بنات.. إبراهيم الشيخ!
شيماء وإسراء إبراهيم الشيخ رهن الاعتقال منذ 5 أسابيع، مع غيرهن من المعتقلات من النساء والشابات والمعتقلين من الرجال والشباب، رغم رفضنا التام والمبدئي للاعتقال من حيث المبدأ، والتغول وإهدار الحريات، وعندما تحدث الاعتقالات فإن بنات إبراهيم السيخ لسن بأعز من رفيقاتهن في الاعتقال وحق عليهن دفع ضريبة الوطن أسوة بالآخرين … ولا جدال في ذلك!
تفسيرات ووقائع وتسريبات في هذا الشأن تذهب الى أبعد من ذلك، وهو إن كان صحيحاً فهو أمر بغيض، ومسيئ وغير معهود في أسوأ العهود بطشاً وظلاماً، وقد حدثت بعض مثل هذه الحوادث في آواخر عهد نميري، ذلك أن تسريبات تقول أن استمرار اعتقال شيماء وإسراء يهدف للضغط على والدهن إبراهيم الشيخ لإظهار نفسه ليتم اعتقاله.. هذا الأمر إن كان صحيحاً فهي حرب من الله ورسوله ومن المؤمنين على من اتخذ شيماء وإسراء (رهينة) للإيقاع بوالديهما، وهي ستكون سابقة لا نظير لهما في التعسف الاحترازي والأمني وهو مخالفة للقاعدة الفقهية (لا تذر وازرة وزر أخرى)، ويخالف الدستور والقانون ويدحض بصفة استثنائية أي حديث عن التزام أجهزة الأمن بالقانون..
وأنا أكتب هذا المقال جاءت الانباء بتنصيب الفريق صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والرجل (ضاق) الاعتقال من بني جلدته، في واقعة ينفيها قرار إعادته رئيساً لأخطر وأهم الأجهزة الحكومية، والمتوقع أن تحدث عودة قوش للجهاز دوياً هائلاً داخلياً وخارجياً، وستعيد هذه العودة رسم الكثير من السياسات وبالذات في ملف العلاقات الخارجية في المنطقة العربية وأوربا وأمريكا.
قوش منذ عام 2009م، بعد إقالته من رئاسة الجهاز وفيما بعد المستشارية، استطاع أن يتواصل مع الكثير من الرموز الاجتماعية والسياسية واكتسب تجربة برلمانية، لعله تعلم من خلالها أن يكون نائباً يتحدث عن الحكومة كسائر النواب، يطلب الإذن في الحديث فيأذن له أو لا يؤذن..
المتوقع أن يبدأ قوش تكليفه مديراً لجهاز الأمن بفتح صفة جديدة، ولعله يتخير أن يطلق سراح المعتقلين، وأن يطلق سراح الأقلام الصحفية الممنوعة من الكتابة في الصحف، هذا طبعاً بعد إيقاف تدخلات جهاز الأمن في النشر الصحفي واستدعاء الصحفيين..
والى أن يفصل الله بيننا وبين (قومنا) في حكومة المؤتمر الوطني فربما يعمل رئيس الجهاز الجديد على تحسين العلاقة بين ممارسات الجهاز القمعية والتعسفية وبين المواطنين من جهة وبين الجهاز والمعارضين من جهة أخرى.. لا سيما وأن الرجل إبان توليه مستشارية السلام حرص على إبداء قدر من التواصل مع المعارضين وفتح موضوع إيقاف الحرب وإنهاء الصراع المسلح.
حسب التسريبات، من الواضح أن هناك تغييرات ستطال الجهاز التنفيذي، والمؤتمر الوطني، وربما بعض قيادات الخدمة المدنية.. من جانبي فلا إسراف في القول أو الخيال، فالنظام كائن متوائم ومترابط وسياسة الحكومة تخضع لاعتبارات عديدة، وتحديد المهددات الاستراتيجية للنظام الحاكم في نشاط المعارضة إيغال في الأوهام، فالمهددات الحقيقية للحكومة بالدرجة الأساس في تدهور سمعة البلاد جراء استمرار الحرب ونزيف الأرواح والموارد وتفشي الفساد وانتشار الفقر وتفكك النسيج الاجتماعي، وتزايد أعداد الجياع. ولا تقع بنات إبراهيم الشيخ بأي حال من الأحوال ضمن المهددات الحقيقية للحكومة.
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة