تحقيقات وتقارير

الشائعة..يكبر حجمها ويعظم جمهورها


كثرت الشائعات في الآونة الأخيرة، وأصبحت ظاهرة لافتة في المجتمع، ووجدت في وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة للانتشار ووفرت لها الجو العام والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد مادة خام لنسج كثير من الأخبار والتحاليل وتعدّد أنواعها واتجاهاتها ولم تستثن جانباً من الحياة،

أو أمراً من الأمور، بل طالت كافة المجالات، ويقول أحد الباحثين إن الإشاعة وصلت حتى لدى الأطفال الصغار، حيث أصبحت هناك شائعات تتناول اهتماماتهم ، ولأن الحقيقة عند أكثر الناس غير حاضرة فإن الإشاعة تجد عندهم مرتعاً خصباً للتناول والانتشار والتمكين، وأحياناً كثيرة يوقن المرء أن تلك الشائعات لا تنطلق بصورة عشوائية، بل هي صناعة متقنة ومنظمة قد تكون مبرئة للذمة أحياناً ويرى البعض أن للإشاعة أرجل تمشي بين الناس، تتنوع أدواتها ويكون الذكاء والخبث والمكر حاضراً ولها خبراؤها في علم النفس والاجتماع، وأوقاتها المناسبة وتعتبر جزءاً من الحرب النفسية . فالإشاعة كما يصفها أستاذ الفلسفة بجامعة الخرطوم، صبري محمد خليل، في بحثه عن الإشاعة مثل كرة الثلج التي تتدحرج وأثناء تدحرجها يكبر حجمها ويعظم جمهورها.
وبحسب لجنة لرصد الشائعات بالوسائط الالكترونية قالت ان هدف الاشاعة الاساسي إحباط وإشعال الشارع السوداني بعد فشل تحريكه والقيام بانتفاضة، وابرز تلك الاشاعات كانت حول اجتماع الرئيس بضباط من الاسلاميين من الجيش والامن، والحديث عن بكائه وان المدنيين من القيادات خذلوه، هذه واحدة. اما الثانية كانت تحديد سقف السحب على حسابات البنوك ب(50) الف جنيه في المرة الاولى، الامر الذي ادى الى تكدس المواطنين امام الصرفات، اما في المرة الثانية جاء رد وزارة المالية كما يلي (سرت شائعات بمواقع التواصل الاجتماعي عن وجود عمليات سحب ضخمة تجاوزت مليارات الجنيهات، وتداول مدونون ونشطاء منشوراً رسمياً منسوباً لبنك السودان المركزي، بتحديد سقف السحب لعملاء البنوك بعشرين الف جنيه لليوم الواحد، في المقابل تبرأ بنك السودان من المنشور المتداول واتهم جهات لم يسمها بالسعي لزعزعة الثقة في الاجهزة الرسمية، وقال مصدر رفيع للزميلة (التيار) ان تلك الجهات التي زيفت العملة الوطنية لا يعجزها تزوير منشور رسمي وتنسبه الى البنك المركزي.

المضحك المبكي

والمضحك في الامر في تلك الإشاعات بينما الدكتور امين حسن عمر يحمل حقيبته للتوجه الى اديس ابابا للمشاركة في مفاوضات المنطقتين بدعوة من امبيكي، تطلق الاشاعة بانه هرب ولم تكتف الاشاعة الا ان تنتشر كالنار في الهشيم عندما اطلقت بان السلطات القت القبض على ابن الفريق عبد الرحيم محمد حسين وهو يحاول الهروب عبر المطار، وعلى ابن الشهيد الزبير وابن د.نافع في المطار ومعهم دولارات وتطاولت الاشاعة لتنال من اخطر الامور عندما تتحدث عن تسريب محضر مداولات اجتماع الرئاسة والذي نفته الرئاسة وكذبت صحة تلك المداولات، وقالت انها تبحث عن الذي اطلق تلك الاشاعة وقالت انها قريبة منه لتقديمه الى العدالة وسرى في تلك الاجواء غبار كثيف بشأن زيادة جديدة في اسعار الخبز ولعل الهدف من ذلك تأكيد ان هناك زيادة في الدقيق وكانت الحكومة رفضت زيادة الدقيق وابقت عليه كما هو، رغم ذلك تراجع سعر الخبز ليصبح واحدة بجنيه ولكن باوزان مختلفة رغم ذلك الاشاعة تريد ان تؤكد ان وزن الخبز سوف يتراجع الى الوراء ويصل الى ماكان عليه في السابق .
إشاعة صدّقها الناس
واحدة من ممسكات التي يصدقها الشارع العام بان يؤكد الخبر عبر تصريح واضح مثلما كان في التصريح المنسوب الى الخبير المعروف ووزير المالية الأسبق د.عبد الرحيم حمدي بان الحكومة فقدت السيطرة على الاقتصاد، الامر الذي ادى الى مطالبته اي عبد الرحيم بمحاسبة مروجي الشائعات، اضف الى ذلك الحديث بان البنك الدولي اعلن افلاس السودان وتجاوز الاشاعة حنكة الخبراء الاقتصاديين بان الدولار وصل الى 75 الى 80 جنيهاً، وجاء في “الواتس اب ” أن زوجة الرئيس وداد سحبت مبلغ 80 مليار جنيه وهو ما كذبته الايام بتراجع مخيف على المضاربين فيه الى دون (37) حتى يوم امس.

