رأي ومقالات

السودان والطاقة الشمسية

سررت لقراءة خبر تفاوض السيد مبارك الفاضل وزير الاستثمار مع شركة نرويجية حول رغبة السودان في بناء مشروعات ضخمة للطاقة الشمسية . وهو توجه ينبغي ان يمضي فيه السودان الذي يعتبر من اضخم الدول التي تملك موارد طاقة شمسية في العالم من حيث كمية الاشعاع ومن حيث المدة الزمنية لسطوع الشمس .

غير أن هناك ملاحظات حول الخبر، أولها أن سوق الطاقة الشمسية سوق حافل بالتطورات من حيث اسعار الطاقة المقدمة، وهناك تنافس كبير بين الشركات لتقديم اسعار وعقود افضل . وطريقة استجلاب شركة واحدة والتفاوض معها ليس طريقة مثلى للبحث عن افضل اسعار وافضل شروط في اطار power purchase agreement (PPA) . ومن الافضل دراسة تجارب الدول التي سبقتنا في المجال مثل الصين والهند والمغرب .

وتعتبر تجربة المغرب هي الافضل لنا، حيث كون المغرب قبل الدخول في مجال التعاقد لبناء محطات طاقة شمسية وكالة مختصة في الطاقة الشمسية “MASEN” اوكل لها مهمة اعداد المشروعات المطلوبة، والاعلان عن طلبات العروض لاختيار افضل الشركات، وتكوين اللجان المختصة لدراسة العقود من جوانبها المالية والقانونية والتقنية والاستراتيجية، ومدى مشاركة الشركات المغربية في التنفيذ … الخ . ويمكن من خلال دراسة تجربة المغرب ان نعمل على بناء وكالة شبيهة، او مجلس، يضع بنيات راسخة لمشروعات الطاقة الشمسية وبقية الطاقات المتجددة.

مسألة ثانية مهمة :هل من الافضل بناء مجمعات طاقة ضخمة ام مشروعات صغيرة لكل مدينة ولكل تجمع سكاني.
إن من مشكلات السودان وجود عدد كبير من السكان خارج نطاق تغطية شبكات التوزيع الكهربائي، لضخامة السودان وتباعد المناطق والسكان خاصة في المناطق الريفية .

والمجمعات الضخمة للطاقة الشمسية ستكون قاصرة بسبب قصور شبكة التوزيع . بينما وجود محطات صغيرة خاصة بكل مدينة وبكل تجمع سكاني يتجاوز مشكلة شبكات التوزيع.

شركة سكاتيك التي تفاوض معها السيد وزير الاستثمار بنت مجمعا مشابه لنفس المجمع الذي طلبه الوزير في مصر بطاقة 400 ميقاواط وبكلفة 450 مليون دولار. لكن من الممكن الحصول على عروض افضل لو طلب السودان عروض دولية لبناء محطات طاقة مفتوح لكل الشركات.

المسألة الثالثة هي هل الافضل الدخول في تعاقدات شراء الطاقة لمشاريع طاقة شمسية ضخمة ولمدد زمنية طويلة الان ام يستحسن الانتظار ؟ يلاحظ ان وتيرة الاختراعات والاكتشافات وتحسن اداء وكفاءة اجهزة الطاقة الشمسية وتدني اسعارها أصبحت تتسارع بوتيرة تقارب قانون مور بالنسبة لاداء واسعار الرقائق ومعالجات الكمبيوتر . وهناك تنافس شديد بين الالواح الشمسية والاجهزة الحرارية الضوئية التي تعتمد لانتاج الكهرباء على مزيج الحرارة والضوء وهو الانسب لمناخ السودان، وانتجته شركات استرالية قدمت بسببه ادني الاسعار . لذا من الافضل سد الحاجة من الطاقة بصورة متريثة وعدم الوقوع في مصيدة تعاقدات طويلة الاجل يتم تجاوز اسعارها بصورة كبيرة في المستقبل. والله الموفق.

د. عادل عبد العزيز الفكي

adilalfaki@hotmail.com

‫2 تعليقات

  1. قد اسمعت حيا ولكن حياة لمن تنادى راي الخبراء والمتخصصين في هذا المجال مهم جدا ويجب عدم التسرع

  2. نحن نتأثر ولانؤثر في الأحداث ، حيث أن الدول الدول التي تشارك في المنتديات المتخصصة تستفيد من الإنجازات وتسعى لجلب الأبحاث والتجارب إلى أرضها فقد قامت ألمانيا منذ ثمانينات القرن الماضي بإجراء أبحاث في المنطقة العربية وأمريكا الجنوبية دون أن تتحمل تلك الدول أي تكاليف بل الإستفادة من المنشآت البسيطة التي تم تركيبها . يقول محاذير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق بأن السودانيين أكثر الناس سؤالاً عن التجربة الاقتصادية الماليزية ولكنهم لم ينفذوا أي شيء !! إنعقد أمس مؤتمر بون للمناخ وكانت أهم التوصيات التركيز على إستخدام الطاقة النظيفة لخفض الانبعاث الحراري الذي بلغ مستويات لم تبلغها منذ مئات السنين ووضح تأثيره الخطير على المناخ فقد أصبحت الأعاصير أكثر قوة وتدميراً وكذلك الفيضانات وفي السودان إزداد الزحف الصحراوي والتصحر والتعرية فقد تناقص الغطاء النباتي بصورة كبيرة ففي ولايات نهر النيل والشمالية توقفت المشاريع الزراعية على جانبي النيل بسبب نقص الطاقة التي كانت تعتمد على الديزل أما الآن فإن الزحف الصحراوي وصل إلى مجرى النيل . هذا من ناحية التأثير البيئي ولكن حتى الآن تكلفة إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري ، البترول ، الغاز ، الفحم أقل من تكلفة إنتاجه من الطاقة الشمسية بمقدار الثلث تقريباً والأبحاث مستمرة لخفض التكاليف . هناك شركات صينية متطورة في هذا المجال ونتحدث بإستمرار عن الشراكة الاستراتيجية مع الصين والوقت يمر ولا نرى أي مشروعات ذات قيمة إقتصادية بعد البترول . وبما أن الأبحاث لن تتوقف عند حد فمن الأفضل الدخول في التجربة ومواكبة التطورات وإكتساب الخبرات المتراكمة والتدريب والتي سوف تؤدي إلى إيجاد كوادر وطنية وربما إستثمارات لتصنيع أجزاء ومكونات الطاقة الشمسية بالبلاد فهناك فعلاً بعض المصانع الصغيرة لتصنيع ألواح المرايا . مشروع شمس دبي بالإمارات من أضخم المشاريع في هذا المجال ويجرى الآن تشغيله لتوصيل الطاقة الشمسية لكل المباني بإمارة دبي بحلول عام 2030م بعدما أنشأت الإمارات أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم ، ففي وجود الفرص الكبيرة للسودان في هذا المجال ليس من الحكمة التفكير في الحصول على مفاعلات نووية للاستخدام السلمي فإنها حتى ولو كانت للاستخدام السلمي فإن خطرها كبير حتى بالنسبة للدول المتقدمة مثل اليايان وروسيا فهناك حوادث مرعبة وقعت في تلك الدول ما زالت آثارها المدمرة مستمرة .