استشارات و فتاوي

هل يجوز الإقتباس من القرآن؟


السؤال
السلام عليكم، هل يجوز أن نردد هذا البيت:

يا من أساء فيما مضى ثم اعترف ** كن محسنا فيما بقى تجز الغرف

وانظر لقول الله في تنزيله **إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

أم أنه لا يجوز أن ندخل الآية في بيت شعر؟؟

الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فهذا النوع من الأدب يسميه العلماء اقتباسا، وقد استدلوا على جوازه بأن النبي صلى الله عليه وسلم حين كتب إلى هرقل عظيم الروم كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، كان مما كتب فيه قوله تعالى {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله} رواه البخاري، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين دخل خيبر «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» رواه مالك والشيخان، قال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث جواز الاستشهاد بالقرآن فيما يحسن ويجمل.ا.هـــ وما رواه الترمذي وحسَّنه عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» وفي يوم الفتح جعل صلى الله عليه وسلم يطعن الأصنام وهو يقول «جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد. جاء الحق وزهق الباطل»

قال السيوطي رحمه الله في الحاوي: وأما الاقتباس في الشعر فلم ينص عليه متقدم و أصحابنا مع شيوعه في أعصارهم واستعمال الشعراء له قديماً وحديثاً، فسكوتهم على ذلك وعدم نصهم على تحريمه يدل على أنهم رأوه جائزاً كضرب الأمثال والاقتباس في النثر، وأصرح من ذلك أن جماعة من أئمة المذهب استعملوه في شعرهم قال الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقات في ترجمة الأستاذ أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي أحد كبار الأصحاب وأجلائهم من شعره قوله:

يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف

ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف

أبشر بقول الله في آياته

إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

قال ابن السبكي: استعمال مثل الأستاذ أبي منصور مثل هذا الاقتباس في شعره فائدة فإنه جليل القدر، وبعض الناس بحث أنه لا يجوز، وهذا الأستاذ أبو منصور من أئمة الدين، وقد فعل هذا وأسند عند هذين البيتين الأستاذ الحافظ أبو القاسم بن عساكر وهما حجة في جواز مثل ذلك. قلت: وروى البيهقي في شعب الإيمان عن شيخه أبي عبد الرحمن السلمي قال: أنشدنا أحمد ابن محمد بن يزيد لنفسه:

سل الله من فضله واتقه فإن التقي خير ما يكتسب

ومن يتق الله يجعل له ويرزقه من حيث لا يحتسب

فإسناد البيهقي هذا الشعر وتخريجه في مثل هذا الكتاب الجليل يدل على أنه يجوزه، وقد استعمله أيضاً الإمام الرافعي وناهيك به إمامة وجلالة وورعاً فقال: وأنشده في أماليه ورواه عنه الأئمة:

الملك لله الذي عنت الوجوه له وذلت عنده الأرباب

متفرد بالملك والسلطان قد خسر الذين يحاربوه وخابوا

دعهم وزعم الملك يوم غرورهم فسيعلمون غداً من الكذاب

واستعمله أيضاً شيخ الشيوخ الحموي، وابن الوردي، وجمع من المتأخرين آخرهم الحافظ ابن حجر. وقال التقي بن حجة: الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول، ومباح، ومردود، فالأول ما كان في الخطب والمواعظ والعهود. والثاني ما كان في الغزل والرسائل والقصص. والثالث ما كان في الهزل والخلاعة. والله تعالى أعلم
#فتاوي_الشيخ_عبدالحي_يوسف


تعليق واحد

  1. لا ارى مانعا في الاقتباس ولكن الاية بدأت ب “قل” فعل الأمر من قال و كان من الامانة العلمية ايراد ملمة قل و ان كانت لا تخدم اتجاه الفتوى و تضعفها و هذه هي شبمة الوهابية و الكيزان يخرفون الكلم عن مواضعه و يتخابثون
    ……….
    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