لِمَ التباطؤ ..؟ !
لا يمكن للحكومة وهي ترى وتسمع، أن تقف عاجزة بهذا الشكل المزري أمام أزمة الوقود الحالية، ومظهر الصفوف الممتد لمئات الأمتار، بل بضعة كيلومترات في انتظار الوقود في محطات الخدمة، لا تليق بنا كبلد وشعب هذه المشاهد المحزنة التي تنم عن سوء إدارة وإخفاق مريع في التعامل مع أزمة ظننا أنها عارضة وعمَّا قليل تنقشع،
فإذا بها تمتد لأيام وليالٍ ولا ندري متى نهايتها!. والغريب أن كل الجهات الحكومية التنفيذية والسياسية، صمتت صمت القبور، فلا حديث يطمئن ولا اعتراف بوجود مشكلة تتطلب السعي لحلها ..!
> فلندع كل ما يُقال من مبررات أو ما يتناوله الناس من أحاديث لا تسمن ولا تغني من جوع، ولننظر إلى حجم السيارات التي تقف في كل محطات الخدمة بولاية الخرطوم فقط، ولا نقصد هنا السيارات الخاصة بالمواطنين، بل نقصد الشاحنات والحافلات وعربات النقل العام المختلفة الأحجام والحمولات، آلاف العربات تقف ليوم أو يومين، هذه كلها تعطلت عن العمل والإنتاج، بعضها ينقل الإنتاج الزراعي من خضر وفواكه ومحاصيل مختلفة وأعلاف، وكثير منها يعمل في مجال نقل الإنتاج الحيواني والبضائع والسلع، وهناك الحافلات التي تنقل المواطنين، كل هذه تعطلت وتوقفت عن العمل والإنتاج، آلاف السيارات تنتظر الوقود، وجزء كبير منها محمل بخضروات وفواكه تلفت وضاعت مصالح أسر وعائلات ويواجه قطاع عريض من المواطنين حالة لا يمكن وصفها من الإحباط وتردي الحالة المعيشية وما لا يحتمل من ضيق العيش .
> لا ندري حتى اللحظة متى تنفرج الأزمة؟، ولكن هل كل ما يمر بالبلاد من هذا النوع من الأزمات يترك كما هو ليتكرر مع الأيام، أم أن هناك مراجعات ومحاسبات وتحسب لما يمكن أن يحدث، في التقدير البسيط لدى أي مواطن؟.
> إن الأزمة لا مبرر لها من الأساس، فالسلطات المختصة كانت تعلم قبل توقف المصفاة الرئيسة كم هو حجم الاستهلاك من الوقود في العاصمة والولايات، وما هي قنوات التوزيع ونجاعتها .. وكيف يتم توفير المال اللازم للاستيراد، فكيف بالله تدهمنا هذه الأزمة الطاحنة فجأة وتعجز كل الجهات المعنية والمتخصصة والنظام المصرفي كله بما فيه بنك السودان عن توفير العملات الأجنبية في شراء الوقود الكافي وتلافي الأزمة قبل استفحالها ؟!..
> قد يقول قائل إن الوزارة المعنية – وزارة النفط والغاز – كانت على وعي تام بما حدث، ثم أنها أبلغت البنك المركزي بتوقف المصفاة وحاجتها إلى تمويل عاجل لسد النقص والعجز، ولم يوفِ بنك السودان بالتزاماته، فهل هذا الحديث يمكن السكوت عليه قبل القول بأنه غير مقنع البتة ..! هل وصلت الأمور الى هذا الدرك؟..
> ما نحتاجه اليوم قبل الغد، إدارة عاجلة للأزمة وغرفة عمليات لا تنفض أبداً تجتمع على مدار الساعة وتتابع عن كثب وتسعى لتوفير كل ما هو مطلوب، لو استمرت الأزمة لأيام قليلة قادمة، ربما ينفجر الشارع الصابر الغاضب .. لا مواصلات .. ولا اطمئنان .. وأكثر ما يخشاه الجميع هو أن يهدد هذا النقص الحاد في المحروقات الموسم الزراعي الذي يطرق الأبواب، ففي مثل هذه الأوقات من كل عام تجري الاستعدادات من المزارعين للاطمئنان على الوقود خاصة الجازولين وبقية الاحتياجات الأخرى وتوفيرها من وقت مبكر فهناك مناطق ضمن نطاق الزراعة الآلية تتم فيها التحضيرات في أبريل ومايو نسبة لقدوم الخريف في وقت أبّكر من غيرها ..
> نحن في وضع لابد فيه من ترك كل شيء والتفرغ لحل هذه الجائحة، وعلى الحكومة أن تتحرك فوراً وألا تركن الى الحلول التقليدية وتقتل الوقت بالانتظار، عليها البحث عن موارد عاجلة وتغطية العجز بسرعة وأن تردم فجوات المعضلة قبل توسعها، والاحتياط حتى لا ندخل في ما هو أكثر تعقيداً لو تناقص وقود التوليد الكهربائي للمحطات الحرارية خاصة في مدن الولايات التي تعتمد عليه، أو في الشبكة القومية ..
> نسأل الله أن يلطف بنا وببلدنا وأن يجنبنا سوء المآل ..
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة