سعر الصحيفة حصاد حكومي
بعد زيادة سعر الصحيفة ( تضخمياً )ضمن استمرار تضخم موجات الغلاء العاتية .. ليرتفع سعرها إلى التسعة جنيهات ..ولن يتوقف فيها طبعاً كما لم يتوقف في أسعار لها من قبل ..بعد ذلك نقول إن الانتقال إلى حد كبير من النسخة الورقية إلى النسخة الرقمية، لن يكون فقط في السودان بسبب مواكبة تطوير التكنولوجيا، بل إن استمرار ارتفاع سعرها بسبب استمرار انهيار قيمة العملة الوطنية هو السبب الأقوى الآن.
> لو كانت مثل هذه المشكلة التسويقية تواجه سوق الصحافة أيضاً ضمن ما تواجهه ..فإن الصحافة من المفترض فيها أن تركز ضمن النشر على لفت نظر الحكومة إلى خطورة سدرها في غي سياساتها النقدية التي تؤثر نتائجها في ما تؤثر على أسعار الطباعة .
> كل سلعة مطروحة في السوق لا يجد أصحابها فرصة مخاطبة الحكومة بخطاب انتقادي شديد اللهجة ..من أجل إصلاح السياسات النقدية التي هي الآن في مقدمة الأزمات والكوارث دون أن تدرك ذلك قيادة الدولة.. فليس من بين أعضائها من هو خبير اقتصادي يتألم للواقع النقدي الكارثي ..
> الآن بعد ارتفاع سعر الصحيفة إلى تسعة آلاف جنيه (بالقديم) الحقيقي، قلت ضرورة اقتناء صحيفة ورقية ..مع توفر النشر الإلكتروني ..وأصبح عند الكثيرين اقتناء الصحيفة بسعرها الأخير يمثل عدم مسؤولية حسب ترتيب الأولويات ..
> لكن صناعة الصحافة نفسها، انتقلت من دورها الأساسي الإعلامي إلى دور تجاري بحت..فما عاد مهماً مستوى الانتشار ..فالمهم العائد حتى ولو تدنى مستوى التوزيع .
> وطبعاً في هذه الحالة يكون الخاسر في الحاضر هو المعلن.. وفي المستقبل هم ملاك الصحف ..لأن المستقبل ينتظر مستوى التوزيع لصالح استمرار تسويق الصحيفة .. وكلها حسابات تأتي في ظل نتائج وإفرازات السياسات النقدية بالبلاد ..
> لكن غير صحيفة (الإنتباهة) من خلال هذه المساحة ..أية صحيفة تصدت بقوة لسياسات الحكومة النقدية التي هي السبب كنتائج حتمية في ارتفاع سعر الصحيفة من حين إلى آخر ..؟
> نقولها بوضوح ..إن الرهان والاعتماد على نشر الإعلانات الحكومية بأي مستوى توزيع وهو يتراجع في كل مرة لا ينتميان إلى منطق صناعة الصحافة ..فالصحافة تبقى هنا مثل أية سلعة في السوق .
> وصناعة الصحافة تبقى عند محرري مواد التحقيق والقضايا والرأي للفت نظر القائمين على شؤون البلاد.. ومنها ما يتضرر منه الآن سوق الصحافة بشكل مباشر .
> سوق الصحافة الورقية يشهد الآن عملية هدم تسويقي بارتفاع سعرها ..و لا بد من ارتفاعه طبعا ..لكن أيضا لا بد من أن تنبري الصحافة عبر قوالب الرأي والتحقيق وتحرير تقارير القضايا لحملات إصلاحات للسياسات النقدية .
> فمن بالتحديد المستفيد من مثل هذه السياسات المفروضة على بنك السودان المركزي ليتحول محافظه إلى محافظ لهذه السياسات السالبة .؟
> الحكومة من هذه السياسات وقبل سوق الصحافة متضررة في سمعتها جداً ..ولا أدري كيف سيروج الحزب الحاكم لنفسه في الحملات الانتخابية القادمة؟ ..ثم ما جدوى الانتخابات مع استمرار تصاعد حدة الغلاء ..وحتى غلاء سعر الصحيفة طبعاً ؟..
> وتبقى الحكومة نفسها متضررة من تراجع مستويات توزيع الصحف ..فهي لها نصيب الأسد الأول ( الحمار )في النشر الصحافي ..بعد أن كان لها نصيب الأسد الثاني قبل الانفراج في الحريات ( الحمار و الظبي و الأرنب . )
> لكن نقول بأن سياسات الحكومة عجلت باستغناء بعض الناس عن النسخة الورقية بالنسخة الرقمية ..قبل أن يحين الانتقال بإيقاف طباعة النسخة الورقية ..
غداً نلتقي بإذن الله …
خالد كسلا
صحيفة الإنتباهة