تحقيقات وتقارير

لماذا باعت روسيا ألاسكا الغنية إلى أميركا بثمن زهيد؟

مع بداية ستينات القرن التاسع عشر عانت الإمبراطورية الروسية من ضائقة مالية خانقة على إثر نهاية حرب القرم، في أثناء ذلك تزايدت مخاوف القيصر الروسي ألكسندر الثاني حول مصير منطقة ألاسكا الروسية، حيث كانت هذه الأراضي تقع في أقصى شرق الإمبراطورية، كما أنها تواجدت على قارة أخرى، وقد صعّب ذلك على #الجيش_الروسي مهمة الدفاع عنها في حرب مستقبلية أمام الولايات المتحدة الأميركية أو الإمبراطورية البريطانية المتمركزة بقوة في كندا.

خلال شهر يناير عام 1860 تزايد قلق القيصر الروسي ألكسندر الثاني حول مسألة ألاسكا بعد أن راسله السفير الروسي بواشنطن، إدوارد دي ستوكل، ليخبره أنه من الصعب جدا إقامة مستعمرات على أراضي ألاسكا بسبب الطقس البارد، فضلا عن ذلك حدّث السفير الروسي عن قلة الموارد الطبيعية بالمنطقة وكثافة التواجد العسكري البريطاني على أراضي كندا.

عقب هذه الرسالة عقد القيصر الروسي ألكسندر الثاني العزم على بيع أراضي “ألاسكا” لصالح الولايات_المتحدة، وأوكل هذه المهمة إلى السفير الروسي في واشنطن إدوارد ستوكل.

باشر السفير الروسي مفاوضاته مع وزير الخارجية الأميركي ” جيرمي سوليفان بلاك “ولكن هذه المفاوضات تعطلت لسنوات عديدة بسبب اندلاع الحرب الأهلية الأميركية. خلال شهر آذار/مارس سنة 1867 استمرت المفاوضات حول مستقبل ” ألاسكا “بين الجانب الأميركي والجانب الروسي بعد انقطاع استمر لأكثر من ست سنوات، وفي الأثناء تفاءل السفير الروسي “إدوارد ستوكل” كثيرا عند تجدد المفاوضات بسبب معرفته الجيدة بوزير الخارجية الأميركي الجديد “ويليام سيوارد”.

خلال ساعات الصباح الأولى ليوم الـ 30 من شهر آذار عام 1867، تم رسميا التوقيع على اتفاقية بيع ألاسكا الروسية لصالح الولايات المتحدة الأميركية مقابل مبلغ 7,2 مليون دولار (أي ما يعادل حوالي 115 مليون دولار في وقتنا الحاضر). خلال تلك الفترة قاربت مساحة ألاسكا 1.6 مليون كلم مربع (1,518,800 كلم مربع)، وقد جرى بيعها مقابل 7,2 مليون دولار أي بثمن 4,74 دولار للكيلومتر المربع الواحد.

عقب هذه الصفقة، هاجمت الصحافة الأميركية وزير الخارجية ويليام سيوارد، وقد ساهم ذلك في تأجيج غضب الشارع الأميركي، حيث اعتبر جل الأميركيين هذه الصفقة إهانة لبلادهم، ولكن وزير الخارجية الأميركي ويليام سيوارد تدارك الأمر عقب إلقائه خطابا أكد من خلاله على أهمية أراضي ألاسكا، بسبب كميات موارد الفرو الموجودة هناك، وإمكانية الاعتماد عليها (ألاسكا) كمركز للصيد البحري واستغلال مناجمها، ومن خلال خطابه هذا لمح الوزير الأميركي إلى إثناء عدد من البحارة والمستكشفين على أراضي ألاسكا في كتاباتهم.

على الرغم من توقيع هذه الاتفاقية أواخر شهر آذار/مارس عام 1867، استغرقت أميركا سنة كاملة من أجل دفع ثمن ألاسكا، ويرجع السبب في ذلك إلى حالة التخبط والمشاورات التي عاشها مجلس النواب الأميركي لمناقشة هذه الصفقة وتداعياتها

العربية