الصحافة السودانية في مفترق الطريق
بإجازة مجلس الوزراء الموقر يوم الخميس الأول من أمس لقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية الجديد ، ومع إدخال بعض التعديلات ( الظالمة ) عليه ، حق لنا أن ننعي لأنفسنا نحن الذين نعمل في هذه المهنة وللعموم ، الصحافة السودانية الورقية التي تعاني أصلاً من ويلات وأزمات أضعفت من قدرتها على التأثير في أوساط قرائها ، وقد أصبح سعر الصحيفة الورقية عالياً مع ضعف كبير في قدرة كثير من الصحف على جذب قرائها من خلال مادة صحفية قوية ومخدومة .
نعم .. حق لنا أن ننعي صحافتنا التي غابت بالفعل عن الحضور داخل البيوت والمكاتب والأسواق ، وأصبح المواطن ( القارئ) يفاضل ما بين شراء صحيفة و بين شراء رغيف الخبز فى ظل ضائقة اقتصادية ومعيشية لايعلم إلا الله متى تتجاوزها البلاد ، باعتراف كبرائها ووزرائها . لذلك لن نستغرب إذا أصبح علينا صباح وأشرقت علينا شمسه وليس هنالك صحيفة واحدة ، وإن وجدت لن يكون هنالك قارئ واحد لها .
تلقيت دعوة كريمة مكتوبة من الدكتور عمر محمد صالح ، الأمين العام لمجلس الوزراء ، الحقت بدعوة هاتفية لحضور جلسة مجلس الوزراء ، رقم (14) للعام 2018م والتي تنعقد صباح الخميس – الأول من أمس – بالأمانة العامة لمناقشة مشروع قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2018م . لكن ظرفاً صحياً طارئاً حال دون المشاركة فى تلك الجلسة والتي وصلت إلينا مخرجاتها ، فلم تكن بما تشتهي النفس وتتمنى .
لا أعرف لماذا تريد الحكومة أن تتدخل في كل شيء ، وأن ينصب بعض القائمين بالأمر فيها أنفسهم أوصياء على أصحاب المهن ، مثلما يحدث فى الرياضة أو المجالس المتخصصة ، وغيرها ، ولنا أن نتساءل كيف تتم إجازة قانون جديد و هناك قانون متوافق عليه عليه بعد اتفاقية السلام الشامل من قبل أغلبية القوى السياسية ، كيف ذلك ونحن لم نجز بعد أو لم نصنع دستوراً جديدً بتوافق تام بين القوى السياسية ، وهو أحد أبرز مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، ونعلم جميعاً أن الدستور يعّرف دائماً بأنه ( أبو القوانين ) فكيف لنا أن نأتي بالأبناء قبل الآباء .
المسؤولية الآن هي مسؤولية البرلمان الذي نطالبه بإسقاط مشروع القانون فوراً وبلا أدنى إبطاء إلى حين وضع الدستور الذي يحمي الحقوق والحريات ، ولا يفرض علينا أن نؤطر عملية إصدار الصحف ، وفق رؤية غير مقبولة من خلال شركات مساهمة عامة، وهو ما يتناقض مع تبني الدولة لمبدأ الاقتصاد الحر، ويتناقض مع حرية الرأي .
هذه رسالة لزملاء المهنة الذين يجلسون على مقاعد النواب داخل المجلس الوطني ورسالة لأصحاب الآراء الحرة المنادين بالحريات ، بأن يعملوا جميعاً على إسقاط هذا المشروع ، بل والعمل على تأجيله إلى ما بعد إجازة الدستور .
مصطفى أبو العزائم
صحيفة الأخبار