء في الخطاب.
ورأى القيادي بالمؤتمر الشعبي عضو البرلمان المهندس يوسف لبس خلال حديثه لـ(الصيحة) أن خطاب الرئيس كان إيجابياً ومتوازناً، وتلمس مشاكل السودان كلها، وأشار يوسف إلى أن الخطاب بدأ بأهم قضايا، وهي قضية إنهاء الحرب والسلام، ومعاش الناس، وزاد يوسف بأنه سعد بخطاب الرئيس لجهة أنه حوى أمراً مهماً في بناء الدولة هو إبعاد الحكومة من الشركات والاستثمار وفتح المجال أمام القطاع الخاص ليقوم بدوره، وأثنى يوسف لبس على تطرُّق الخطاب للعلاقات الخارجية والعلاقات الدبلوماسية مع دول العالم، مشيرًا إلى أن ذلك هو المفتاح الأساسي والرئيسي لبناء علاقات جيدة مع دول العالم، وشدد يوسف على أن المحك هو في إمكانية تنفيذ ما جاء في الخطاب على أرض الواقع، واستصحاباً لقضايا المرحلة حمل خطاب رئيس الجمهورية امام البرلمان، عدداً من القضايا الملحة والآنية بطبيعة الحال والمحال.
وقال عضو البرلمان، ممثل جماعة الإخوان المسلمين حسن عبد الحميد، إن خطاب الرئيس في افتتاح دورة الانعقاد السادسة جاء خطاباً عاماً، متناولاً قضايا شملت كل محاور الدولة، خاصة قضية جمع السلاح التي تتسيد المشهد الآن، ورأى حسن عبد الحميد خلال حديثه لـ(الصيحة) أن خطاب الرئيس لم يعط قضية معاش الناس حقها الكامل، ومر عليها مروراً خفيفاً، وزاد بأن معاش الناس يستحق الاهتمام أكثر من غيره من القضايا المطروحة، وأشار عبد الحميد إلى خلو خطاب الرئيس من قضية محاربة الفساد، مضيفاً بأن الخطاب لم يتناول كيفية معالجة الظاهرة المزعجة، مردفاً بأن كل ما جاء به خطاب الرئيس من جمال قول وبلاغة، سيكون منقوصاً ومعطلاً ما لم تسع الدولة بجدية في مكافحة الفساد، وقطع حسن بأن خطاب الرئيس تناول قضايا عامة ومكررة، مشيراً إلى أن الفاصل في ذلك هو الجانب العملي الذي سيتبع خطاب القول إلى عمل على أرض الواقع.
التقاط القفاز
طالما كان الحوار الوطني القضية المسيطرة على المشهد العام في السودان، وما انتاشته من سهام النقد المشككة في فاعليته، جاء خطاب الرئيس حاملاً رؤى لتنفيذ تلك المخرجات على أرض الواقع، وفي ذلك قال المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري خلال حديثه لـ(الصيحة) إن الخطاب حوى برامج عامة، تتطلب التفصيل من رئيس الوزراء لإحالتها لأرض الواقع عملاً فعلياً، وأشار الساعوري إلى أن الخطاب الأول في ظل حكومة الوفاق الوطني يعتبر تطوراً سينقل القضية من إطار النقاش والاتفاق السياسي إلى طور القانون المجاز من المجلس الوطني ليحول لمجلس الوزراء، وطالب الساعوري المجلس الوطني لالتقاط القفاز والمبادرة لتقنين مخرجات الحوار الوطني وجعلها وثيقة قانونية بدلاً من وثيقة سياسية بين الأحزاب والقوى السياسية.
الخرطوم: محمد أبو زيد كروم
صحيفة الصيحة