الحديث عن التمديد للرئيس .. جس نبض أم حوجة
الغبار الكثيف الذي غطي الساحة هذه الأيام، جاء بعد أن أخرجت «مجموعة مقربة من بعض دوائر اتخاذ القرار» الهواء الساخن ونادت بأن تفتح «الأبواب الدستورية» مجدداً حتي يتقدم الرئيس أمام منصبة الترشيح مجدداً، بحجة أن الرئيس ما يزال رجل المرحلة وهو من يستطيع قيادة السودان في مرحلة ما بعد التحسن المضطرد في علاقات البلاد الخارجية، والتطورات السياسية بعد تكوين حكومة الحوار الوطني، فضلاً عن خمود النزاعات في الأقاليم المضطربة.
تمكين جديدالطرح قوبل بالرفض من قبل المعارضة التي اعتبرته «مرحلة من مراحل التمكين للشمولية» لكنه ووجه بالصمت من قبل «حزب الرئيس» المؤتمر الوطني .. لكن المناداة بتعديل الدستور جاءت من داخل البرلمان عندما صرح رئيس لجنة التشريع والعدل، عثمان نمر، بأن الباب صار «مفتوحاً علي مصراعية» لتعديل الدستور لمنح الرئيس فترة رئاسية تالية.
نمر فيما بعد تراجع عن تصريحاته، وقال لـ»آخر لحظة» : ليس هنالك اتجاه يطالب بتعديل الدستور في الوقت الراهن بعد أن استنفذ الرئيس فرص الترشّح وفقاً للدستور الحالي، والبرلمان لايملك رؤية لتعديل الدستور ومعلوم أن الدستور لا يعدل إلا بموافقة ثلثى أعضاء الهيئة التشريعية أو بقرار من رئيس الجمهورية ، بدليل أنه لا توجد تعديلات متكررة على الدستور وآخر تعديل كان فى قضية الحريات.
لكن نائب برلماني آخر من أحد الأحزاب المتحالفة مع حزب المؤتمر الوطني « أصر علي عدم الإشارة إلى اسمه» أكد في حديث لآخر لحظة بأن دوائر داخل البرلمان ترغب في طرح مسالة تعديل الدستور حتي يتم التمديد للرئيس،أما داخل حزب المؤتمر فإن الأمر متروك لأجهزة الحزب، وهذا ما يمكن أن نستخلصه من حديث الدكتور نافع علي نافع عندما قال لصحيفة المجهر أمس الأول : مايثار من حديث عن ترشيح الرئيس من عدمه كلام «ساكت» وأن الحزب وحده من يحدد ذلك.
في المقابل، سبقت كتلة التغيير بالبرلمان غيرها من الكتل السياسية، وأعلنت علي الفور مناهضتها المسبقة لأي أتجاه لتعديل الدستور الحالي حتي يسمح للرئيس بالترشح لدورة أخرى، في هذا الصدد قال رئيس كتلة التغيير أبوالقاسم برطم لصحيفة التيار قبل يومين، أن الكتله ستقاوم أي إتجاه لتعديل الدستور من داخل البرلمان.الحاجة للتعديلأستاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية، راشد التجانى ذهب في حديث لـ»آخر لحظة» إلى أن الدستور عادة يتم تعديله من قبل الهيئة التي سوف يتم انتخابها العام 2020م وأي تعديل قبل ذلك التاريخ يحتاج لتوافق من لجنة الحوار الوطنى، والتي من المفترض أن تكون لها الأولوية على الموافقة وإلا سيعارض ذلك مبدأ التوافق الذي رضي به الجميع كمخرج من مخرجات الحوار الوطني.وبدأ التجانى ميالاُ الي فكرة تعديل الدستور، إذ أن المرحلة المقبلة حسب رأيه «فى حاجة ماسة للتمديد للرئيس لولاية ثالثة لضمان الاستقرار وفى حاجة لشخصية متوافق عليها من جميع الأطراف.
أضعاف الدستورالمحامى نبيل أديب يرى أن التعديلات الكثيرة على الدستور تقلل من وضعه كوثيقة لها مكانة خاصة وأن التعديل ينبغى أن لايمس أساسيات الدستور، والغرض من تحديد عدد فترات تولى الرئاسة في الدساتير عادة يتم لترتيب تبادل السلطة بطريقة سلمية ومنع شخص واحد من تولى السلطة لفترات طويلة مهما كانت رغبة الناس في ذلك.أديب، أشار الى أن التعديل والإصرار على بقاء شخصية واحدة لتولى الرئاسة لدورات عديدة يدل على أن الحزب ليس له قدرة على تولد قيادة جديدة، وهذا ينعكس سلبياُ على الحزب ويدل على أنه ليس لديه بدائل جديدة، وفوق ذلك فإن التعديل المتكرر لفقرات الدستور فيما يخص السماح للترشح لدورة رئاسية جديدة تتعرض مع فكرة تعميق المبادئ الدستورية وبقاء أحكامها لفترات طويلة حتي تتعمق فى قلوب المواطنين وفي المقابل فإن التعديل فى كل مرة يضعف من الدستور .
جس نبض« الذين ينادون بتعديل الدستور الحالي يهدفون من من وراء ذلك بقاء الرئيس لفترة أطول حفاظاً على مصالحهم» بهذا الاستهلال بدأ المحلل الاستراتيجي السفير الرشيد أبو شامة حديثه مع آخر لحظة وقال : إن الدستور الحالي لايسمح بتولى الرئيس دورة رئاسية جديدة، وإن من يقفون ويحركون هذا الأمر يقفون ضد رغبة الرئيس نفسه لأنه أكد أكثر من مرة عدم رغبته فى الترشح مرة أخرى.
أبوشامة أوضح، بأنه مهما كان أداء الرئيس ورغبة الشعب به يفترض أن يتم الالتزام بأحكام الدستور والفترة التى حددت فيه وأن لا يلجأ إلى تعديله وهذا هو المعمول به فى كل العالم ، وقال :إن عدم الالتزام بالقوانين والدستور وكثرت التعديلات فيه يصبح غير ذى فائدة ويفقد الدستور معناه بتعديل فقراته فى كل مرة ، وأضاف الدستور جاء ليكون هنالك تجديد والوضع يتطلب وجوه جديدة بافكار ورؤى جديدة .أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور الطيب زين العابدين المناداة ٍأي في فكرة تعديل الدستور محالوة لتفصل الدستور على الرئيس، واعتبر طرح الموضوع في هذا الوقت تحايل من حزب المؤتمر الوطني ومحاولة لجس النبض، وقال في حديث مع آخر لحظة: لا يوجد أى سبب لتعديل الدستور لأن الدساتير فى العالم تبقى عشرات السنين .
تقرير:ناهد عباس
اخر لحظة