الضيق ونشاف الريق
حكومة غريبة في كل شيء، ولدت من رحم نظام أغرب، لذا فمن من الطبيعي ان تأت كل سياساتها شاذة وتصريحات منسوبوها ساذجة وفطيرة و(مشاترة) دائماً، لتؤكد انها في وادٍ والشعب في وادٍ آخر.
واذكر هنا تصريح غير لائق ومستفز، لوزير المالية السابق بدر الدين محمود وهو ينتقد هجرة بعض السودانيين إلى الدول الأخرى، وهي الهجرة القسرية التي يصنعها النظام من خلال سياسة (التضييق لزوم نشاف الريق).
و(نشاف الريق) يعاني منه السواد الأعظم من الشعب بسبب الوضع الاقتصادي المائل وما ترتب عليه، ليأت التصريح المستفز من الوزير والذي طالب فيه المواطنين بالتضحية والصبر من أجل الوطن، (على حد زعمه)، ومخففا دمه بأن (السودان ظريف لكن داير المصاريف).
بالفعل سيدي الوزير الهمام، السودان ظريف، وظريف جدا كمان لكن داير مصاريف، ولكن من أين له بالمصاريف، والمصاريف عند السلطان، والسلطان عاوز عروس، والعروس عاوزة المفتاح، والمفتاح عند النجار، والنجار عاوز فلوس .. الى نهاية القصة المعروفة ..!!
فالمصاريف معالي الوزير دورتها طويلة، وإستقطاعاتها متعددة ووهمية لتصل يد المواطن ملاليم رغم أنها جاءت نتيجة (لخدمة يمين وعرق جبين)، وبالكاد تغطي أبسط إحتياجاته لمدة عشرة أيام فقط، ما جعل الجميع يتساءل عن القوة الآلهية التي جعلت من كل الشعب السوداني (حاوي)، ليكمل بقية الشهر دون مصاريف بعد ان دخل الجنيه السوداني في غيبوبة لا أنتم ولا غيركم يعلم متي يفيق منها.
والمواطن لم يغادر وطنه بخاطره، ولا أعتقد أن هناك من يهن عليه مغادرة أهله وأحبائه ومفارقة تراب وطنه ومرتع طفولته وصباه بحثا عن الحب والسلام والطمأنينة في بلاد أخري، فكل هذه لا تتوفر له إلا في أحضان وطنه، ولكنها سياساتكم العقيمة، وإستئثاركم (بالكيكة) وترك الفتات للكل.
وهناك حل واحد لا ثانٍ له إن كنت تريد حقا للمواطن الصبر وعدم مغادرة تراب الوطن، وهو ان تقوموا يرحكمكم الله (بلملمة أطرافكم) ومغادرة البلد فورا حتي يعود المهاجرين لديارهم، ويبقي بالوطن من لديه نية الهجرة، وحتي ينعم بقية الشعب المحروم من كافة حقوقه بنعمة الطمأنينة والإستقرار والسلام.
المواطن لم يكن في حاجة إليكم، فكل ما قدمتوه للوطن ومنذ 28 عاما فشل متتالي، ولم يعد بمقدور أحد الثقة بكم مجددا، ولا بسياساتكم التي وأدت كافة مشاريع التنمية والمرافق الخدمية التي كانت تقف شاهدة على عظمة وإمكانات السودان.
فمحمود يطالب في تصريحه، الباحثين بالنظر لخيرات البلاد التي تحتاج لتحريك وتوجيه منهم لمشاريع التنمية، ونسي أو تناسى أن مشروعات التنمية التي يتحدث عنها أصبحت (جنازة بحر)، ولا أمل لإنعاشها من جديد في ظل وجود هذا النظام، لأنه خطط ومنذ البداية لتفكيك كل المشاريع المرتبطة إرتباطا مباشرا بالمواطن(الصابر)، خشية (النقابات) صاحبة النفوذ القوي آنذاك، والتي كانت اساس كل عصيان مدني يمكن أن يطيح بأقوى الأنظمة، وفي سبيل ذلك فلتحرق روما.
وبدلا عن نصح المواطن وتقديم الإرشادات الفطيرة له، عجلوا ووقعوا علي دفتر الانصراف الذي انتظركم كثيرا على بوابة الخروج وأنتم مشغولون بسن قوانين تبيح لكم التبتل في محراب الفشل والفساد والاستبداد.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة