الذهب السوداني الثروة القومية الناهضة بقوة لدعم الاقتصاد السوداني
حبا الله البشرية بخيرات كثيرة فى ظاهر الارض وباطنها حيث تعد المعادن إحدى ذلك الخير الربانى يختزنه باطن الأرض وتنتشر فى شكل فلزات ممزوجة بمواد أخرى كالكبريت أو الكلور ومن النادر أن تجد أياً من المعادن في عزلة أو في حالة نقاء خالص
و يصنف الذهب كواحد من أغلى المعادن في العالم، فهو عنصر كيميائي ثمين وغالي ومعروف منذ القدم، ويرمز له في الجدول الدوري بالرمز AU، يتميز بلونه الأصفر النقي الجذاب والبراق ، كما أنه من أكثر العناصر كثافة من بين العناصر الكيميائية الأخرى. ويوجد على درجة صلابة 2.5 و كثافة نوعية 19.6 غ/سم3 ، وهو يوجد إما على هيئة التبر وإما على شكل ذرات أو حبيبات كما يشكل الذهب قاعدة نقدية مستخدمة من قبل صندوق النقد الدولي (IMF) كما أن للذهب استعمالات أخرى في طب الأسنان والإلكترونيات ويوجد في الطبيعة على حالتين اما فى موضعه (رواسب أولية) او في التجمعات (رواسب منقولة) .
وتعتبر قارة افريقيا من أكثر القارات التي تمتلك في باطنها كميات كبيرة من الذهب، فنصف كمية الذهب التي يتم استخراجها كل عام تأتي من نفس المكان تقريبا: منجم يتواترسراند في جنوب افريقيا.
وعرف السودان الذهب في العهود القديمة وأطلق على الجزء الشمالي منه ارض النوبة بمعنى أرض الذهب حيث تتنوع طبوغرافيا السودان من أراض صحراوية وسلاسل تلال وجبال بركانية متفرقة إلى أودية وأدى هذا التنوع إلى تنوع المعادن كما اثبتت الدراسات الجيوفيزيائية والمسوحات وجود شواهد قوسانية تحتوى على معدن الذهب في مناطق مختلفة في البلاد .
وقد تم إستخراج الذهب فى السودان منذ العهد الفرعوني والتركي حيث تواجد بكثرة عند الفراعنة فكانوا يصنعون منه توابيت ملوكهم وعرباتهم كما أنهم صنعوا منه قناعاً من أجمل الأقنعة التي عرفتها البشرية فكان مصنوعا من الذهب النقي للفرعون توت عنخ أمون.
ومن أهم المناطق التى يتواجد الذهب فيها شمال السودان ( من وادي حلفا وحتى عطبرة) حيث يوجد معدن الذهب الناتج من تحول الصخور البركانية والرسوبية التي ترجع إلى العصر البروتوزوي المتأخر في شكل عروق مع معادن أخرى مثل النحاس والزنك والحديد، بجانب مناطق جبال البحر الأحمر وخاصة مناطق الأرباب وجبيت المعادن حيث يوجد الذهب في هذه المنطقة بتركيزات عالية تصل في بعض الأماكن إلى 100جرام/طن ، كما يوجد مصحوباً بالفضة .
وقد بلغ الإنتاج في عام 2003 م حوالى 5106 كيلو جرام ذهب و2844 كيلوجرام فضة كما يتواجد المعدن في طبقات السليكابارايت ، بالاضافة الى مناطق جنوب النيل الأزرق ( ولاية النيل الأزرق ) ويوجد فيها الذهب الرسوبي الذي يتم التنقيب عنه بالطرق التقليدية بجانب مناطق شمال شرق السودان (بين خطى عرض (00` – 21ْ، 00` – 20ْ ) وخطى طول (15` -35ْ ، 30` – 34ْ) بالاضافة الى مناطق بولاية جنوب كردفان (جبال النوبة) وولاية جنوب دارفور حيث تم تقسيم المنطقة المحصورة بين البحر الأحمر والنيل إلى مربعات امتياز منحت إلى مستثمرين في هذا قطاع.
وقد تم أكتشاف أكثر من 150 موقعاً لمحزون الذهب في المنطقة مابين جبال البحر الأحمر ونهر النيل، حظي عدد قليل منها بدراسات تفصيلية . وتم الإنتاج حتى الآن في مربع أرياب بولاية البحر الأحمر بعد أن اكتملت مراحل أعمال التنقيب والتقييم والتي اكدت وجود حوالي (200) طن من الذهب و ما تم تنقيبه حتى الآن يبلغ حوالي ( 74) طنا . كما تمت مؤخرا اكتشافات جديدة بالمنطقة للذهب مصاحبة لتوقعات الكبريتيدات الكتلية لمعادن الأساس وهي النحاس و الزنك ، مع وجود عروق المرو كخام إضاف.
وتصاعد استغلال الذهب فى البلاد بعد تراجع انتاج الذهب الاسود (النفط) عقب انفصال الجنوب والذهاب بأغلبية إنتاج البلاد من البترول مسببا إختلالا إقتصاديا فى الميزان التجارى مما حدا بالدولة والقائمين على أمرها للتفكير جديا فى إيجاد موارد أخرى لسد ذلك الفراغ وجاءت البشريات بوجود الذهب بمناطق متفرقة بكافة ولايات السودان وبكميات كبيرة .
