تحقيقات وتقارير

تاجر: الزيادة في الأسعار تتجدد كل أسبوع والأسباب جهات عدة تتشارك فيها من بينها الحكومة

مواطنة: دخول السوق (فيلم رعب) حقيقي وتخلينا عن الكثير من الكماليات وتركيزنا انحصر في (الأكل والشراب)
السوق مزيد الاشتعال وتباين في الأسعار
ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة (70%) في الأشهر الماضية وتراجع الطلب على الحديد والأسمنت

في وقت يستهدف فيه السودان خفض التضخم إلى (19.5%) بنهاية العام الجاري، إلا أن نكسة كبيرة حدثت في مستهل الصرف بميزانية 2018م، إذ سجل معدل التضخم لشهر يناير الماضي، زيادة قياسية بلغت (52.37%) مقارنة بـ(25.15%) في ديسمبر، واعتبر خبراء هذا الارتفاع نتيجة طبيعية لتطبيق الحكومة للإجراءات الاقتصادية الأخيرة، حيث تضمنت زيادة الدولار الجمركي إلى (18) جنيهاً بدلاً عن (6.9) جنيه، بالإضافة إلى زيادة أسعار الدقيق. وأقر الجهاز المركزي للإحصاء بأن هذا الارتفاع لم يحدث إلا في التسعينيات إذ بلغ حينها (100%).
ويشهد السوق زيادة مستمرة في الأسعار، حيث بلغت الزيادات نسبة (500%) في بعض السلع خاصة أسعار السلع الاستهلاكية ومواد البناء التي وصلت الزيادة فيها إلى (70%)، حيث كان سعر طن الأسمنت في فبراير 2015 بـ(1100) جنيه، مقارنة مع فبراير 2018م، إذ بلغ حوالي (4) آلاف جنيه، وطن السيخ في فبراير 2015م بسعر (6) آلاف جنيه، أما سعر الطن في فبربر 2018م فقد وصل إلى (33) ألف جنيه.
}أسعار لا تتراجع بزوال المؤثر!!
ويؤكد التجار أن الحالة التي تمر بها الأسواق في الفترة الأخيرة، لم يسبق لها مثيل من ركود حاد وارتفاع في الأسعار، متهمين عدة جهات بالتسبب في زيادة الأسعار من بينها الحكومة، وأوضح صاحب بقالة (بيع قطاعي)، أن الأسعار تتغير كل أسبوع وتتجه إلى الأعلى ولا تنخفض أبداً مع زوال المؤثر، وقال إن بعض الشركات سلمتنا قائمة جديدة بالأسعار بوصول الدولار إلى (40) جنيهاً، لكنها لم تخفض الأسعار مع تراجع الدولار إلى أقل من (30) جنيهاً حالياً، ويشير صاحب مغلق بسوق السجانة إلى أن نسبة الشراء تراجعت كثيراً والطلب انحصر في الأصناف الأقل سعراً مثل أدوات توصيل الكهرباء والسباكة للأشغال والصيانة العاجلة فقط، لكن لا يوجد طلب للتشييد الجديد.
ويقول المواطنون إن دخول الأسواق في هذه الأيام مثل مشاهدة فيلم رعب حقيقي نسبة للأسعار غير المعقولة مقارنة مع نسبة الدخل، وتقول المواطنة “سلوى جلّاب” إن دخول السوق في هذه الأيام كأنه مشاهدة (فيلم رعب) حقيقي، لأن لا أحد يستطيع تصور المستوى الذي وصلت إليه الأسعار، وأضافت “تخلينا عن الكثير من الكماليات ونشتري فقط الضروريات”.
