تحقيقات وتقارير

المخدرات..الخطر الداهم

لم تعد قضية المخدرات ,قضية محلية بل أضحت هاجسا يهدد المجتماعات الإقليمية والدولية , حيث تدار عبر عصابات عالمية , وأصبحت حربا مكتملة الأركان وتحتاج الى تضافر الجهود وصياغة المعاهدات بين الدول لمكافحة المخدرات

بين الحدود ومن هذا المنطلق اكتسبت القضية اهمية بالغة ,حيث تدافع عشرات الخبراء والمهتمين وعدد كبير من المسئولين الى قاعة افريقيا بقاعة الصداقة لتدشين المؤتمر الطلابي للتوعية بمخاطر المخدرات عبر ورقة تفاهم بين ولاية الخرطوم وجامعة النيلين والتي تعتبر من أكثر الجامعات من حيث الكثافة الطلابية ، على ان تصل هذه المبادرة كافة الجامعات بحسب توجيهات وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي لأهمية دور الطلاب للحد من هذه الظاهرة.

إحصائيات

وكشف تقرير مقدم من قبل معتمدية رئاسة ولاية الخرطوم عن انتشار المخدرات وسط الشباب الأقل تعليما من فئة العمال, حيث بلغت نسبتهم 75% من جملة المقبوض عليهم ,بينما بلغت النسبة وسط الطلاب مابين 18الى 30 عاما الى 57,3% وتقل هذه النسبة بين الفئة العمرية أقل من 18عاما الى 19% من جملة المقبوض عليهم. وكشف ايضا عن نسبة انتشار المخدرات بين النساء والتي بلغت 30% . وأضاف التقرير الذي نشر خلال تدشين المبادرة الطلابية للتوعية بمخاطر المخدرات بالتعاون مع جامعة النيلين الذي حدد من خلاله أكثر الأماكن التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في الترويج للمخدرات, وهي أمبدة ودار السلام بالاضافة الى الحلة الجديدة والفطيماب الى جانب العزبة بحري ومايو حي النصر والحاج يوسف بالاضافة الى سوق (6) مايو وشارع النيل وغابة السنط .

حقائق علمية

ومن خلال ورقتها العلمية التي قدمتها خلال المؤتمر , قالت دكتورة نور الهدى محمد الشفيع التي عرفت الإدمان بانه حالة ضارة بالفرد والمجتمع نتيجة الاستخدام المتكرر للمواد المخدرة مع ضعف السيطرة على تقليل تناولها وظهور العديد من الأعراض الانسحابية أهمها الإهمال والبعد عن كافة المسئوليات الى جانب البعد عن ممارسة النشاطات والهوايات التي كانت تمارس من قبل الشخص المدمن قبل الوقوع تحت تأثيرها , وكشفت نور الهدى عن تأثير الخمر على متعاطيها , حيث بلغت نسبة الوفيات الناتجة عنها 86% فيما بلغت نسبة الجرائم التي يتم ارتكابها من قبلهم, حيث بلغت حالات الاغتصاب والقتل 50% و58% حالات انتحار ، بينما بلغت نسبة حوادث القيادة 55% , وحذرت نور الهدى من سرقة بعض مدمني العقاقير المخدرة لدفاتر المرضى واستغلالها للحصول على تلك الأدوية. مشددة على ضرورة وضع ضوابط صارمة لصرفها , ووضعت دكتورة نور الهدى جملة من الحلول أهمها الرغبة من قبل المدمن في طلب المساعدة ولا يأتي هذا الحل إلا بتكثيف برامج التوعوية والإرشادية بوجود المرشدين في كافة الكليات ومركز علاج في كافة الولايات ومن ثم الوصول الى مرحلة العلاج بالعقاقير .

حالات اشتباه

ومن جانبه قال عميد شؤون الطلاب بجامعة النيلين جبارة محمد جبارة, ان أهمية الاتفاقية التي أبرمت بين معتمدية رئاسة ولاية الخرطوم والجامعة تكمن في موقعها الذي يقع وسط منطقة المقرن وبالقرب من غابة السنط الموبوءة بالمخدرات الى جانب الكثافة الطلابية التي تبلغ 110آلاف طالب وطالبة مما يؤدي الى ان تكون منطقة خصبة لترويج المخدرات. وكشف عن الاشتباه في 7حالات وتمت معالجتها داخل مركز الجامعة وتحويل حالة واحدة الى مركز حياة لعلاج الادمان. مضيفا ان الإدارة ايضا قامت بضبط حالتي ترويج وتمت محاسبتها ومعالجتها دون ان يحتاج الأمر الى تدوين بلاغات جنائية , وأبدى جبارة قلقه من وجود مساحة تقع في منتصف مقار الكليات تعد خطرا حقيقيا على الجامعة ، داعيا الى إزالته حتى لا يصبح مقرا لترويج المخدرات. وأضاف انهم كإدارة استعصى الامر عليها . وعزا ذلك الى وجود مقاومة من تجار المخدرات واعتبرهم أصحاب أيادٍ واصلة .وشدد جبارة على ضرورة وضع ضوابط صارمة على الشقق التي يتم استئجارها للطلاب, حاثا الاسر على مراقبة أبنائهم بصورة مستمرة .

