إدمان يُصيب القلب ويورّث القسوة .. فانتبه!
الذنوب آفة تصيب العبد، وشر يبعده عن الله عز وجل، فقد تبدأ صغيرة ومن ثم تكبر تتشعب وتتمكن من الشخص حتى يعتاد الذنب، ولا يعير انتباها له.. حتى إن الإنسان يصل إلى مرحلة تسمى (إدمان الذنوب).. فإدمان الذنب والتعود عليه يورث قسوة في القلب وعناد وتكبر في النفس.
كتب د. أحمد عيسى المعصراوي، شيخ عموم المقارئ المصرية السابق على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: كيف يدمن الإنسان ذنوبا ما كان يتخيل أنه يرتكبها في يوم من الأيام؟، إن أصعب الحرام “أوله”.. ثم يسهل.. ثم يستساغ.. ثم يؤلف.. ثم يحلو.. ثم يطبع على القلب.. ثم يبحث الشيطان لك عن حرام آخر!، فانتبه لخطوات عدوك جيدا، واقطع الحبل عليه من البداية، فإنه أسهل بكثير.
فمع استسهال الحرام والذنب في البداية، وتمكنه من النفس والقلب بعد ذلك، يجد الشيطان هذا الشخص المقبل على الذنب فريسة سهلة لغيرها من الذنوب والأمور التي تغضب الله ورسوله وتبعده عن الطريق الصحيح.
ومع اقتراب شهر الخير والطاعات.. ومع بدء العد التنازلي لشهر الرحمة والمغفرة، يحاول الإنسان التقرب والاستعداد لشهر رمضان بقلوب نقية وبنفوس خالية من الذنوب والمعاصي، ولقد كان لنا في رسول الله صلوات الله عليه وصحابته الكرام خير نموذج ودليل يحتذى.
فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي من عندك مغفرة، إنك أنت الغفور الرحيم).. صحيح البخاري.
ويقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة الزمر (آية: 53): {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
فالتوبة والإقرار بالذنب والدعاء إلى الله عز وجل هو طريق للتخلص من إدمان الذنوب والتعود عليه حتى لا يختم الله جل وعلا عليها، يقول تعالى: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.. [المطففين : 14].
وقد روى ابن جرير والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت، فذلك قول الله: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.. [المطففين : 14].
وقال الترمذي حسن صحيح ولفظ النسائي إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فهو الران الذي قال الله: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.. [المطففين : 14].
وقال الحسن البصري: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت.
وفي الداء والدواء لابن القيم: إدمان المعاصي سبب لسخط الله ولعقابه في الدنيا وفي القبر ويوم القيامة:
رأيت الذنوب تُميت القلوب وقد يورثُ الذلَ إدمانُها
وترك الذنوبِ حياةُ القلوب وخيرٌ لنفسك عصيانها
مصراوي