ويرى الخبير الاقتصادي د.”هيثم فتحي” أن للسودان إنتاجاً جيداً لكن لا نديره بشكل جيد، لذلك لا بد من تهيئة البنيات الأساسية وتنفيذ قرارات الإصلاح الزراعي وتطوير السياسات الكلية للقضاء على بعض الاختلالات الاقتصادية لخفض معدل التضخم، واعتبر “فتحي” أن السيولة الزائدة في الاقتصاد ترفع التضخم ولا بد من تخفيضها، مؤكداً أن انخفاض المعروض النقدي سيؤدي إلى انخفاض الطلب، وبالتالي يؤثر إيجاباً على نسب التضخم، وعزا ارتفاع التضخم أيضاً إلى تطبيق الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، وقال “لأن تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادي ينتج عنه حدوث ارتفاع لمعدلات التضخم، وذلك بسبب ضعف الهيكل الإنتاجي والاعتماد على الاستيراد”.
}فوضى الأسواق
ويبدو أن الإجراءات الأخيرة التي طبقتها الحكومة تسببت في فوضى بالأسواق خاصة في ظل انتهاج الدولة سياسة التحرير الاقتصادي منذ تسعينيات القرن الماضي، مما أدى إلى وجود أسعار متفاوتة في الأسواق للسلع، فضلاً عن عدم وجود رقابة على الأسواق غير جمعية حماية المستهلك التي أيضاً تواجهها عقبات في مراقبة الأسواق، لأنها لا تستند على قانون يمكنها من ملاحقة التجار الجشعين، وتأثر من واقع السوق كافة شرائح المواطنين، وانتشرت موجة تذمر على مستوى عريض.
وأرجع مدير الجهاز المركزي للإحصاء د.”كرم علي عبد الرحمن” الارتفاع في الأسعار إلى حالة الهلع التي أصابت المواطنين، مما أدى إلى ارتفاع كافة السلع، مبيناً أن معظم السلع التي شملها الارتفاع تتعلق بـ(قفة الملاح)، كما مثلت مجموعة النقل والأغذية والمشروبات والتحضيرات لتشييد المنازل (80%) من الارتفاع في التضخم، بينما شكلت المجموعات الأخرى أقل من (20%)، مشيراً إلى أن التغيير في معدل التضخم في يناير، طبيعي نسبة للإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة.
واستغرب مدير الإحصاء للتباين في أسعار السلع من البلاد، حيث علق قائلاً عندما تشاهد جدول الأسعار كأنك لا تتحدث عن دولة واحدة، معتبراً التباين في الأسعار من التعقيدات التي تواجه جهاز الإحصاء في إعداد نسب التضخم، لافتاً إلى أن هنالك سلعاً ارتفاع أسعارها غير مبرر.
وبحسب النشرة التي أصدرها جهاز الإحصاء، فإن مجموعة الأغذية والمشروبات أثرت على معدل التضخم، إذ بلغت نسبة تأثيرها (56.21%) بسبب ارتفاع مكوناتها من خبز وحبوب، وبلغ التضخم في النقل (64.7%) والتجهيزات المنزلية (70.3%) وسجلت ولاية الجزيرة أعلى ارتفاع في التضخم بلغ (78.83%) وفي الخرطوم بلغ (45.67%)، بينما سجل التضخم في المناطق الريفية ارتفاعاً، حيث بلغ نسبة (46.43%) مقارنة بـ(21.97%) في ديسمبر الماضي.
}التجار مشفقون
وقال التاجر “أسامة” إن الأسعار في الأسبوع الأخير استقرت في مستوياتها السابقة التي وصلت إليها، لافتاً إلى أنهم كتجار لا يلجأون سريعاً إلى الزيادة لجهة تأثيرها على القوى الشرائية، ونحن مشفقون على المواطن لهذه الزيادات، مؤكداً أن أكثر السلع التي شهدت زيادات تتمثل في الزيوت واللبن والدقيق.
وأوضح “أسامة” أن سعر جوال سكر كنانة زنة (50) كيلو ارتفع إلى (950) جنيهاً بدلاً عن (800) جنيه، و(10) كيلو إلى (195) جنيهاً، فيما ارتفع سعر جركانة الزيت عبوة (36) رطلاً إلى (800) جنيه بدلاً من (600) جنيه، وعبوة زيت صباح (4) لترات ونصف، ارتفعت من (190) إلى (210) جنيهات، وارتفع رطل الثوم من (30) إلى (45) جنيهاً، ورطل شاي الغزالتين من (25) جنيهاً إلى وقت قريب، إلى (60) جنيهاً وحالياً استقر في (100) جنيه، ورطل البن بـ(55) جنيهاً، وسجل البصل انخفاضاً ملحوظاً، حيث استقر في (350) جنيهاً للجوال بدلاً عن (700) جنيه بسبب دخول الإنتاج الشتوي، وشكا المواطنون من عدم انخفاض بيعه بالقطاعي لدى التجار.
وبلغ سعر جوال الدقيق زنة (25) كيلو (350) جنيهاً، وبكت سيقا وزادنا بـ(170) جنيهاً، واستقر سعر كرتونة الشعيرية والسكسكانية والمكرونة في (170) جنيهاً.
وارتفع سعر كيلو العدس من (18) جنيهاً إلى (35) جنيهاً، وكيلو الأرز من (20) إلى (25) جنيهاً، وعلبة الصلصة الكبيرة وصلت إلى (25) جنيهاً بدلاً من (20) جنيهاً، وكان الارتفاع اللافت في لبن البودرة، حيث بلغ سعر العبوة زنة (2) كيلو ونصف (450) جنيهاً بدلاً عن (380) جنيهاً، وحلوى شيكولاتة (ماكنتوش) علبة كبيرة بـ(100) جنيه.
أما اللحوم فتتراوح الأسعار بين (100) إلى (120) جنيهاً للعجالي، وبين (120) إلى (140) جنيهاً للضأن وكيلو الفراخ بين (60) إلى (65) جنيهاً وكيلو السجوك (60) جنيهاً وكيلو المفرومة (120) جنيهاً وكيلو الجبنة بـ(70) جنيهاً وطبق البيض بـ(60) جنيهاً.
وبلغ سعر كرتونة الصابون الغسيل (200) جرام (280) جنيهاً وكيس صابون البودرة (5) كيلو بـ(140) جنيهاً و(3) كيلو بـ(110) جنيهات.
}الركود يضرب نشاط الحرفيين
ويشكو الحرفيون من ركود في السوق، حيث تراجع الطلب عليهم بسبب ارتفاع مواد البناء والسباكة والكهرباء، مشيرين إلى أن العمل توقف تماماً، خاصة في المباني الكبيرة التي شيدت مؤخراً، ويرى “أحمد عمر” أن سوق الحرفيين تأثر بعدة عوامل، بداية من دخول العمالة الأجنبية وتغول الشركات على النشاط بما فيها السباكة وتكريب السراميك والكهرباء، انتهاءً بالحالة الراهنة التي يعاني منها الحرفيون من انعدام فرص العمل نسبة لارتفاع أسعار المواد، ونوه إلى أن الأسعار لم تشهد زيادة كبيرة مقارنة مع ارتفاع مواد البناء وغلاء المعيشة، حيث تبلغ تكلفة بياض حوائط داخلي المتر بـ(40) جنيهاً، وبياض أسقف المتر بسعر (45) جنيهاً، وبياض خارجي المتر بـ(55) جنيهاً، ونقاشة داخلية المتر بـ(35) جنيه ونقاشة خارجية المتر بـ(45) جنيهاً.
وبحسب الأسعار في سوق البناء فإن تكلفة تشييد الهياكل الخرسانية حفر القواعد المتر مكعب بـ(100) جنيه، وفرشة خرسانة بيضاء المتر مربع بـ(40) جنيهاً، وخرسانة مسلحة للقواعد المتر مكعب بـ(250) جنيهاً، واﻷعمدة القصيرة المتر طولي بـ(250) جنيهاً، وردم القواعد المتر مكعب بـ(40) جنيهاً، والسقف المعلق المتر مربع بـ(210) جنيهات وسعر تشييد مباني واحد طوبة المتر بـ(50) جنيهاً.

المجهر.