رأي ومقالات

مارك وليس محافظ بنك السودان، هو من يتحكَّم في مُؤشِّرات سعر الدولار مقابل الجنيه


(البلد ماشَّه على وين)؟!

-1-
الحقيقة الوحيدة التي لا يُمكن نفيها أو التَّشكيك في صِحَّتها، أن مارك وليس حازم عبد القادر، هو من يتحكَّم في مُؤشِّرات سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني!
مارك زوكربيرغ، مُؤسِّس موقع الفيسبوك، أكبرُ موقعٍ للتواصل الاجتماعي في العالم.
من صباح الرحمن، تجد على الفيسبوك، أسعاراً افتراضيةً للدولار، ارتفاعاً وانخفاضاً.
حتى سؤال (يا جماعة هل الدولار وصل 40؟!) – هذا السؤال الاستفساري – يتحوَّل إلى معلومة مُعتمدة، تُؤسَّس عليها قراراتُ البيع والشراء في السوق الأسود.
-2-
مع مواقع التواصل الاجتماعي: الحقائقُ لا تُكتشف، ولكنها تُنتَج وتُصنَع.
كُلُّ واحدٍ منَّا يُنتج الحقيقة التي يُريدها: من يُطلق شائعة ارتفاع الدولار، ومن يُرسل شائعة مُضادَّة بانخفاضه.
الحقائق الافتراضية الرائجة في الأسافير، أصبحت أقوى من الحقائق التي يُنتجها الواقع.
في كُلِّ مكانٍ نذهبُ إليه، تُحاصرنا أسئلة القلق والتوجُّس: (يا أستاذ البلد دي ماشَّه على وين؟!).
ولا أظنُّ أن أحداً يملك الإجابة عن هذا السؤال، فللأسف الذين عليهم الإجابة بحُكم الواجب والتكليف ومُقتضيات الظرف الخانق؛ يلوذون بالصَّمت.
أما إذا فتح الله عليهم بكلماتٍ، فهي مُقتضبةٌ ومُبهمة، تزيدنا ارتباكاً وحيرةً، وتزيد الدولار قُوَّةً وعنفواناً أمام الجنيه المعتل الصحَّة المائل الحال.
-3-
قبل شهرين، أرسلناها رسالةً ناصِحة من هذه المساحة، على بريد وزير المالية الفريق الركابي:

لا تختبئْ في الصمت، فقديماً قالوا: المرء مخبوءٌ تحت لسانه؛ ولا تَحْتَمِ من الإعلام بصرامة القسمات وتقطيب الجبين.
تحدَّث لنعرفك.
فأنت لا تُدير متجراً خاصاً، المالية وزارة الجماهير، حياتهم ومعاشهم ورزق أبنائهم، فلهم عليك حقُّ المعرفة والإفصاح.
ماذا تقول الأرقام؟ وإلى أين المصير؟ إلى رخاء أم شقاء؟!
-4-

وحينما تغيب الإجابات عن الأسئلة المُلحَّة، يزدهر ويروج سوق الشائعات، شائعة وشائعة مضادة، مثل ما راج خلال اليومين الماضيين:
تحديد سقف السحب من حسابات البنوك بـ50 ألفاً.

ودائع مليارية في الطريق.

زيادة جديدة في أسعار الخبز.
عبد الرحيم حمدي يُصرِّح: الحكومة فقدت السيطرة على الاقتصاد.
البنك الدولي يُعلن إفلاس السودان.
القبض على ابن الشهيد الزبير وابن د.نافع في المطار، ومعهما ملايين الدولارات.
الدولار يهبط إلى دون الثلاثين.
الدولار ينتقل من شارع الأربعين إلى شارع الستين.
البشير يرفض عرضاً أمريكياً سعودياً إماراتياً، ﻹنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

-5-
المعلوماتُ المغلوطة، أو الشائعات المُختَلَقة أو المُحوَّرة، تكتسب قوةً وصلابةً مع مرور الزمن وكثرة التكرار واعتيادية الترديد، حتى تُصبح أقوى من الحقائق، بل قادرةً على هزيمة الحقائق في لحظات المواجهة.
المعلومات الناقصة وغير المُتماسكة، والتي بها ثغرات، تُمثِّل خطورة أكبر من الشائعات؛ بل إنها من الممكن أن تُعطي الشائعات قوةً، وتزيد من رواجها، ولا يُجدي بعد ذلك تصويبٌ أو توضيح.
الشائعات تتمدَّدُ في مساحات الصمت، والأرقام تتضخَّم في غياب المعلومات.

