تحقيقات وتقارير

الصحافة بالسودان .. (الورّاقون) في وجه (العاصفة الإسفيرية)

تـقرع (الصحافة الورقية) ناقوس الخطر،وهي تـقارِع من تنافُسٍ قد يُــهدِد عرشها إذ تُعايش وقائع ربما تؤثر علي مُستقبلها وترسُم صورة مُغايره لها مع مُجابهة تحديات الصناعة الورقية وإنخفاض سقف الحُريات بالبلاد بازدياد مُعاناة( الصحافة الورقية).
ويشير التقرير السنوي عن طباعة وتوزيع الصحف لعام 2016م الصادِر عن (المجلس القومي للصحافة والمطبوعات) بالسُّودان، إلى إنخفاض واضح في الكمية المطبوعة والموزعة للصحف السُّودانية بتخصصاتها المختلفة، من صحف يومية سياسية،رياضية وإجتماعية، والتي وصلت في مجملها إلى 44 صحيفة .

فقد ذكر التقرير أيضًا أنَّ هذا الإنخفاض يسير بصورة تصاعُدية مُنذُ عام 2012م بنسبة وصلت إلى 21% بين عامي 2015م – 2016م وحدهُما.

وبالتركيز أكثر على الصُحُف اليومية البالغ عددها 25 صحيفة؛ يشير التقرير إلى أنهُ تم توزيع 36 ألف نسخة يومية عام 2016م مُقارنةً بما يُـقارِب 45 ألف نسخة في 2015م .
ويُمثِل هذا مُعدل قراءة يومية يبلُغ 11 نسخة لكُل ألف من السكان في عام2015م،مُقارنةً بـمُـعدل قراءة يومية يُعادِل نُسختين لكل ألف من السكان في 2016م،وهذا يُعد مؤشِرًا واضِحًـا على محدودية توزيع الصُحُف التي ما زالت تصِل إلى المواطنين.
كذلك فان مـُجي الإعلام الرقمي – الـمُتمثل في وسائط التواصل الإجتماعي،الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية الـمُتخصصة- معهُ بحزمة من الإيجابيات التي تسببت في هزة لعرش الصحافة التقليدية،فــتُـغير عادات القراءة وتحول الـمُستهلكين من شراء الصُحُف إلى شِبه مجانية الأخبار والمعلومات، أدت إلى خفض عوائد الإعلانات نتيجة لإحجام الـمُعلنين لعدم وجود سوق لـمُنتجاتِــهِـم.

بينما مايزال البعض يري أنَّ (مواقع التواصل الإجتماعي) و(المواقع الإخبارية) الأُخري لم تؤثر كثيرًا علي منتوج (الصحافة الورقية)،هذا الراي حملتهُ إفادة رئيس تحرير موقع (باج نيوز) الإلكتروني،الأستاذة لينا يعقوب لـــ(الصيحة) ،حيث تقول : ( أنَّ الصحافة الورقية قادرة علي الإستمرار والـمُنافسة برُغم من مجموعة العقبات والتحديات التي تعتريها من وقت لاخر سوء إرتفاع مدخلات الإنتاج الإقتصادية من ” الورق – الحبر – البيئة المهنية كذلك ” وتاثر ماسبق بالعوامل السياسية وانخفاض سق الحريات في دولة مثل السودان ولكن تظلالصحافة الورقية مصدر اساسي لمواقع الإلكترونية في إقتـناص الأخبار بل والتاثير أيضًــا في إتخاذ قرار علي مستوي الدولة،ولعل من بين أهم تأثيرات هذا التطور المخاطِر التي يمكن أن تُهدِد مُستقبل الصحافة الورقية بسبب إرتـفاع تكاليف الإنـتاج والتوزيع وتناقُص المواعين الإعلامية التي تستمد منها الصُحُف أسباب بقائها و‘ازدهارها علاوة على تراجع مقروئيها لدى القراء عموما والشباب بصفة خاصة، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة وسيلة إعلامية مؤثرة جدًا في كشف الحقائق والمعلومات خاصة “تطبيق الواتساب” حيثُ أثارت قضايا كبيرة ) .

ويوضح رئيس تحرير صحيفة الأخبار الصادرة مؤخرًا مصطفي أبو العزائم لـــ(الصيحة) بقولِهِ :
(أنهُ بالتاكيد أصبحت صِناعة ـــــ أي الصحافة الورقية ــــ باهظة الثمن في دولة مثل السودان تعيش في العالم الثالث،بينما الصحافة مجابهة بعده تحديات منها إقتصاديات الإنتاج وقله الإعلام برغم من نظرة المعلن والتي يتضجر من وقت لاخر بسبب تكاليف الإعلان) .
فالصحافة تقوم علي ساقين أساسين ــــ الحديث مايزال لــ(أبوالعزائم) ـــــ الأول التوزيع والثاني الإعلان، وشدد أبوزالعزائم بالقول : (بالرُغم من التطور الـمُطرِد للعالم والتدفق الهائل لمعلومات، لكن ستظل الصحافة الورقية محل إحتفاظ وإحترام وتداول لدي الكثيرين، كما حدث عندما ظهر الراديو فكان الناس يقولون بان الصحافة سوف تندثر وتزول) .
ويقول نقيب الصحافيين السابق د. محي الدين تيتاوي لـ(الصيحة) : ( إنَّ وسائل الإعلام الجديدة، لا تؤثر بصورة فيها خطورة على الصحافة الورقية، بقدر ما هي إضافة لها، من خلال إستخدام التقنيات)، مُبينًــا أنَّ الصُحُف الورقية، شريك أساسي في صناعة الأحداث، التي تعُجُ بها المنطقة ومنها الربيع العربي مستدل بالتاريخ الطويل لصحافة الورقية علي مستوي العالم والبلدان شرق أوسطية، ويمضي (تيتاوي) مُطالِبـًـا بضرورة تكثيف الجهود لصالح النهوض بالعمل الصحفي بـ(السُّودان) وتطوير الصُحُف حتي تستطيع المواكبة والإستمرارية في وجه “عاصفة الإنفتاح” الكبير عالميا وإجتياح الوسائط الحديثة لـمُعظم البُلدان .
بيد أنَّ الـمُلاحِظ خلال الأيام الفائتة صدور أربعة صُحُف ـــورقية ـــ جديدة في الساحة السُّودانية ،رُغُم مايعتلي هذِهِ الـمِهنة من مُهددات وعوائق إقتصادية وسياسية،وما أُثير مؤخرًا من تعديل حول “قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م” وحديث جُل الصحفيين والناشرين عن تضيـيق مُحتمل قد يطال الصحافة في مُقبل الأيام حال إجازتِهِ بتلك الصورة من قبل (البرلمان السُّوداني) .

الخرطوم: الهضيبي يس