تحقيقات وتقارير

مشكلات أمنية في مقدمتها و مطامع غربية وخلافٌ خليجي.. وتظل حاجة المواطن للأساسيات..والي الاحمر يؤكد حرصه على حلايب والوحدة

أمضى وفد صحافي من الخرطوم يومين في مدينة بورتسودان الساحلية لتغطية فعاليات (التسليم والتسلم) من والي البحر الأحمر السابق علي أحمد حامد إلى الوالي الجديد الهادي محمد علي، وهي الولاية التي عادةً ما تكون محط أنظار كل السودانيين، إذ تضم في حدودها المثلث السوداني الذي تحتله القوات المصرية، كما صارت الولاية مؤخرا محط اهتمام إقليمي ودولي متعلق بأمن البحر الأحمر في ظل مطامع غربية وخلاف خليجي ناشب، وهي فوق كل ذلك الولاية التي حظيت في السنوات الماضية بوالٍ ذاع صيته ورشحه المشير عمر البشير في إحدى خطبه لمنصب رئيس الجمهورية، لكنها تظل المنطقة الأكثر تعقيدا في قضاياها السياسية والاجتماعية، ما يجعل من مشكلاتها أزمة لكل البلد ومن صلاحها نهضة لكل السودان.

(1)

كان يوم استقبال الوالي الجديد الهادي حافلاً بالحضور في قاعة السلام بأمانة الحكومة في مدينة الثغر، فقد حضر ممثلون لكافة مكونات الولاية التي تزخر بخليط مثير للإعجاب لكنه ليس مبرأً من عيوب التكتلات ذات الطابع الجهوي.
ولما كانت قضية احتلال حلايب من أهم القضايا الاستراتيجية، فقد تناولها الوالي الجديد الهادي محمد علي خلال مخاطبته الفعالية، مؤكداً على سودانية منطقة حلايب، لافتاً إلى أنها ستعود إلى حضن الوطن قريباً.

ويعتقد على نطاق واسع أن تمسك الوالي السابق علي أحمد حامد بسودانية حلايب، وزيارته لحدودها في إحدى المرات، كانت من القضايا التي تثير الخلافات مع مصر كثيراً في الفترة الأخيرة، لكن تأكيد الوالي الجديد على ذات الموقف يشير إلى أن الوضع لن يتغير.
كما تطرح العديد من التساؤلات عن أسباب إعفاء علي أحمد حامد رغم أن كتابه في الولاية يوضح إنجازه لكثير من المهام، ويرى البعض أن الأمر يرتبط بنفوذ القوى الاقتصادية المؤثرة في الولاية ويشيرون في هذا الخصوص إلى قيادة جمعية عمال الشحن والتفريغ، حيث عمل الوالي السابق على إعادة هيكلتها بشكل جديد بعد دخول شركات خاصة في مجال الموانئ، وشملت صيغة الاتفاق مع الجمعية على حفظ حقوق عمال الشحن والتفريغ واستمرار نشاطهم وإيقاف نسبة من دخولهم كانت تذهب لصالح الجمعية، الأمر الذي أحدث انقساماً بين مؤيدين لقيادة الجمعية ومناصرين لخطوات الوالي.

(2)

وخلال اللقاء الأول للوالي الجديد الهادي محمد علي دعا الرجل إلى الوحدة والتماسك وتجاوز الخلافات بين كل القوى السياسية، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها السودان.
وقال إن تكليفه بالمنصب هو تكليف عظيم وجاء في وقت عصيب والجميع أحوج لتناسي الخلافات والوحدة، وأضاف “أولوياتنا في هذا الظرف العصيب معاش الناس وأمنهم”.

وتابع والي البحر الأحمر قائلاً: “لن أكون قائداً لمجموعة منقسمة ويجب أن نتوحد تجاه هدف ومصير واحد في ظل ظروف صعبة”.
وأكد أن معاش الناس والأمن الاجتماعي سيكونان من أولويات حكومته خلال المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أن تنفيذ مشروع توصيل المياه إلى الولاية من النيل سيحظى باهتمام خاص.
وأشار الهادي إلى أنه سيعمل على فتح فرص ومحاربة العطالة والاستفادة من الموارد والثروات التي تزخر بها الولاية.

