جرثومة «الشلليات» ..«المصل» هل بيد «الوطني»؟
عرفت الأحزاب السياسية السودانية صراعات حادة احيانا حول الأيديولوجيا واخري حول المنصب ،ما ترك أثرا سالبا عميقا علي مستقبل تلك الأحزاب ودورها في المجتمع ، عطفا علي انشغالها واستغراقها في محاولات لم شتيتها ومنع تناسلها الي عدد من الواجهات فاقت المائة بحسب دفاتر مسجل الاحزاب السياسية .
#الصراعات الحزبية
حالة من التوافق علي ان المدخل في كثير من الصراعات التي ضربت اجسام الاحزاب السودانية وادت الي تفتتها ما يعرف بـالتكتلات او «الشلليات» التي عادة ما تسبق اي معركة داخلية وتكون نواة الي انقسام في الحزب او الجماعة.
واخذت الصراعات الحزبية أشكالا مختلفة، ببعد معظم القوي السياسية عن ديموقراطية الممارسة، في معالجة الخلافات ، وطغيان العصبية، وتغليب أغلب قادتها المصالح الشخصية علي مصالح التنظيم والوطن، ولو اتبعت أساليب حضارية ديموقراطية في معالجة تلك الأزمات، لجنبتها، ولتجنب الوطن كثيرا من الخسائر وهدر الوقت والطاقات.
بدأ السودان خطواته نحو تحقيق الاستقرار السياسي ولم شمل الأحزاب والحركات وفقا لمرجعيات الحوار الوطني بهدف تشكيل حكومة وحدة تقود البلاد بعيدا عن الصراعات والمماحكات الحزبية وتعيد رسم صورة أفضل للبلاد.
#مهام في انتظار الوافد الجديد
صحف «الخرطوم» الصادرة أمس حملت في جوفها عبارات لمساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني د. فيصل حسن ابراهيم في اعقاب اداء القسم ، كانت واضحة الدلالات والمعاني باعلان الحرب مراكز القوي ،مطلقا تطمينات بشأن اجراء معالجات داخل حوش حزب «المؤتمر الوطني» و»الجهاز التنفيذي»، وشدد علي ضرورة اجراء تعديلات في الحكومة الحالية ، وقال « يوجد ضعف في الحكومة ، وزاد « التعديل الوزاري ضروري و لازم».
نائب رئيس المؤتمر الوطني لم يبد أي انزعاج من «التفلتات» بالمؤتمر الوطني، واكد قدرته علي السيطرة علي أي تفلتات داخل حزبه، وقال في حوار صحفي اجرته معه صحيفة «السوداني» ان مؤسسات الحزب ستقضي علي ما يسمي بـ «مرتكز القوى».
لم يكتف د. فيصل بانهاء التفلتات بل ذهب الي قطعه عهدا بانهاء «الشلليات» من داخل المؤتمر الوطني بل انه وصفها بالمضرة ، مؤكدا بعدم وجود مساحة لجهوية أو قبلية أو شلليه داخل المؤتمر الوطني، مؤكدا ان المعيار خلال المرحلة المقبلة سيكون الكفاءة ، وزاد « نريد توحيد الصف داخل الحزب»
الوعود التي اطلقها د. فيصل فور مباشرته لمهامه الحزبية الجديدة تؤكد ان الرجل داخل بحزم وقوة لأنهاء كل ما هو «ضار» للحزب وتنتظر الوافد الجديد مهام صعبة أهمها حسم الصراعات التنظيمية التي تضرب الوطني هذه الأيام خاصة بعد انقسام قيادات وعضوية الحزب حول مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2020م، كذلك من التحديات التي تنتظر فيصل إبراهيم هو قيادة معركة الانتخابات المقبلة والتعبئة لها والمحافظة علي الوطني دون حدوث مفاصلة ثانية يقول كثيرون إنها في الأفق.
#تحذيرات من «الشلليات»
الحديث عن وجود «الشلليات» داخل المؤتمر الوطني لم يكن ليجد اذنا صاغية ما قبل انفصال جنوب السودان ، لكنه بدأ يتسرب بشكل واضح بعيد انفصال جنوب السودان وخاصة بعد ترجل ما عرف بالحرس القديم داخل الحزب وفي مقدمتهم النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ومساعد الرئيس نافع علي نافع واخرون .
