لينا يعقوب: على الوطني أن يُغيّر معايير اختياره، لتُصبح أكثر حِكمة وجدية، فما زال الوطني هو الوطني الذي نعرف
لم يكن يتوقع أكثر الناس تشاؤماً أن يرفض أعضاء من المؤتمر الوطني، شغل مناصب تنفيذية أو ولائية رشحها لهم المكتب القيادي، ذلك لأن الثقافة السائدة عند منسوبي الحزب، أنه “تكليف وليس تشريفاً”، وأنهم جنود في خدمة الوطن، إن قررت القيادة تنصيبهم أمراء وافقوا، وإن رأت تعيينهم “خُفراء” رضوا!
ثقافة الاعتذار “معيبة” عند عضوية الوطني، وقد حكى لي مرة، وعن طريق الصدفة، أحد قياديي الحزب، أن عدداً مقدراً من شاغلي المناصب التشريعية والتنفيذية والولائية، لم يسعدوا بنبأ تعيينهم في فترات مضت، رغم ما يُخيّل لنا في الصحافة، أن “الوزير أو المسؤول” “مبسوط وميت فرح” على حد وصفه.
قلت له إننا لم نأتِ بالانطباع من “فراغ”، فالذبائح التي يذبحها المسؤول وأهله تؤكد أنه وعشيرته وأصدقاءه سعيدون بتعيينه.
على كلٍ، يقول بعض منسوبي الحزب، إن المكتب القيادي اعتاد أن لا يُشاور المرشحين في المناصب التنفيذية والولائية، إلا في حالات نادرة جداً، وإنه يلجأ “للمشورة” في حال كان المرشح ليس من عضوية الوطني “تكنوقراط”.
لكننا هنا في معرض التحليل، بعد أن اعتذر قياديان اثنان من الحزب، عن تولي منصب الوالي.
لا أدرِ سبب اختيار علي كرتي والياً على البحر، فالرجل كان قبل أيام في الدوحة، يُسلم الأمير القطري رسالة من الرئيس البشير، أي أنه ما زال يقوم بين فينة وأخرى بمهام أشبه بطبيعة عمله السابق حينما كان وزيراً في الخارجية.. الرجل صوته منخفض، يحب العمل في الخفاء، أسرته في الخرطوم، أعماله وتجارته هنا وفي الخارج، خاصةً أنها توسعت بعد أن ترك العمل التنفيذي، أدائه وطريقته أقرب لذلك العمل، أي أنها لا تناسب والياً.
في التسريبات، حينما سمعنا اسمه والياً على البحر الأحمر، بدا كأن الوطني “قلب هوبة” على أعضائه، فبإمكانه أن يجعل الطبيب مهندساً، والوالي موظفاً.
حتى محمد حاتم سليمان، لم يتأقلم في عمله بولاية الخرطوم بعد أن ترك هيئة الإذاعة والتلفزيون، إلا بعد فترة، أبهذه البساطة يذهب إلى ولاية لم يتردد عليها ربما سوى بضع مرات؟
عددٌ من الولاة الذين تم تعيينهم هم كذلك، يذهبون إلى ولاية جديدة ليبدأوا فيها من “الصفر” وعلى قمة أولوياتهم انتخابات 2020!
على الوطني أن يُغيّر معايير اختياره، لتُصبح أكثر حِكمة وجدية، فما زال الوطني هو الوطني الذي نعرف.
لينا يعقوب
خاب من ينتظر خيرا من المؤتمر الاوطني والبشير حامي المفسدين