(3)

سمحت المنصة بالفرص لمتحدثين في مناسبة استقبال الوالي الجديد الهادي محمد علي، حيث تحدث نيابة عن الولاة السابقين بدوي الخير، داعيا إلى ضرورة توحيد الجبهة الداخلية لأهل الولاية، مؤكدا أن الوالي الجديد جدير بالمهمة، فهو قادم من مدينة (الحديد والنار) عطبرة، وقال الخير هذه العبارة بعد سماعه لهتافات الحضور (أيلا حديد).
وركزت كلمة نائب رئيس المجلس الوطني أحمد التجاني على ضرورة توحيد الجبهة الداخلية، ومناصحة الوالي الجديد، ومساندته مثلما جرى للوالي السابق، وأشار إلى أن حلايب ستظل سودانية وستعود إلى حضن الوطني.
وفي كلمته، امتدح نائب الوالي ووزير التخطيط اللواء الركن مصطفى محمد نور جهود الوالي السابق في التعليم والصحة ومياه الشرب، وتعهد بأن تكون حكومة الولاية سنداً للوالي الجديد في مشروعات نهضة الولاية، مشيرا إلى قضايا الإصلاح والتنمية الشاملة والمتوازنة.
أما نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية هناب أبو هدية، فقد أكد على خصوصية الولاية لما تحتويه من تنوع في مواردها، وقال إن الوالي السابق علي حامد نال احترام الجميع واهتم بالأمن ورتق النسيج الاجتماعي، وأنه قد عمل من أجل وحدة الصف، وأدى تجربة جديدة في دلتا طوكر بزراعة الموز، فضلاً عن إصلاحات في شبكات المياه، وطرح مبادرة كبيرة لعمال الشحن والتفريغ.

بينما وصف رئيس المجلس التشريعي عمر أوشيك محمد طاهر، الوالي السابق بأنه (رجل حكيم).
وعن الأحزاب المشاركة في الحكومة بالولاية تحدث القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الكابتن طيار عيسى كباشي، داعيا الوالي الجديد لسماع صوت النقد المفيد، وقال: “نمد أيادينا بيضاء في الحق ونتحمل معك الظروف العصيبة التي تواجهها البلاد”.
واقتنص نائب الدائرة القومية 8 (أبو شنب) وهو أحد قيادات الشرق، فرصة للحديث للرد على هتافات لمحتجين على الوالي السابق، وقال إن علي حامد ساند عمال البواخر وحقوقهم.

(4)

وتسلم الهادي محمد علي، يوم الخميس، بقاعة مجلس حكومة ولاية البحر الأحمر في مدينة بورتسودان، مهام عمله رسمياً عقب اكتمال إجراءات التسليم والتسلم بينه وبين الوالي السابق علي أحمد حامد.

وقدم الوالي السابق تنويراً شاملاً حول الولاية من حيث الموقع والمساحة والسكان، ونظام الحكم والإدارة ومجالس التنسيق بين الولاية والمؤسسات الاتحادية، بالإضافة إلى الأنشطة والبرامج والمشروعات التي تم تنفيذها والتي قيد التنفيذ والمشروعات المستقبلية، متمنياً لخلفه التوفيق والسداد.
ومن جانبه، أشاد الوالي الجديد بجهود الوالي السابق، ودوره في ترقية وتطوير الأداء في المجالات المختلفة، مؤكداً أن قضايا المياه تأتي في رأس الأولويات.
ودعا أعضاء حكومة الولاية إلى تسيير العمل في إطار التعاون والتنسيق القائم بالولاية إلى حين التشكيل الجديد لحكومة الولاية خلال الفترة المقبلة.
ومن جهته، أكد والي البحر الأحمر السابق، علي أحمد حامد، أن حكومته قد عملت على تنفيذ كل تعهداتها المتعلقة بالتزام الشورى وإشراك القوى السياسية والاهتمام بحل قضايا ومشاكل الناس خلال المرحلة السابقة.
وأشار إلى الجهود التي بذلتها حكومته خلال الفترة الماضية لتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية، إضافة إلى الوقوف مع الضعفاء خاصة العمال والوفاء باستحقاقاتهم المالية.

وامتدح أهالي الولاية لوقوفهم معه إبان فترة توليه أمر الولاية وتقديم كل ما يلزم من أجل تحقيق نهضة الولاية.

ورأى أن الأمن أولوية في ظل ما تواجهه الولاية من مطامع، وأوصى الوالي الجديد بالاستمرار في دعم مشروع طوكر، وتطوير الخارطة الاستثمارية، التي تقترح 7 مناطق حرة ومناطق صناعية، كما نادى بضرورة مراجعة الحكم المحلي، وإنزال السلطات للقواعد مدعومة بكوادر وميزانيات.

اليوم التالي.