وعلي هذا ، لم تعد خطابات المسؤولين في الدولة تخلو من التحذير من خطورة التكتلات والشلليات بمختلف صبغتها سواء ان كانت قبلية او جهوية او حتي فكرية ،والدعوة للوحدة بدلا من الاختلاف والخلاف بعيدا عن الاطر التنظيمية .
نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن ، في اكثر من مناسبة حذر من «الشلليات والاصطفاف» داخل الحزب،وقال في تصريح صحفي سابق «لا نريد تكتلات ولا تفلتات داخل الحزب» محذرا من اللجوء للواتساب والفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت حال عدم قبول رؤية العضو داخل مؤسسته.
وطالب حسبو بممارسة السياسة الراشدة والعمل المتميز بالدرجة الاولي بالعاصمة لجهة أن أي إسقاطات من الخرطوم تؤثر علي السودان بأثره، مناديا بعدم الاعتماد علي التقارير،ووجه عضوية الحزب بالتقرب من الشعب وإجراء حوارات معه، والتقرب من الله بالعمل الصالح .
المؤتمر الوطني ـ الحزب الحاكم كخطوة منه لتحقيق الوحدة وسع في ماعون حكومة الوفاق الوطني متنازلا عن نصف مقاعد الحكومة المزمع تشكيلها خطوة علي الطريق الصحيح ومحاولة لحث بقية الأطراف علي تقديم مصلحة الوطن فوق المصالح الحزبية.
ورأي نائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن، في الخطوة رغبة حزبه الأكيدة من أجل إنجاح الحوار ومخرجاته.
#نبذ الجهوية والقبلية
نائب رئيس المؤتمر الوطني «الجديد» سبق وان نادي بضرورة نبذ الجهوية والتكتلات داخل الحزب خلال انعقاد المؤتمر التنشيطي للحزب بشرق دارفور في ابريل من العام الماضي.
ودعا فيصل الاعضاء المشاركين من حزبه الي ضرورة تناسي مرارات الماضي ونبذ الجهوية والقبلية والاتجاه معا لتعزيز السلام الاجتماعي وكأنه اراد ارسال رسالة لتعزيز اواصر الاخاء والتواصل الاجتماعي.
#وعود سابقة
وحينما كان وزير الخارجية الحالي البروفسيور ابراهيم غندور نائبا لرئيس المؤتمر الوطني، وجه خطابا شديد اللهجة لشباب حزب المؤتمر الوطني وصوب فيه انتقادات شديدة لنهج «الشلليات»، وقال «لا نريد الشلليات داخل الحزب وأي شلليات في حزبنا أعرفها بفرتقها، لأنني صاحبكم وأخوكم»،لافتا إلي أن عملية الاختيار للحزب تتم وفق معايير، وعلق قائلا»الحكاية بعد ده ما فيها «كنكشة» تاني و ما في زول يفتكر نفسه مقلد». ودعا إلي توسيع باب الحوار وفتح النوافذ للرأي والرأي الآخر، وإفساح المجال أمام كل صاحب رأي ليقول ما يريد إذا أردنا التغيير في المنهج.
حديث غندور كان واضحا خاصة وان « شلليات « بدأت تظهر في اوساط الشباب، ووضح ذلك عقب عودة قيادات شابة من المؤتمر الشعبي، ولكن سرعان ما عملت قيادة الحزب علي طي تلك الصفحة لكن ملامح «الشلليات» تبدو بشكل كبير في المرأة بالوطني حيث لاتزال اسماء بعينها تسيطر علي الاوضاع داخل القطاع ولفترة طويلة بل وتتهم بالتحكم في تقديم اسماء احيانا لا تمثل القطاع ولا دور قياداته.
وغندور كان صريحا عندما تحدث عن «الشلليات» ومضي للقول «البيلعب كورة يمشي يلعب والما بيعرف يمشي يتفرج» وهي تعني لا «للشلليات» ، نعم للكفاءة والمجاهدة والسبق، انتهي حديث غندور الذي اطلقه قبل ثلاثة اعوام ولكن ظلت «الشلليات» باقية داخل حزب المؤتمر الوطني. و لكن هل سينجح نائب رئيس المؤتمر الوطني الجديد د. فيصل فيما اخفق فيه من سبقة والقضاء علي «الشلليات» داخل حزبه.
الصحافة.