بيئة مواتية

ولان البيئة اصبحت مواتية لإطلاق الشائعات بدأت نسج سيناريوهات المستقبل لحل قضية الضائقة المعيشية وكبح جماح الدولار، ربما نحا البعض الى اعادة الانقاذ مرة اخرى في نموذجها الثاني، ومنهم من صعد الى منبر الراي بحدوث تحولات داخل الحكومة، وانبرى البعض الى تقديم مقترحات للحكومة منها تأميم البنوك وغيرها، احد الناشطين الشباب كتب على الواتساب دعا رئيس الجمهورية بضرب الطابور الخامس بيد من حديد، ويرى ان الوضع الراهن يحتاج الى علاج سريع في ظل الظروف الاقتصادية ،وقال نظرية المؤامرة تسيطر على الشارع العام عبر الاشاعات التي حركت كل شيء بكل سهولة وقال الاشاعات ترفع الاسعار وتتسبب في انهيار الاقتصاد .

اللف والدوران

واعتبر المحلل السياسي د ربيع عبد العاطي في حديث مع “الانتباهة” ان الحقيقة اكثر الاسلحة فعالية مع الاشاعة وقال عندما تكبت الحقيقة وتضيع الشفافية تصبح اكبر بيئة مناسبة للاشاعة ويرى لكبح جماح الاشاعة لابد من اعمال مبدأ الشفافية والوضوح والصراحة، وقال كلما كان الجو غير موات وهناك نوع من الغموض واللف والدوران وضبابية كانت الاشاعة حاضرة.

حراسة البوابة

ويقول الاعلامي والاكاديمي د عبد الملك النعيم ل(الانتباهة) ان الاشاعة انتشارها الان في ما يسمى بالاعلام الالكتروني او الجديد، ويرى السبب في ذلك ان الاعلام الالكتروني ليس فيه حارس بوابة (واي زول يشتغل على كيفه يجلس امام اي جهاز ويقول على كيفه) بالتالي هناك ضعف في حارس البوابة، ولذلك يكون مناخاً طيباً للاشاعة، ويرى ان الشائه كثيراً ما يوجه لخدمة غرض ضار بالمجتمع، وقال مرات لجس نبض المجتمع وهي واحدة من الرسائل الموجودة في الاعلام، التي يعمل بها جس نبض المجتمع وقد تحقق اهدافها عندما تصبح الاشاعة كاذبة ومحتاجة الى معالجة وتحجيم .

نشر الوعي

وأرجع عبد الملك ظاهرة تنامي انتشار الاشاعات في المجتمع السوداني واخذها مساحات كبيرة الى عدم وجود ضوابط او رقابة الكترونية ومتابعة، الى جانب العقوبة الرادعة للشائعة المضرة بالمجتمع، وقال مفورض يكون هناك كوابح لايقاف الشائعات داخل مكافحة جرائم النشر الالكتروني، ودعا عبد الملك الى نشر الوعي وسط المجتمع الى جانب نشر السمو الاخلاقي بالناس ،ويرى ان هناك شائعات بريئة لا تخدش حياء الناس كانت بين الاسر القديمة ولكن اكد ان ما وصلت اليه الشائعات الان تنتهك الحرمات وتخلق الهلع تحتاج الى نشر الوعي والعقوبات والضوابط .

تعريفات الإشاعة

وعرّف استاذ الفلسفة بجامعة الخرطوم صبري محمد خليل في كتابه عن الشائعة قال الاشاعة اصطلاحاً تعددت تعريفاتها، ومنها هي المعلومات أو الأفكار،التي يتناقلها الناس، دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به يشهد بصحتها، أو هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، أو يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة ويقول كل قضية أو عبارة، يجري تداولها شفهياً، وتكون قابلة للتصديق، وذلك دون أن تكون هناك معايير أكيدة لصدقها ايضاً هي كلام هام أو أفكار عامة، انتشرت بسرعة ، واعتقد فيها، وليس لها أي وجود أصلي، واضاف في كتابه هو عبارة عن ضغط اجتماعي مجهول المصدر،يحيطه الغموض والإبهام، وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات، وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار كذلك هي معلومة لا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها، وتنشر عن طريق النقل الشفهي.
ومرجع هذا التعدد فى التعريفات كما جاء في البحث ان كل تعريف يركز على خصيصة او خصائص معينة للاشاعة، دون غيرها من الخصائص . وبالجمع بين هذه التعريفات يمكن تعريف الاشاعة بانها : خبر. مجهول المصدر.غير مؤكد الصحة.يتم تداوله شفاهة عادة. قابل للتصديق. و قابل للانتشار.وان الشائعة تنتشر بشكل تلقائي،ودون ان يدري ناقل الخبر كذب هذا الخبر. بينما الاشاعة تنتشر بشكل قصدي اى بفعل فاعل(على الاقل في مراحلها الاولى )، ويعي هذا الفاعل كذب الخبر.

عوامل انتشار

ويرسم صبري محمد خليل في بحثه عن عوامل انتشار الاشاعة ويجملها في الشك العام يقول مونتغمري بلجيون ( يتوقف سريان الإشاعة على الشك والغموض في الخبر أو الحدث، فحينما تعرف الحقيقة لا يبقى مجال الإشاعة)، فالإشاعة التي هي محاولة لتبادل العلم بالواقع ومشكلاته في ظل نظام اعلامى يحاول الحيلولة دون هذه المعرفة، لذا يعتبر بعض الباحثين أن الإشاعة هي مجرد “بديل ” يعوض غياب الحقيقة الرسمية. فالإشاعة تنتشر، عندما تتوقف المؤسسات التي من المفروض أن تقدم الخبر المضبوط عن مهامها الحقيقية واشار الى القلق الشخصي بسرعة تلقي الإشاعة أو سذاجة المتلقي أو عقلية القطيع والترقب والتوقع، وعدم الاستقرار وعدم الثقة ووجود أجواء التوتر النفسي التي تخيم على المجتمع، بالاضافة الى سوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي والفراغ الناتج من تفشي ظاهرة البطالة الظاهرة والمقنعة ،ولفت الى شيوع أنماط التفكير الخرافي القائم على قبول الأفكار الجزئية دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة تجريبية والاسطورى القائم على قبول الأفكار الكلية دون التحقق من صدقها أو كذبها بأدلة منطقية، الى جانب شيوع ظاهرة الحرمان الادراكى، ومضمونها تداول الناس فى المجتمعات المغلقة لمجموعة محدودة من المعارف، وممارسة عادات نمطية متكررة ،غارقين فى بركة راكدة من الحياة المملة غير المتصلة بمجريات الحياة خارجها.

الانتباهه.


تعليق واحد

  1. في ناس بتلعب بعقول البعض والناس البسطاء والجهل ثم الجهل يساعد علي ذلك مثلا بن فلان ولا علان قبض علية في المطار حامل مليون دولار كلام ما بدخل الرأس ده مبلغ كبير جدا داير ليهو اقل شي ٣ شنط اولا نعتبر مطارنا فوضي المطار المتوجه اليه فوضي كمان ثانيا مافي بلد في العالم يسمح بدخول مبلغ كاش بهذا الكم بسبب مشاكل اقتصادية كبيرة جدا حتي لو مستثمر بتم الأمور حسب المعاملات المصرفية الحكومية . الجهل كمان بالتعامل مع مواقع التواصل وتناقل الإشاعات في كل الأمور . ضعف الشبكة في السودان ناتج من مراسلات الفديو والصور والله لو بقي عندنا مليار قيقا بايت ما بتتحمل ده ولو ميكروسوفت في الخرطوم في بلاد التكنولوجيا ذاتها معظم مراسلات الفديو بتداول ك لينكات والله اعلم علي ما اقول ونسأل الله السلامة