البروفيسور هاشم على سالم وزير المعادن أكد (لسونا) عزم وزارته فى زيادة الانتاج من المعادن وبصورة خاصة معدن الذهب خلال العام 2018 م بتطوير وتحديث آليات التنقيب والتعدين باعتبارها الدعم الحقيقى للاقتصاد الوطنى وجلب العملة الاجنبية مبينا بأن إنتاج الذهب فى تزايد مستمر كلما تم تطوير آليات البحث والتنقب حيث إرتفعت الانتاجية للعام الماضى ومخطط بزيادة الانتاج للعام الجارى 2018م مؤكدا على أن جملة إنتاج الذهب للعام 2017م بلغت 107 طن بنسبة أداء بلغت 111% من الربط الذى خطط للانتاج والذى كان يبلغ 100 طن.فيما بلغ في العام 2016 ( 93.4) طنا بينما بلغ انتاج العام 2015م ( 82 ) طنا .
بروفييسور هاشم أوضح بأن المخطط لشركات الامتياز للعام 2017م كان 7 أطنان فيما بلغ الانتاج الحقيقى لتلك الشركات 6,4 طن بنسبة أداء 91% بينما بلغ المخطط لانتاج شركات المخلفات 9.55 حقق من الانتاج 9.2 طن بنسبة أداء بغلت 96% مبينا أن المخطط للتعدين التقليدى كان 83 طنا وبلغ الانتاج 91.6 طن بنسبة أداء 110% اما التعدين الصغير فقد بلغ الربط 0.45 طن وتم إنتاج .0.05 بنسبة أداء بلغت %10 لتصبح جملة المنتج من الذهب للعام 2017 م (107 ) طنا .
واما بالنسبة لصادرات الذهب ذكر أن مساهمة الصادرمنه بلغ 37.7% من إجمالي صادرات السودان، وأقر بوجود نسبة كبيرة من الذهب المنتج تهرب إلى خارج البلاد مما يستدعي معالجتها في القريب العاجل لتشجيع بيع الذهب لصالح الحكومة حيث تعول البلاد على الذهب كثيرا كمصدر أساسي للنقد الأجنبي بعد فقدانه لثلاثة أرباع عائداته النفطية.
وحسب تأكيد البروفيسور إن السودان الان يحتل المركز التاسع عالميا فى انتاج الذهب و الثاني أفريقيا حيث ياتى بعد جنوب أفريقيا مباشرة عقب انخفاض إنتاج مالي من الذهب بسبب الأزمة التي عاشتها في العام 2012م مما تسبب بخسائر كبيرة لشركات إنتاج الذهب هناك بينما ظل السودان متقدماً في إنتاج الذهب منذ العام 2012م.
وعلى رغم من التصاعد المستمر لانتاج الذهب خلال السنوات الماضية، الا ان هذه الانتاجية مهددة بظاهرة التهريب وبالرغم من جهود الجهات المختصة للحد منها ومحاربتها، حيث أن جريمة التهريب تضر كثيراً بالاقتصاد وتعمل على إضعافه، إلا أن حدود البلاد المفتوحة والممتدة والمتطلة على ثمانية دول يصعب التحكم على ظاهرة تهريب الذهب 100% .
ويرى مراقبون أن قرار القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء بحظر تجارة الحدود والتعامل بها في البلاد في العام 2009م وسياسات البنك المركزي في شراء الذهب أسهم في زيادة نسب التهريب لهذه السلع الاستراتيجية .
فيما يرى وزير المعادن البروفسير هاشم محمد سالم أن إنشاء بورصة للذهب ستقضي بشكل كبير على نشاط التهريب، ويقول إن المنتجين سيكون أمامهم بيع الذهب في البورصة بذات الأسعار المعروفة، وهو ما سيشجعهم على التعامل مع البورصة،
وفي ظل تأكيدات وزارة المعادن بتحقيق إيرادات الذهب عائدات “1.4” مليار دولار، من مجمل الإنتاج البالغ “93.4” طن ذهب، الا ان خبراء يرون ان الذهب الذى يتم تهريبه اكثر من المستغل داخليا مما يؤثر بشكل كبير على الإيرادات العامة للدولة وحرمان خزينتها من الرسوم والعائدات الجمركية، مما يحتم تكاتف وتضافر جميع الجهود لمحاربة التهريب وضبط المنتج لتغذية الخزينة بالعملات الصعبة وتقوية الاقتصاد الوطنى.
وزير المعادن البروفيسور هاشم على سالم اكد على سعى الوزارة الجادة فى ضبط انتاج الذهب معللا ان التهريب يتم من انتاج القطاع التقليدي ،مشيراً إلى أن التعدين التقليدي يمثل 80%، وهو تعدين ذو آليات بسيطة وبدائية، وعزا أسباب التهريب لافتقار البلاد لأجهزة مراقبة التهريب وأجهزة مراقبة الإنتاج الفعلي بمواقع التعدين، بجانب عدم القدرة على الحصول على الأجهزة المعتمدة الحديثة لختم الذهب،مبينا معاناة الوزارة فى توفير عربات مؤمنة لنقل المعادن إضافة لحاجتهم الماسة لكاميرات مراقبة الإنتاج الدقيقة و التقنيات الحديثة في المناجم وأجهزة رصد التهريب ومعامل التحليل المتقدمة، حيث يفتقر السودان لمعمل حديث، مما يضطرهم لإرسال العينات خارج البلاد، وقال بأنها مخاطرة، مؤكدا على أهمية توطين التصنيع التعديني. ومن هنا نختم هذا التقرير بالتاكيد على اهمية تطوير وتحديث اليات التنقيب واليات المراقبة وضبط التهريب اذا يعد معدن الذهب صمام امان الاقتصاد السودانى اذا شمرت السواعد وتداعي المخلصين للانتاج والاستغلال الامثل.
إعداد/ سعيدة همت محمد
الخرطوم 19-3-2018م (سونا)