تحقيقات وتقارير

يقولون ان مهددهم محاولة المعارضين بث الإشاعات لشق الصف الإسلامي،لكن هل ما زال بنيانهم مرصوصاً على ضرورة الاستمرارية


بالنسبة للأمين العام للحركة الإسلامية السودانية الزبير أحمد الحسن، فإن البلاد قادرة على العبور فوق معاناة الظروف الاقتصادية الراهنة، كان شيخ الزبير يتفقد ساعتها أحد مراكز البيع المخفض في مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور، لكن سؤال الراهن يبدو متجاوزا الواقع الاقتصادي للواقع العام الذي يحيط بالحركة الإسلامية، ولا يجد الأمين العام للحركة غير ترديد عبارات التماسك حين يدعو إلى عدم الالتفات للإشاعات التي تستهدف الحركة الإسلامية وتحاول أن تخرج بها من معادلة التأثير على مسارات الحراك السياسي في السودان لتجد نفسها في مقابل السؤال الرئيس عن كيفية الصمود في مواجهة هذه التحديات؟

(1)
يقول الأمين العام للحركة إن المهدد الرئيس الذي يحيط بالحركة الإسلامية هو محاولة معارضيها بث الإشاعات التي تستهدف بشكل رئيسي شق صفها وتكسير بنيانها المرصوص في معادلة الاستهداف التي يرددها قياداتها بين الفينة والأخرى وهم يقرأون من دفتر صراع اليسار واليمين في معادلة السياسة السودانية، لكن هل يبدو الأمر مثلما تحاول قيادات الحركة تصديره لـ”الرأي العام وهل حقيقة) أن اخوة المشروع على قلب رجل واحد؟ أم أن الأمر ليس كما يحاولون تصويره، حيث تبدو حالة التباين ماثلة للعيان في ما يتعلق بالتعاطي مع وجود الحركة الإسلامية في سيناريوهات المستقبل السوداني.

(2)
لكن هل تبدو مشكلة الحركة الإسلامية في بث الإشاعات من اعدائها أم ان ازمتها في داخلها نفسها؟ الإجابة تأتي في سياق بروز حالة التباين بين مكوناتها نفسها وهي تستدعي عبارة (الحل) واكثر العبارات حضوراً في المشهد الآني هل تستمر الحركة الإسلامية ام ان التحولات الإقليمية ستضعها خارج سياق التأريخ، وهو امر يرتبط بشكل كبير بالتداول حول امكانية حل الحركة الإسلامية او تحويلها إلى محض مؤسسة لتقديم المشورة، وهو امر يختلف حول ما كانت تفعله الحركة في حقبة ما بعد العام 1989 باعتبارها صاحبة الجلد والرأس في وصول الإنقاذ للسلطة عبر انقلاب العام 1989م، إذ يرى الكثيرون ان التراجع بدأ في أعقاب مغادرة مجموعة الشيخ الراحل الترابي من منصة التأثير عقب المفاصلة.

(3)
بدت مرحلة التحالف السوداني الخليجي وكأنها أولى بواكير التقليل من قبضة الإسلاميين على الحكم في السودان، وبالطبع تغيير الرافعة الأيديولوجية برافعة تقوم على اساس المصالح في تحقيق التطلعات، وبالطبع في ايجاد طريقة لمعالجة الاشكاليات التي تحيط بالسودان في حقبة ما بعد انفصال الجنوب، وهو ما تكرر في أعقاب تشكيل حكومة الوفاق الوطني واختيار الفريق بكري حسن صالح رئيساً للوزراء ودخول شخصيات من خارج البنية التنظيمية للحركة الإسلامية مثل مبارك الفاضل المهدي الذي اعتبر ان تكوين حكومة الوفاق الوطني بشكلها ذاك هو محاولة لإنهاء سيطرة الإسلاميين على السلطة في البلاد، وهو أولى خطوات الانتقال نحو الاستقرار، وهو الحديث الذي دفع المؤتمر الشعبي لشن هجوم على تصريحات المهدي التي تقلل من سيطرة الإسلاميين.

(4)
لا يبدو مشهد الصراع في منظومة الحركة الإسلامية في الوقت الراهن بعيدا عن معادلة ما يجري في بنية المنظومات ذات الارث الإسلامي في السودان، وبالطبع على رأسها حزب المؤتمر الوطني والذي ألقى بظلاله على اجتماع شورى الحركة الإسلامية الذي جاء سرياً ولم يناقش أي من القضاياء مثار الجدل ربما خشية المترتبات عليها، وهو ما جعل بعض المشفقين على المشروع الإسلامي ينظرون إلى المستقبل بحالة من الخوف، وأن اللجوء لخيار السرية هو في الأساس للتأكيد على ان الحركة بدأت تفقد بريقها، وانه المؤثر الأساسي في المعادلة الإسلامية وهو الأمر الذي حاول رئيس الجمهورية المشير البشير نفيه من خلال تأكيده على ان الإنقاذ لن تترك مشروعها الإسلامي مهما حدث، وهو الامر الذي يؤكد على أن الحديث عن حل الحركة لا يعدو سوى كونه محض إشاعات.

(5)
الحقيقة الماثلة للعيان في ما يتعلق بالحركة تتجاوز الحديث عن إشاعات حلها الى النظر في طبيعة فعلها بأرض الواقع، حيث يرى الكثيرون انه لا توجد في الأساس بل ينظر إليها بعض الإسلاميين بأنها لا تتجاوز كونها محض مؤسسة تنفيذية لما يريده الحزب الحاكم وتحول الحركة إلى مشروع توظيفي يخرجها من سياق كونها مؤسسة دعوية حركية تستهدف تحقيق تطلعات منسوبيها ويتواءم مع المشروع السياسي الذي تجاوز عمره النصف قرن من الزمان، ولا يتوانى أصحاب هذه الرؤية من القول (بأن المحلول لا يحتاج لقرار لحله)، الغياب الذي تحاول قيادات الحركة الإسلامية تجاوزه من خلال الدعوة لمشروعات مثل (الهجرة إلى الله).
بعيداً عن الحديث عن الإشاعات التي يحاول البعض التأثير عبرها على الحركة ومشروعها السياسي، يتحدث البعض عن خطة محسومة من إجل اقرار حلها بشكل كامل، بل إن تسريبات تمضي أكثر من ذلك حين تؤكد على ان بعض منسوبي مكاتب الحركة في الولايات قد وافقوا على قرار حلها، حسب ما يروج في شبكات التواصل الاجتماعي.

اليوم التالي.