داليا الياس

شمالاً… جهة القلب!

ذلك الإعياء الذى إعترانى…لم يؤرق مضجعى بفعل السهر والحمى والأوجاع فقط..ولكنه أحزننى أكثر كونه أقعدنى عنك! إذ لاشئ يمكنه أن يحول بينى وبين أنسك الجميل سوى قدر أقوى من إرادتى ورغبتى وإمكانياتى…،فتباً للحمى التى تكوى جلدى بفعل المرض…هى قطعاً ليست كتلك التى تشعل جسدى كلما إلتقيتك….ولا ذلك الإعياء الذى يضعف قواى كنظيره الذى يذيبنى فى حضرتك.

وحين أصر أهلى على أخذى للطبيب لم أعرف كيف أجيبه على وجه التحديد حين سألنى عن موضع الألم!!.هل أشير مباشرة الى الموضع الحقيقى شمالاً جهة القلب؟ أم أنتظر حتى يجرى لى فحصه المعتاد للدم فيجدك مختبئاً بين الكريات؟!

آه يا وجعى…يا وجع النايات والكمنجات والأغنيات…يا ألماً يعتصر حشاشتى من فرط اللوعة والتوق.
إن دائى الحقيقى هو غيابك…فراقنا…تعذر لقاءاتنا…تلك المسافة الممتده كسيف مسنون منغرس فى خاطرة أيامى.
وجعى أنت….بكل وقارك وجلالك ورجولتك الطاغية وجنونك.

وجعى الذى لا أرجو منه شفاءً قريب…إذ كلما قل أشعلت عيناك أواره من جديد!
لن تُجدينى أيها الأطباء جميع عقاقيركم الطبية وأمصالكم نفعاً …ولا يمكننى أن أتماثل للشفاء طالماً يظل هذا الرجل مستوطناً ذلك الجزء الهام جداً من جسدى…حيث يتم تصنيع ذلك السائل الأحمر القانى الذى يفيض بالحياة وينسرب إلى عروقى ليضخ فيها فايروس عشقه اللعين!
فيا أيها الرجل الذى أصبح دائى ودوائى…لا قربك يجدى ولابعدك ينفع…بكل تداوينا فلم يشف ما بنا…على أن قربك أجدى من بعادك فأنعم عليا به!
كن قريباً ولا عليك إن إستعر جلدى بالحمى أو تجمدت أطرافى من فرط البرودة…، ألا تعلم بعد أن برودة الأطراف تعنى إشتعال العواطف والرغبات؟! وأن إرتجافنا الذى يستجدى الأغطية هو فى الحقيقة مواراة لرغبتنا الحقيقية فى عناق حميم وطويل؟
لماذا إذا مرضت المرأة تضجر الرجل وإفترض كونها مدعية ومتمارضة؟ وحالما شعر هو ببعض الزكام مارس دور الإحتضار بكل إقتدار؟ لاعلينا…فلست بصدد الحديث عن جدلية العلاقات الزوجية الأزلية…إننى مريضة…ولا أقوى على الجدال.
أحتاج بعض الهدوء والراحة والحنان…أحتاج لمسة يدك وإبتسامتك وقبلة منك على جبينى المحموم….لابد أنها ستنزل برداً وسلاماً على جسدى المنحول الموبوء بالعلل!

أيها الطبيب الأريب…لاترهق نفسك بالكشف… ولاترهق معاونيك بالفحص والأشعة …إننى مريض يعرف تماماً مكمن دائه وعلته…ونوع دوائه….ومنبع وجعه وشفائه معاً…إننى ممكون شمالاً جهة القلب…ويزداد الوجع كلما تململ ساكن ذلك المكان….وليت الألم لايبارح مكانه فهو الألم الوحيد الممتع فى حياتى.
تلويح:
إنت طبيبي …أموت بى جراحي !

اندياح – داليا الياس
صحيفة آخر لحظة

‫3 تعليقات