الكاتب السوداني عزمي عبد الرازق يكتب: عزيزتي كوليندا
كوليندا غرابار كيتاروفيتش أمل أن أكون كتبت إسمك على الوجه الصحيح، قبل أن أزجي إليك التهاني بالنصر، وللملائيين من أبناء شعبك وفريقكم البطولي، دعيني أعبر عن حزني وقلقي عليك، إذ لم تلتقطك كاميرا (بي إن أسبورت) اليوم فيتهلل وجهك مثل المرات السابقات، وتفيض أنواره بالبهجة في الأنحاء .. ثمة رائحة فجة ومعتلة، فهل أنت مريضة أم ألم بك خطب جلل عتم على المقصورة الرئيسية، أم أنه المخرج يمارس ألاعيبه علينا؟ أخشى أن يكون غيابك بسبب التزام مسبق بحضور قمة الناتو في بروكسل، لمؤازرة القتلة، ولذلك بدا الفريق الكرواتي بحماس فاتر، لأنك لم تكوني بالجوار في الوقت الذي كان يجب أن تكوني بالجوار أكثر مما مضى
على العموم أمل أن تكوني بخير وبيرزيتش أيضا صاحب الرأسية الذهبية والقدم المتوعكة، ولعل أكثر ما أثار اعجابي فرقة المطافئ الكرواتية وهى تهب لنجدة أحدهم من الحريق بعد صافرة الخطر، دون أن تكترث لمباراة كأس العالم التي كانت تتابعها، لأنها تدرك عظم مسؤولايتها بنفس الدافع الذي يقاتل به المنتخب في روسيا، وهذا سلوك يشىء بالتقدم الحضاري ويدعو للفخر، إنه لمن العجب يا كوليندا أن يؤدي فريق كرة قدم ثلاثة مباريات على التوالي ولمدة ١٢٠ دقيقة بهذا الحماس والكفاح داخل الملعب ويكسب! شئ من السحر أودعه داليتش في نفوس اللعيبة، أو لعله سحر جمالك، المسكون في الحضن الذي أشعل العالم، وأصدقك القول لا شئ يواز أحضان رئيسة بالقرب من شعبها، تشجع وتؤازر وتبذر الأمل دون تواني، على العكس مما نعانيه مع رؤساء لا أعرف كيف أصفهم، إنهم أقدارنا والنحس الذي يلازمنا دون فكاك. ويبدو أننا في حاجة إلى رئيسة تتناسب في حنانها ووطنيتها وذكائها ونبلها ومسؤولياتها تجاهنا.
أكتب إليك يا كوليندا على جدار صفحات مارك زوكبيريج، في وقت متأخر من الليل، ومن هذه المدينة الفوضوية التي لا تشبه زغرب على كل حال، شوارع تبعث على الكآبة وفريق كرة قدم محطم، ورؤساء أندية يجلبون الهزائم دفعة واحدة، أحدهم يريد أن يصنع له مجد من العدم وآخر مطارد وثالث يحاول أن يغسل ثروته من داخل السجن، ولك أن تتخيلي أن الكهرباء مقطوعة الأن والسماء مكتنزة بالسحب السوداء، كما أن كل شيء هوى على ثقله، أعمدة النور واللافتات المضيئة والحيطان والمواقف والصرافات والولاية، وتحت مزاريب السوق الأفرنجي تر الناس يمشون مثل الأشباح، والسيقان تتوهج .
لا يمكنك أن تتخيلي إلى أي مدى أنا سعيد بهزيمة انجلترا، سعادة مترعة بالشماتة، تلك البلاد التي غربت شمسها بفضل رفاق ايفان بيرزيتش رجل مباراة اليوم بحسب وسم الفيفا، أنها هزيمة قاسية لدولة قاسية وقد تمنيتها لهم بالفعل، وسوف ألاحقهم باللعنات حتى تمرغ بلجيكا انوفهم في مباراة تحديد المراكز، وأمل أن لا يحصلوا حتى على المركز الرابع، وتطاردهم الفضيحة ولا يغفر لهم الفيفا تصرفات المشجعين الانجليز وحرق سيارات الشرطة الروسية. إنها يا عزيزتي فرحة بإنتصار منتخب بلادك، وخليق بكرواتيا أن تفرح وترقص ونحن معها .
عزمي عبد الرازق