تخفيض الزراعات

ومن جانبه كشف العميد فضل عبده فضل ممثل ادارة أمن المجتمع عن سياسات صارمة لردع المروجين, وقال ان في آخر مناقشة للقوانين كانت هناك مطالبات بإعدام المروج, واضاف أن الشرطة استطاعت ان تعمل على تخفيض زراعة الحشيش في محمية الردوم بولاية شمال دارفور، كما تمكنت من تخفيض المخازن خاصة في ولاية شرق دارفور بعد ان قامت بضبط 45طناً والتي تعد أكبر ضبطية في تاريخ مكافحة المخدرات , وقال ان البلاد الآن تعيش في حالة ندرة في المواد المخدرة من نوعية الحشيش مما أدى الى ظهور أنواع اخرى والتي تأتي من اثيوبيا واليمن , كاشفا عن ظاهرة محاولة تصنيع بعض الحبوب المخدرة بالبلاد والتي تم إحباطها وأبدى حاجة الأجهزة الشرطية الى خبرة اضافية لمعرفة طرق ووسائل التهريب والتي تستحدث بصورة يومية , وإدخال أموال ضخمة في هذا المجال وتصنيع اكثر من 1250 مادة مخدرة بالرغم من ذلك المنتشر داخل السودان لا يتعدى 7مواد فقط لعمل الجهات المختصة على تقليل الطلب والمعروض .
فيما دعيا وزير الحكم المحلي الهادي عبد الجليل الى ضرورة تحديد لغة الخطاب لكل فئة مع استخدام الإعلام الرقمي في التوعية والإرشاد بمخاطر المخدرات لمواكبة العصر الحديث وتفعيل دور الاسر والروابط للحد من انتشارها .

اهتمام اتحادي

وفي ذات الصعيد , قالت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ونائب رئيس مجلس الوزراء برفيسور سمية ابو كشوة ان الطلاب مستهدفون نسبة الى صغر سنهم وخبرتهم في الحياة. واضافت ان الحكومة الاتحادية والتي تضم حوالي 600,000 طالب داخل ولاية الخرطوم وذلك عبر تخصيص خمس دقائق لكل محاضر للحديث حول خطورتها .ووعدت ابو كشوة بتوفير بيئة دراسية معافاة للطلاب بتشجيع ودعم البحث العلمي وتقديم الاستشارات العلمية .
وفي نهاية المؤتمر, سلمت المعتمد برئاسة ولاية الخرطوم دكتورة ميادة سوار الذهب المسئولة عن إدارة ملف التوعية بمخاطر المخدرات ,عدداً من التوصيات والتي تضمنت الاهتمام بتطوير الرقابة والتوعية الى جانب وضع ضوابط وقائية حسب المعايير الدولية , و تعزيز مساهمة مؤسسات التعليم العالي في هذه القضية . مع ضرورة إنشاء قاعدة بيانات ومركز للمعلومات وعمل مسوحات مستمرة وإنشاء وحدات علاجية داخل الجامعات ومركز للتدريب والإرشاد النفسي داخل الجامعات ومدارس التعليم العام. وقالت ان المخدرات جريمة مكتملة الأركان , وتم تسليم هذه التوصيات الى والي ولاية الخرطوم الفريق ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين, والذي وعد بتنفيذ كافة التوصيات , وأضاف ان الآليات التي تعمل في مجال مكافحة المخدرات مازالت ضعيفة , وشدد على ضرورة رفع الوعي لدى طلاب التعليم العام والبالغ عددهم 2,3مليون تلميذ مما يجعل هناك ضرورة لإنشاء مراكز للإرشاد النفسي داخل كل مدرسة , معتبرا الطلاب رأس الرمح في تنمية المجتمع .

أم بلة النور – صحيفة الانتباهه.