محمد حامد: موقف جعلني اجمع اطراف اكمامي على حب هؤلاء الناس في نسختهم الجميلة السودانية

لي قناعة ذكرتها كثيرا وكررت إشهارها ؛ أن هذا البلد ؛ يستمد طعمه الجميل الذائقة ؛ من انفاس الناس فيه ؛ عرقهم ؛ حديثهم لغطهم ؛ شغبهم ؛ روح ود تعبر مسافات التعارف ؛ حينما تجد ان حتى العابر منهم قد يتوقف يبذل لك العون والسند ؛ لا تعرفه ولا يعرفك لكنه يحضرحولك فكأنه منك واليك ؛ امس وعقب الإفطار توقفت في زقاق باحد الحارات ؛ حضرني هاتف من ذاك الذي يمزق استار صبرك بسؤال من لظى الغيظ (ما عرفتني) وسار الحديث ؛ ابطلت محرك السيارة وخرجت اطلب الهواء لاكمال الحديث ؛ كنت اثناء ذلك قد امنت الابواب ونسيت المفتاح باحد المقاعد ؛ حينما تنبهت استعرت صياح حسين ملاسي (يا ويلي) ! ادركت مصابي فقد (تأمنت) السيارة ؛ وصرت (محظورا) من دخولها ؛ غامت الدنيا امامي ؛ اذ لا حل امامي سوى تهشيم زجاج العربة ! صرت اطوف بها ارمل مرات واتحسس الابواب ؛ مثل انعقاد إحصاء طواف ؛ سبع او سبعين شوط طواف ؛ اتوقف برهة العن من كنت اهاتف والعن مرات سهوي ؛ لمحني شاب تقدم نحوي مستفسرا (إن شاء الله خير) إستضاء وجهي بابتسامة ذاهلة وانا اقول (نسيت المفتاح جوه) قلتها ويداي تبحثان في الارض عن (حجر) لهتك عذرية الزجاج ؛ صمت الشاب الذي في دقائق طلب مني الهدوء ؛ غاب في الظلمة ؛ اظنه راجع بعض رفاق في (برش) بطرف الشارع ؛ حضر ثلاثة منهم بشاكوش ؛ وحديدة مثل الشفرة طويلة ؛ واناء ماء وبعض العصير ؛ طلبوا مني التنحي جانبا ؛ وعونهم بتسليط ضوء الهاتف ؛ جرت اياديهم فوق مجرى الباب الايسر ؛ تعالت الانفاس والتنبيهات (اقرص) وادخل من هنا ؛ عسر عليهم الامر حتى ان احدهم خلع جلبابه ؛ بعد نصف ساعة تمدد سلك عجز عن مس (الاكرة) حاولنا مرتين وثلاث ؛ شبح من اشباح طارق محمد خالد يعبر فوقنا ؛ زيه نم على عطاء حرفي ؛ من مظهر الابرول ؛ وكيس به قوت عياله وكيس لعدة العمل ؛ القى التحية ملتحقا بالقوم بلا دعوة ؛ طالبنا جميعا بالابتعاد ؛ بعد ان وضع اثقاله بحرص على الارض وبعد ان اجاب على هاتف اظنه من اسرته بانه قريب ؛ ابعدنا وطاف حول العربة ؛ همهم للحظات ؛ انحني على كيسه الاصغر استل الة حادة ؛ اجرى تعديلات على سلك الانقاذ ؛ نظر لموقع المفتاح ؛ اختار بابا يجعل السلك في نطاق الالتقاط ؛ فتح في جوانب البلاستيك عند الحافة ؛ غرس بعض الادوات ومد السلك مثل سنارة ؛ انفاسنا تتصاعد مثل ذروة تنفيذ ركلة جزاء ؛التقطه ؛ سحبه بحرص مرهق ؛ كلما اقترب المفتاح من الحافة انحبست انفاسنا ؛ حتى العرق تجمد فينا ؛ ثم فجاة سقط مفتاحنا ؛ سمعت (الله ..الله) قلت حرجا (اكسرو القزاز ) حدجني بنظرة (شيل الصبر) وكرر الامر ؛ دقائق مثل الساعة ؛ ظهر اول المفتاح ؛ شددنا (القرصة) التقط المفتاح يجره ؛ تنفست وتنفسوا الصعداء ؛ كنت اثني واشكر وهم يجمعون ادواتهم ؛ وهو يلتقط اكياسه ؛ يمسح وجهه المعرق بطرف كمه ؛ واحد الشباب يمد له كوب عصير ؛ وقفنا لبرهة نتبادل التعارف ؛ تقدمت نحوه وانا ادس في يده شحيح نقد ضرب يدي بقوة يردعني يقول (يا زول دي مروءة ما بقروش) زجرني الشباب ان (عيب) ! احسست بحرج خالطه امتنان وحب ؛ فقلت اذن اقلك الى بيتك قال لا داع البيت في اخر الشارع ؛ مضوا متفرقين ومضيت انا اجمع اطراف اكمامي على حب هؤلاء الناس في نسختهم الجميلة ..السودانية
بقلم
محمد حامد جمعة







لو عرفوا انت منو اكيد ما كان وقفوا معاك