لا ، فلننهض
مثل جل شعوب الارض يمضي السودانيون جزءاً غير يسير من أوقاتهم مع وسائل التواصل الاجتماعي قراءةً وكتابةً وتعليقاً ، ومعظم المواضيع بين المجموعات المختلفة والافراد هي مواضيع سياسية ، وبالطبع نتداول حال البلد والناس في اغلب تلك المواضيع .. والملاحظ في الفترة الاخيرة ان الموضوعات والتعليقات أصبحت مليئة بالسخرية علي النفس والاستهزاء بها (كسودانيين) ، استهزاء وصل حداً يصف الانسان السوداني بالوضاعة والهوان ، هو شكل عجيب من أشكال الماشوسية القاسية … اخر تلك التعليقات المسيئة ما تم تداوله الأسبوع الماضي وفيه يصف كاتبه درجة تأقلم السوداني مع كل انواع الاهانات ، فكتب (متخيلاً) ان الحكومة قررت عشرة جلدات لكل مواطن وأن السودانيين يتحدثون لبعضهم في الصباح الباكر : ( جلد قسم الشرطة الشمالي بااارد ، هسه انا اتجلدت وجيت ، امش بسرعة اتجلد قبل الناس تكتر والصف يطول ) !!
لماذا نصف أنفسنا هكذا ككائنات ذليلة مستسلمة ؟ هل لان المشقة قد تمددت في كل مفاصل حياتنا ، لم تجدنا في حالة ادمان لها لدرجة الاستمتاع والاستعذاب ؟؟
صحيح ان مأساةً كبيرةً تقيم في حياتنا ، مأساة صنعها الاسلام السياسي ، فهو منبعها واصلها ومصنعها.
بقوة السلاح فرض علينا حكماً بشعاً لا يُؤْمِن بالدولة أصلاً ولا بممتلكاتها العامة ليمضي فيها تقسيماً وتفريطاً ، وفي ممتلكاتها تفكيكاً واغتصاباً ثم تدميراً لها كلها وهي قلب الزراعة والصناعة ووسائل النقل ، ثم لباطن ارضها نهباً وتهريباً لمكنوناتها من الذهب والنفط …الخ ، وعندما بدا الفشل يلوح أمامه ذهب أقطابه يطوفون أركان الارض يتسولون من يقرضهم ومن يقبل منهم اجزاء من الوطن ، ارضه وانسانه ، رهناً وبيعاً ، ومن يأتي يساكنهم ليحميهم ويدافع عنهم ..
نعم ، هكذا اصبح السودان في المخيّلات مثالاً للفشل والوضاعة ، وكأن انسانه نموذج للكسل والتخلف ، وجوازه (عنوانه امام العالم) مثيراً للريبة والحذر ..
كل هذا مختصر صحيح لحالنا وحال وطننا ، ولكن ، هل ذلك مدعاة لمثل هذا الياس والاستسلام لدرجة الاستهزاء بالنفس والشعور بالدونية ؟؟
لا ، لا ، يا أهل السودان ، نساءه ورجاله ، شيبه وشبابه واطفاله ، أنتم شعب كبير ومعلم ، وشعوب لها وجودها المتميز ومساهماتها البارزة في كل مراحل التاريخ البشري وصولاً الي هذا العصر ، عصر الثورات الشعبية المنتصرة علي الأنظمة الديكتاتورية ، إنكم اكبر من مثل هذه الممارسات المليئة بالاحباط ، انهم مجرد لصوص وقتلة ستنتصرون عليهم فانهضوا رحمكم الله ..
كتب : محمد عنيق
سودان تربيون.