السلوك الإعلامي للحكومة، هو الذي يُوفِّر مناخاً صالحاً لظاهرة الأشباح الإسفيرية ولتجار الشائعات.
سلوك دسِّ الرؤوس في الرمال، والإنكار المُطلق أو تقديم أرباع الحقائق، وفرض الرقابة والتحكُّم في النشر وتغييب الآخر؛ كُلُّ هذا يجعل الإعلام هزيلَ المستوى وضعيف المصداقية وقليل التأثير!
-6-
لا أحد يُجيب عن السؤال:
إلى أين تمضي الأوضاع؟ وإلى متى يتحكَّم مارك في سعر الدولار أمام الجنيه؟!

لماذا والحال على ما هو عليه، لا توجد غرفة طوارئ للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الراهنة وتداعياتها اليومية؟!

الشائعات تُصيب المواطنين بالهلع، فيهرعون إلى البنوك لسحب أموالهم، لماذا لا تُوجد غرفة طوارئ إعلامية، تنفي الشائعات وتُمحِّص المعلومات، وتُملِّكُ الحقائق للمواطنين؟!
-7-
على الحكومة أن تُقلِّلَ من نبرة التهديد والوعيد في هذا المناخ السيِّئ المُلبَّد بالشائعات والشكوك، فبدلاً عن أن تُصيب تُجَّار الدولار والمُتجاوزين، قد تُرعب المواطنين، وتُرهب رجال الأعمال.
الاقتصاد محكومٌ بمنطق الأرقام، ويحتاج للحذر والدقة، فرقم واحد مثل الصفر، يقود إلى النتائج الخاطئة.
ورسالةٌ واحدةٌ تُخطئ العنوان، قد تتسبَّب في مأساة، مثل ما تفعله رصاصةٌ طائشةٌ في الزحام.
الإعلام مثل الدواء، يُؤخذ بجُرعات، قليله مُضرٌّ وكثيرُه أضر.

بقلم
ضياء الدين بلال


‫4 تعليقات

  1. الركابي لا بصلح اطلاقا ان يكون وزيرا لاي وزاره هذا الرجل اثبت فشله تماما في ان يكون مسؤولا فكيف يكون وزيرا لوزارة سياديه جماهيريه بيدها مصير ومعاش الشعب
    لم يمت الاقتصاديون في بلادى حتى لا نجد من يدير هذه الوزارة ولا شرط ان يكون مواليا ان شاء الله يكون من حزب الشيطان فللوطن اولوياته ، شرط ان لا يكون كما عبد الرحيم حمدي عليه من الله ما يستحق

  2. صدقت الاستاذ ضياء
    والله اني اعرف اناس كثيرون لا ناقة ولا جمل لهم في الددولار واسعاره وانما يكتبون كلاما اولا يدلل على سطحيتهم وعدم فهمهم للامور الاقتصادية وثانيا بما انه لا شأن لهم بالامر تجدهم من نبرة الكلام كانهم فرحين بذلك او شامتين وهو الغبي لا يدري انه متسبب في ان يكون الدولار سلعة تداولية في السوق خارج النظام المصرفي وبالتالي لا تحكم في سعره ..
    كثيرون يجهرون بجهلهم لامور كثيرة وينسخون ويلصقون في القروبات وقبل ان يقرأ الموضوع ..وشر البلية ما يضحك فقد نسخ احدهم موضوعا واتى به الى قروب وهو يعتقد ان الموضوع عن السودان وبنك السودان ولكن الموضع كان خاصا بفنزويلا ..
    لكن المعضلة اخ ضياء هي ان الحكومة الى الان غير قادرة على اقناع المغترب ان يلجأ للبنوك ويوضح ماهي البنوك المتعاملة مع السودان واسقط في يد المغترب كيف يحول مصاريف عياله او اسرته كاملة ومن يعهولهم ..
    فيجب الى جانب المحاربة السعي وراء فتح قنوات التحويل الرسمية واعلان الحافز التشجيعي لذلك حتى يذهب المغترب للبنك ولكن بهذه الصورة فلا اعتقد ان هناك عدلا

  3. اقترح اغلاق الفيس والواتس في السودان لمدة خمسة عشر يوما فقط
    او ان تكون هناك مجموعات اشاعات مضادة لخلق بلبلة بين التجار

  4. بسم الله الرحمن الرحيم
    نسوا او تناسوا السودانية بانهم على الاقل مسلمون وليس مؤمنون. لم يذكر المولى سبحانه تعالى في القران بان الدولار هو العملة الموازية وانما حدد الذهب والفضة ونحن نستخرج الذهب شراكة مع الشواطين تحت ما يسمى الاستثمار مع اننا لانتعامل ماصاحبة الدولار . ده كلام. قال تعالى: لن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى ولو اتبعت ميلتهم. اتقوا الله شعبا قبل الحكومة بمقاطعة الدولار والتعامل به حتى يرضى الله عنكم ويرفع سخطه وعقابه. اللهم اهدي الجميع.