خياران لا ثالث لهما
* الوضع الاقتصادي الكارثي الذي نعيشه حالياً تسبب فيه وبشكل مباشر صندوق النقد الدولي، إذ تستحضر ذاكرتي تماماً تصريحاً لوزير المالية محمد عثمان الركابي قبل ثمانية أشهر من الآن، بإعتزامهم كحكومة تطبيق حزمة اقتصادية جديدة، تشمل التوسع في رفع الدعم عن سلع وخدمات رئيسة للمواطن، وذلك بعد تعهدهم، لمسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي، بقبول روشتة اقتصادية دولية تشمل رفع الدعم عن السلع.
قرار الحكومة القاتل والذي تصدى له بكل ( بسالة وجسارة) السيد الركابي جاء بعد إقراراه بأن فشل السودان في سداد ديونه الخارجية البالغة 55 مليار دولار يحول دون حصولهم على قروض جديدة، وهذه بطبيعة الحال لتمويل نشاطات الحكومة المترهلة.
* جاء القرار الموجع والمؤلم والمواطن يتعشم بقرارات ايجابية تقف في صفه بدلاً أن تقسم ظهره، رغم الوعود غير الصادقة التي ظل النظام يدغدغ بها الشارع من وقت لآخر قبل أن تنكشف الخدعة الكبرى، ورغم تصريحات النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء وهو يعلن أن أولى أولوياته (الاصلاحات الاقتصادية)، ليتأكد أن القول شيء والفعل شيء آخر.
* ولعل أسوأ ما في الأمر أن رئيس البرلمان نفسه ساند هذه القرارات المجحفة وهو يفاجئ الجميع بإعلانه توجيه موازنة العام المقبل 2018 لأنشطة الأمن والدفاع، وهو الذي ينتظر منه أن يقف في صف المواطن باعتبار وضعيته الدستورية ولكنها الإنقاذ، وهو النظام الإسلامي صاحب المشروع الحضاري المزعوم.
ولا زال المواطن البسيط يتعشم في معالجات تقيه شر النظام وتمنع تكرار شريط واحدة من اسوأ العقوبات التي تعرض لها جراء رفضه للسياسات الاقتصادية القاسية وأعني هبة سبتمبر 2013م، التي قوبلت بقمع شديد من القوات النظامية، وانتهت بسقوط أكثر من 200 شهيداً ومئات الجرحى.
أضحى واضحاً أن المواطن بات أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما تكرار ذات الجولة واضعاً في اعتباره مصير المئات من الشهداء والجرحى، أو اختيار الخيار الثاني بأن يواصل في ذات الخنوع والصمت الذي جعل منه شعباً خانعاً باصماً بالعشرة على كافة أشكال القمع والابتزاز التي دأب على ممارستها النظام بلا رحمة.
* الشعب لم يقل للحكومة أو النظام انه يريد الحرب، ولم يوافق عليها، ولم يكلف مسؤولاً واحداً بإشعال نارها، فالشعب يريد أن يعيش في سلام وأمان، ويبحث عن لقمة العيش الرخية ومقعد الدراسة والكتاب والكراسة دون الحاجة للبحث عنها واستجدائها من الحكومة، والشعب يبحث عن حبة البنادول بسعرها الحقيقي لا سعر الحكومة المضاعف، ويبحث عن جرعة الكيماوي لتكون في متناول يده، بدلاً عن استجدائه ثمنها من الأثرياء وانتظاره لأيام حتى يتمكن منه المرض فتضيع (روحه) في رحلة البحث عن الشفاء.
* الحكومة تؤكد في كل يوم انها عالة على الشعب، فجميع المسؤولين فيها بلا استثناء، يأكلون من سنام المواطن دون أن يقدموا له ما ينتظره منها من خدمات، وكل يوم يزداد إحكام قبضة الحكومة على (رقبة المواطن)، من خلال فواتير خدمات هزيلة، ودمغات لا وجود لها إلا في أدمغة وعقول لم تعرف الفكر الصائب ولا الابتكار ولا التميز بل أدمغة، تفوقت في شكلها وأساليبها القمعية على جبايات العهد التركي المصري البغيض.
* الحكومة لم يعد لديها ما تقدمه للمواطن سوى المزيد من الضغط والقمع والاذلال والإهانة في وطنه، ومن لم يعجبه الحال، فأمامه حلاً من إثنين، إما الهجرة وترك الجمل بما حمل، وإما أن يمتهن أساليب الفهلوة من سرقة وإحتيال وهمبتة، ليعيش كريماً عزيزاً مهاباً في وطنه.
* عزيزي المواطن، إختار أحد الحلين لتعيش في سلام.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة