سد النهضة والـ: BBC

«1»أمسية الأحد وفي السابعة ودقيقتين مساءً، اتصل بي مقدم برنامج «نقطة حوار» في قناة «BBC» يطلب مشاركتي في البرنامج حول «سد النهضة» والضجة المثارة الآن في القاهرة، وقد رددت عليه بالايجاب، وطلب مني ملمحاً عما سأقوله، فقدمت له اطاراً عاماً، وأصر على تفاصيل أدق وهو يردد ان الرئيس السيسي قال «ان المياه قضية حياة أو موت»، وأضاف هذه لهجة تصعيدية، وقلت له ان «المياه قضية حياة وموت» صحيح لدى مصر ، والسودان يقف مع مصر ولذلك لم يتم التوقيع على اتفاقية عنتبي، أما قضية سد النهضة هذه فإنها تختص باستخدام المياه لأغراض الطاقة ، وسرحت أفصل له في أبعاد الموقف السوداني، وأردفت ومع ذلك فإن ما يثار في الإعلام المصري لا أساس له من الواقع، لأن اللجنة الوزارية التي اجتمعت في القاهرة، ناقشت منهجية عمل الاستشاري والقواعد الأساسية، خلاصة الأمر، إن مقدم برنامج الـBBC، طلب مهلة 45ق واختفى، ويوم الاثنين أمس الأول شاهدت الحلقة وعرفت لماذا تم تغييب الحقيقة.. وأسفت لحالة المحطة ذات التاريخ المهني العريق.
«2»
إن قضية سد النهضة الآن، يتم اختطافها في الإعلام المصري، ونتعامل معها في الإعلام الرسمي بلا مبالاة، وتغيب كثير من الوقائع ، ويبدو أن الحملة المصرية وعبارة «مياه مصر قضية حياة أو موت» ذات أبعاد أخرى من الضروري الوقوف عندها.
وأول الحقائق، إن اللجنة الوزارية كانت تناقش منهجية عمل الاستشاري، وهو اجتماع يأتي امتداداً لاجتماع أديس أبابا ومقترحات السودان في هذا الشأن، وعليه فإن السودان لم يرفض التقرير لانه لم يكن هناك تقرير اصلا ولم ينحز إلى طرف وانما قدم رؤية رد عليها كل طرف بملاحظات وطلب الطرف المصرى مهلة للتشاور وبدلا عن العودة بالرأي، تم شن حملة واسعة ضد السودان.
وثانيها: إن سد النهضة، غايته تنموية وتوليد الطاقة فقط ، وهو لا يؤثر في حصص أي دولة ، وربما يمكن للسودان أن يتوسع في الاستفادة من حصته من المياه ، حيث يوفر الخزان دورة زراعية ثلاثية المواسم ، وذلك من خلال التدفق الدائم للمياه، فهل تسعى مصر إلى حرمان السودان من حصته المائية؟ والتى كانت تصل الى مصر نتيجة محدودية السعة التخزينية فى السودان؟
وثالثاً: فان أمر قسمة المياه، وبناءً على اتفاقية 1959م، هو بين بلدين «مصر والسودان»، وقدمنا مصر لأنها الأكثر استفادة من الاتفاقية، وهي اتفاقية ظلت محل نظر من كل الحكومات الوطنية السودانية، وتعارضها كل الدول الافريقية، وخاصة اثيوبيا، والاتفاقية نفسها تحدد مياه النيل كافة وسد النهضة على النيل الأزرق..
وبناءً عليه، فان الموقف المصري يبدو مرتبكاً أو ربما نتاج مواقف سياسية داخلية مرتبكة أو يمكن إدراجه ضمن قرائن أخرى.
«3»
ان قضايا المياه، تحل من خلال التفاوض ، واتفاق المباديء الموقع بين البلدان الثلاثة «السودان واثيوبيا ومصر» مارس 2015م، حدد آلية فض النزاعات من خلال الاتفاق الثلاثي ورفع الامر للقيادة والتشاور، وعليه فإن التصعيد الإعلامي، وهذه «الهتافات» المصرية فوق إنها لا تعبر عن الحقيقة فإنها لا تقدم حلولاً أو مقترحات ، ومن الأوفق للاخوة في مصر، إدارة حوار وعرض الآراء والمعلومات والحقائق، وهذه الحملات الإعلامية تزيد الشحناء بين أبناء البلدين ولا تخدم غاية أو هدفاً.
والسودان أسهم بمواقف ايجابية كثيرة لصالح مصر ولصالح الإقليم، وتم إدارة ملف المياه هذا بروح الحياد والمصلحة العامة، والأدلة كثيرة، ومن خلال ملف هذا السد فقد تحققت نقلة جيدة في كافة عناصره، ومع ذلك فإنه غير مستعد للتضحية بحقوقه وفق اتفاقية مياه النيل للعام 1959م، مع كل اجحافها.
والله المستعان








السياسة المصرية اتخذت من سد النهضة قضية لتوحيد جبهتها الداخلية وصرف المواطن عن القضايا والاشكالات الداخلية العظيمة الاخرى وهي تتفنن وتتلون وتخوض حرب في غير معترك