رأي ومقالات

من يعبأ لأحمد التجاني ؟ مفخرة السودان في الخليج

* في الوقت الذي كانت فيه مارشات الانقاذ تعزف لحن الاستيلاء على السُّلْطة قبل ثلاث عقود كان الدكتور أحمد التجاني يبذر حلمه في صحراء الإمارات العربية المتحدة، غصت أقدامه في الرمال، هناك ولا شيء غير الرمال، لا ماء ولا خضرة ولا طقس محفز للحياة، إلا أنه ومع كل هذه الظروف القاسية انتدبته الهيئة العربية للإنماء الزراعي لتأسيس مشروع الروابي للمنتجات الغذائية، وهو بذلك كمن ينحت بأظافره على الصخر، فكيف نجح الرجل في المهمة المستحيلة وصنع أهم مشروع غذائي في الخليج؟ ولماذا لم يستفيد السودان من تجربته الطويلة الممتازة؟

* أحمد التجاني الذي درس في حنتوب وحاز العديد من الأوسمة العلمية والمهنية وحصل على الدكتوراة في بريطانيا هو الأن من الشخصيات الاعتبارية في الخليج، يهندس وقته بالثانية، ويدير عمليات بزنس لا تقدر بثمن! وهو مفخرة بلا شك .

* بدا الرجل باستيراد خمسمائة بقرة هولندية على متن طائرات لوفتهانزا، وقد وطئت الأبقار بلاد كانت تعتمد بالكامل على الألبان المجففة المستوردة، لكنه في غضون سنوات قليلة سقاهم الحليب الطازج والعصائر الطبيعية، وحقق الاكتفاء الذاتي لدرجة التصدير إلى دول الجوار. لقد نهضت الإمارات حقا بأيادي سودانية محضة، وخير دليل هو أحمد التجاني، خبرات مائزة لم نستفيد منها بأي صورة، فنحن بارعون جدا في اهدار الموارد والفرص والكوادر البشرية.

* قلت لأحمد التجاني وأنا اتجاذب معه أطراف الحديث، لماذا لم تفكر في صناعة مشروع مواز في بلدك؟ فقال لي بلا تردد: هذه حلمي، وحكي كيف أنه بذل فكرته للحكومة من خلال محاضرات قامت السفارة السودانية في دبي بعرضها على الجهات المختصة. لكنها لم تجد الأذن الصاغية والارادة الوطنية

* الفكرة ببساطة سوف تنقذ السودان للأبد وسوف تحوله إلى دولة ثرية في غضون عامين أول أقل. يضرب الرجل نموذجا بما هو متاح من ثروة حيوانية، ما هو متاح فقط.. كانت في السبعينات نحو ٣٤ مليون رأس من الأبقار تقريبا، فإذا افترضنا الأن العمل على ١٧ مليون رأس، مع المياه والمزارع الوفيرة والأيدي العاملة، يمكن أن تنتج البقرة الواحدة على الأقل نحو ثلاثة ألاف لتر، ويمكن أن يوفر السودان خلال عام واحد من اللحوم والألبان نحو مائة وعشرين مليار دولار! تخيل هذا المبلغ وعجزنا السنوي فقط أربعة مليار دولار، كما أننا نلهث خلف وديعة أقل من مليار دولار بهدف استيراد القمح والوقود دون فائدة.

* هذا المشروع المتاح يمكن أن يدر على السودان بأقل جهد ١٢٠ مليار دولار، هى الأن موجودة فقط من الأبقار وليس الماعز والضان، ومايحفز أكثر أن مجلس التعاون الخليجي استورد العام الماضي من البرازيل (البعيدة دييك) لحوم بعشرات المليارات، بينما نحن الأقرب وتجمعنا المواني والأواصر لم نفكر في سد تلك الحاجة!! وحتى إذ عجزت الحكومة يمكن أن ينهض هذا المشروع بمدخرات المغتربين، على أن يكونوا شركاء في النجاح والأرباح .

* بلا مواربة يمكن القول أننا بالحديث عن البترول والذهب نبيع الأوهام للناس، ولن نغادر مأزق فقدان السيولة وصفوف البنزين والصرافات، وبين أيدينا كنوز حقيقية، حبانا الله بها دون العالمين، لم نستفيد منها، ولم نحسن استثمارها، ولو كانت الحكومة جادة في انقاذنا فلتبدا بدعوة الدكتور أحمد التجاني وافساح المجال له لتنفيذ مشروعه الهائل، كفاية فقر وتسول، وبيع للمواقف، كفاية فرجة واجهاض للأحلام .

عزمي عبد الرازق
صحيفة ألوان

‫2 تعليقات

  1. ((بلا مواربة يمكن القول أننا بالحديث عن البترول والذهب نبيع الأوهام للناس، ولن نغادر مأزق فقدان السيولة وصفوف البنزين والصرافات)) وهذا بالضبط ما تريده وتخطط له الطغمة الحاكمة منذ سنوات طويلة !!!!!!!!!

  2. ليت هذا الكلام يكون صحيحا وان هذا الرجل يمكنه عمل معجزة ، وليت الحكومه تسمح له ، لكننا ندرك جميعا ان المنتفعين والمتنفذين ، واصحاب البطون التى لا تشبع لن يسمحو له بشيء يسد به رمق الغلابه ، لك الله ايها الوطن الكسيح ، ولك الله ايها الشعب المغلوب على امره ، حسبنا الله ونعم الوكيل.