سواكن .. جزيرة الأساطير والعجائب تبحث عن ماضيها لتعود منارة للتراث بشرق السودان
لا تزال مدينة سواكن التاريخية على ساحل البحر الأحمر بشرقى السودان موطئا لأساطير وحكايات وعجائب مثلت واحدا من وسائل الجذب السياحي للمدينة التى تحاول الآن أن تنهض من بين ركامها .
ولا تكتمل زيارة سواكن دون المرور على مطعم (القرموشى) عند مدخل المدينة الاثرية ، وهو مطعم يقدم أصنافا من الأسماك البحرية لمرتاديه.
فى فناء المطعم المكتظ دائما بالزبائن ترابط (سهام) ، وهى ليست امرأة كما يوحى اسمها ولكنها (معزة) تجسد إحدى أساطير مدينة سواكن وحكاياتها التي لا تنقطع.
ولا تشبه سهام جنسها من الماعز ، فهى لا تأكل ما تأكله نظيراتها بل تعيش على الأسماك واللحوم ، ولا تشرب الماء مطلقا وإنما تداوم على شرب المياه الغازية ولا سيما البيبسي وكوكاكولا.
يبلغ عمر (سهام) 14 عاما حسب إفادة صاحب مطعم القرموشي واسمه عبد الله هاشم القرموشي.
وقال القرموشى لمراسل وكالة أنباء ( شينخوا) ” هذه المعزة ارتبطت بهذا المكان منذ أن كان والدي يدير هذا المطعم ، آلاف السياح يأتون إلى هنا لرؤية سهام “.
وأضاف ” هى معزة ذكية وغريبة التصرفات ، فى السابق كانت تستجيب لنداء الزبائن ولكن من الواضح أن إدمانها للمياه الغازية أثر على سمعها”.
وأبان أن أكثر من سائح أجنبي دفع مبالغ طائلة لشراء (سهام) ، إلا أنه يصر على أنها ليست للبيع .
وقال ” سهام لا تقدر بثمن ، عرض علينا سائح سعودي مبلغ الفى دولار ، وعرض سائح تركي مبلغ 3 آلاف دولار ، لكننا لن نبيعها ، لقد ارتبطنا بها ، وصارت جزءا من هذا المكان”.
وفى داخل الجزيرة الأثرية بسواكن ما يزال المكان يؤشر إلى حكايات توسدت تاريخا ضاربا فى القدم لتكون جزءا من معالم تقف صامدة رغم انهيار معظم بنايات الجزيرة.
وأول ما يلفت النظر بين ركام المباني الأثرية انتشار (قطط) سمان ، لا يعرف على ماذا تقتات ولماذا تصر على البقاء فى مكان مهجور .
لا تخشى قطط سواكن تزايد حركة زوار الجزيرة التى تشهد ترميما على نسق بطئ تتولاه مؤسسة (تيكا) التركية ، ولا تتحاشى عدسات المصورين .
ويقول إبراهيم شنقراي ، وهو أحد سكان جزيرة سواكن ويعمل كمرشد سياحى ” هناك قَصص كثيرة عن حيوانات هذه الجزيرة”.
وتحاول الحكومة المحلية بسواكن الاستفادة من الأساطير المرتبطة بالمدينة وجعلها واحدة من وسائل الجذب السياحى والترويج لما تضمه المدينة من أثار تاريخية.
وقال خالد سعدان معتمد محلية سواكن لمراسل وكالة أنباء شينخوا اليوم ” صحيح هناك كثير من الأساطير مرتبطة بسواكن ، نحن نحاول أن نجعل منها وسيلة لجذب السياح ودفعهم لزيارة المدينة”.
وأشار سعدان إلى حركة ترميم المبانى الأثرية بسواكن والتى تقوم بها مؤسسة تيكا التركية ، وقال ” هناك اتفاق بين السودان وتركيا لاحياء المدينة الأثرية بسواكن وجعلها منطقة سياحية متكاملة”.
وأضاف ” تنهض سواكن الأن تدريجيا لتستعيد ألقها وتاريخها كونها واحدة من أقدم المناطق الأثرية بالسودان”.
ويقدر عدد سكان المدينة ، وفقا لمعتمد سواكن بنحو 100 الف نسمة ، وينحدر معظم سكانها من قبيلة (الهدندوة) بجانب بقية قبائل الشرق المعروفة .
وتضم المدينة الكثير من المعالم الاثرية وأبرزها “قصر الشناوي” وهو قصر ضخم ومبنى أيضا من الشعب المرجانية والطين ورمل البحر ومكون من أكثر من 360 غرفة، إضافة إلى مبنى الجمارك والمسجد الحنفي والمسجد الشافعي ومبنى البنك الاهلي المصري.
ووافق السودان فى 27 ديسمبر الماضى على منح جزيرة سواكن الواقعة فى البحر الأحمر شرق السودان لتركيا كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية غير محددة.
وتقع جزيرة سواكن على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرق السودان، وتبلغ مساحتها 20 كلم مربع على ارتفاع 66 مترا عن سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم حوالي 780 كيلومترا.
وورد اسم سواكن في عصور وسطى في مؤلفات الرحالة العرب، مثل ابن بطوطة وارتبط اسمها بأنها كانت معبرا لهروب العديد من أمراء بني أمية من بطش الدولة العباسية.
وفي القرن السادس عشر الميلادي غزاها السلطان العثماني سليم الأول وأصبحت سواكن مركزا للأسطول العثماني في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر.
ويعد ميناء سواكن، الأقدم فى السودان، وحاليا الميناء الثانى للسودان بعد بورسودان الذى يبعد 60 كلم إلى الشمال منه.
المصدر: جريدة الصين – شينخوا