نبش المقبرة
* تتكرر المسميات وتتشابه للمؤسسات والكيانات الحكومية التي تتناسل شهرياً، والغرض منها تكبير (الكيمان) وتضخيم وتفخيم النظام وحكومته الباحثة عن هويتها حتى اليوم.
وحتى لا أذهب بعيداً فأخذ مثالاً لذلك تكوين ما يسمى بمجلس الإعلام أو لجنة الإعلام لا أدري، ولم تسعفني الذاكرة لتذكر الإسم الصحيح للجسم الجديد الذي تم اختيار عناصره بعناية.
* ولكن ما أعلمه انه تم تكليف بعض الأشخاص بمسؤوليات أكبر بكثير من إمكاناتهم أو مؤهلاتهم أو حتى خبراتهم، ولكن بالطبع إذا عُرف السبب بطل العجب
* شخصياً لا أتمنى ولن يحدث أن أتولى منصب إعلامي وآكل منه عيش على حساب المواطن المسكين الذي ينتظر مني الحقائق التي تفتح عينه على الكثير من الحقائق المخفية، فكيف أخون الأمانة بقلب بارد ودون أن ينكأ ضميري شيئاً من ما يُكتب أو يُسمع أو يُقال.
* وأعني هنا بعض قيادات الإعلام التي أتت في غفلة من الزمن لتتربع على عرش صحافة كانت ملء السمع والبصر قبل أن يأت عليها (غربان) ما يُسمى بالمشروع الحضاري أو الإستثماري بمعنى أصح.
* إذ لا يعقل أن تأتِ عناوين كل الصحف السودانية الصادرة في يوم واحد بعنوان واحد أو خبر واحد، أو تكذيب لخبر أو حادث واحد، دون أن يعوا بذكاءهم المسلوب أن للقارئ عقل واحد أيضاً يستطيع أن يُميز به الطيب من الخبيث.
* نتوقع دائماً أن تتسابق صحف الخرطوم لإدانة فعل أو جرم كبير تسببت فيه الحكومة ومنسوبيها، إلا أن خيبة الظن تظل حاضرة، ظني والسبب معروف.
* وتوقعت أن يخرج قادة الرأي في معظم صحفنا اليومية لرفض ما يحدث من ظواهر سالبة تهدد أمن المواطن والمجتمع، وأعني هنا ظواهر التسول في الشوارع العامة، والأخطاء الطبية التي فتكت بربع الشعب السوداني، وظاهرة إستشراء أمراض الفشل الكلوي والسرطان، والعنف في الجامعات، وكشف أسرار أو حتى تناول لبعض وليس كل اسرار وحقائق بيع خط هيثرو، وإندثار طيبات الذكر (الخطوط الجوية والبحرية السودانية، وسكك حديد السودان)، وأيضاً فتح ملفات التقاوي الفاسدة وفشل مشروع القطن المُحوَر وراثياً بعد أن وجه رئيس الجمهورية بتعميم هذه الفكرة على جميع المشاريع المعنية بالسودان.
* تمنينا أن يفتح لنا (جميع) قادة الرأي أبواباً ظلت مغلقة لسنوات مطالبين بالكشف عن بؤر الفساد داخل مؤسسات الدولة، وعن تقارير المراجع العام للدولة والذي يكشف في كل صباح إستيلاء شركات بعينها ومؤسسات للمليارات من أموال الشعب، وعن رفض البعض الآخر ممن طالته شبهة فساد في المراجعة، وعن الجهات المتورطة في إستيراد (حاويات الهيروين) والسموم التي تحط رحالها بميناء بورتسودان، ولا أحد يعلم ماهو مصيرها أو أين تذهب بعد أن يتم الكشف عنها، لنكتشف بعد فوات الأوان إمتلاء الشوارع السودانية بها ولم تسلم منها الجامعات والمدارس، كل هذه القضايا وغيرها بالطبع تنتهي بإنتهاء (مراسم النشر)، ولن يجرؤ أحد بالتأكيد على (نبش المقبرة) التي شهدت الدفن.
* الإعلام مسؤولية لا يقدر عليها من كان في قلبه ذرة من ولاء أو إنتماء مشبوه، ولا من كان يؤمن بأن ما يُكتب يجب أللا يتجاوز حدود ما هو مرسوم له من قبل السلطة الحاكمة.
*الإعلام مسؤولية عظمى ورسالة مقدسة لها وضعها وكلمتها في المجتمعات المتقدمة حتى ولو كانت (كافرة)في فقهنا، ولكنها في المجتمعات المسلمة صارت من الكبائر.
* رحم الله بعض الأقلام الحرة وقادة الرأي الحقيقيين على قلتهم والذين باتوا يشكلون لنا نبراساً نهتدي به في ظلام من كنا نعتقدهم (منقذين).
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة