مقالات متنوعة

شفوت المؤتمر الوطني


* لأكثر من مرة تتجدد مطالبات ضحايا حرب الخليج الثانية من السودانيين والظروف الإنسانية البائسة التي يعيشونها، ومعروف أن حرب الخليج الثانية التي غزا فيها صدام حسين الكويت كانت في العام 1990.
* وكثيراً ما شاهدنا وقفات احتجاجية ومطلبية لهؤلاء المتضررين الذين خرجوا من الكويت بملابسهم، وتركوا كل مدخراتهم (وشقا العمر) لسنوات وراء ظهورهم، لم يكن في حسبانهم إلا العودة لحضن الوطن الدافئ والاحتماء به من رمضاء الحرب التي ابتلعت كل شيء خلفهم.
* لم يكن يظن هؤلاء أن حضن الوطن لم يعد هو ذات الحضن الدافئ، بل أصبح حضناً طارداً، ممتلئاً (بالضريسة والحسكنيت)، بعد أن إستلم زمام الأمور فيها من لا يخافون الله في بشر، ويأتون بما لم يأمر به الله تحت مسمى هي لله.

* المتضررون أدخلوا أبنائهم وبناتهم المدارس السودانية والجامعات، وطمعوا أكثر باستيعابهم هم أنفسهم كأصحاب خبرات تراكمية ورصيد وافر من المعرفة في الخدمة المدنية أو حتى المؤسسات الخاصة.
* وكان العشم أن تلحق بهم ممتلكاتهم أو على أقل تقدير، (فوائد ما بعد الخدمة)، ليكيفوا بها أوضاعهم الجديدة ويمتصوا بها آثار الصدمة والكارثة التي أحاقت بهم، ولكن، وبدلاً عن ذلك انطبق عليهم المثل القائل (لا كرامة لنبي في قومه)، إذا تنصلت الحكومة عن استيعابهم، فمنهم من قنع وأصبح سائقاً لحافلة أو بص في الخطوط العامة أو ركشة، ومنهم من عمل بقالاً أو بائعاً للخضار، ولا زالوا يلاحقون الحكومة التي تنصلت عن وعدها بتسليمهم مستحقاتهم التي صدقتها الأمم المتحدة، وتم صرف القليل منها قبل 20 عاماً، بينما ظلت بقية التعويضات في علم الغيب.
* المتضررون الآن يعيشون أوضاعاً سيئة تختلف من شخص لآخر، ولا زالوا يطالبون بالبقية.

* وخلال العشرين عام السابقة يأتي من يقول لهم في كل مرة اقترب الموعد، ولا يقبضون غير السراب، وكم من مرة حضر البعض من الأقاليم لصرف تعويضاتهم ليفاجأوا بأنها مجرد اشاعات، ومنهم من قضى نحبه دون أن يقبض مليماً.
* قبل أكثر من عام، خرج دكتور كرار التهامي، أمين عام جهاز شؤون العاملين بالخارج في قناة الشروق ليحلف بالله أن كل التعويضات للمتضررين قد وصلت السودان ولكن ممسوك عليها بيد نافذين في الحكومة.
* ولكنه لم يكن شجاعاً بالقدر الكافي ليحكي لنا من هم هؤلاء النافذون؟ ولماذا يمسكون بها؟، وكيف لأموال حددتها الأمم المتحدة (الكافرة)، لهؤلاء المتضرريين، ينهبها ويستغلها (المسلمون) ؟ ولمصلحة من؟
* أسئلة في غاية الأهمية، والإجابة عليها يجب أن تكون من أعلى قيادة الدولة، ليعرف هؤلاء الذين أفنوا شبابهم بحثاً عن لقمة عيش كريمة لهم ولأبنائهم والمصير الذي ينتظرهم، وحتى يستطيعوا أن يكملوا ما تبقت لهم من أيام بعيداً عن نيران الانتظار القاتل.

* الأمم المتحدة نفسها مطالبة بالكشف عن مصير تعويضات هؤلاء المتضررين ولمن وصلت وكيف ومتى تم استلامها؟ لأن التضليل والضبابية التي تتعامل بها الحكومة في قضايا المال، معلومة للجميع، ولكنها هذه المرة يجب أن تكون بعيداً عن أموال خاصة بالمواطنين ويكيفهم جداً (المال العام) الذي لم يشبعوا منه بعد، رغم تجفيفهم للخزينة العامة.
* أموال متضرروا حرب الخليج مثل السحت، ستأتي على كل من يمد إليها، أما المال العام فقد بات سائباً ومستباحاً لكل عابر سبيل من شفوت المؤتمر الوطني أو حلفائهم.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة