رأي ومقالات

جيل “الريال” و”البارسا”.. !!

يشجع “مصطفى عادل” ابن العشر سنوات فريق “ريال مدريد”، بينما لا يؤمن “محمد أحمد” صاحب الثلاثة عشر ربيعاً بلاعب في العالم كإيمانه بـ”ميسي” نجم “برشلونة” الإسباني.
“مصطفى” و”محمد” يقطنان حي “جبرة” بالخرطوم وهما ابنا أخ وأخت الصديق الإعلامي الدكتور “خالد حسن لقمان” الكاتب الراتب بـ(المجهر)، لا يهتمان كثيراً بكرة القدم السودانية، سألتهما عن أسماء لاعبي “البارسا” و”الريال” فسمعا الأسماء بسرعة فائقة ! سألتهما عن لاعبي “الهلال” و”المريخ”، فاعتذر “محمد” أنه لا يستمتع إلا بـ”ميسي” وبرشلونة !!
بالتأكيد، هذان الصبيان لا يمثلان حالة استثنائية، ففي أسرتي وأبناء أخواتي.. وأسرة كل سوداني نماذج متعددة وحالات متطابقة مع حالة “محمد” و”مصطفى”. معظم أبناء جيل الشباب الحالي والقادم في السودان لا يعرف الكثير عن السودان!
هو جيل بهوية (عالمية)، تجاوز عبر إعلام الفضاء الممتد حواجز المحلية وعبر الحدود، لعيبته المفضلون في أوربا، وفنانوه عالميون، يعشق الأفلام الأجنبية، والموسيقى العربية والغربية والهندية، ولا يتفاعل كثيراً مع المحيط الثقافي والسياسي والرياضي من حوله.
قبل أشهر دخل سياسي بطلة إعلامية معروفة ومألوفة على الصحف وشاشات الفضائيات السودانية على قسم الطوارئ بمستشفى خاص بمنطقة وسط الخرطوم، فسأله طبيب الامتياز عن الاسم، فأجابه، بعد قليل كرر عليه نفس السؤال بجرأة يحسد عليها، فلو أنه لم ينتبه في المرة الأولى، فيفترض أن الاسم جهير لدرجة أنه لا يحتاج لتكراره مرتين، لكنه واقع الحال، فمثل هذا الشاب انخرط في كلية الطب الخاصة وانقطع فيها عن محيطه، عدا الإطلالة عبر صفحته على (فيس بوك) !!
أمثلة.. وأمثلة.. وأمثلة تصادفك كثيراً في المجتمع، تؤكد وتدلل على غياب المشروع الثقافي والسياسي والرياضي الوطني.
أن يشجع الجيل الجديد في السودان أو مصر أو السعودية “الريال” أو “البارسا”، فهذا اعتياد في معظم الدول العربية والأفريقية، ولكن يبقى أثر الارتباط بالخارج والانفصام عن الوطن بدرجات متفاوتة بين دولة وأخرى، حسب جرعات التربية الوطنية المغموسة في مناهج المدارس ورياض الأطفال والأندية الاجتماعية والشوارع والمساجد والكنائس.
نحتاج لمشروع وطني سوداني يستوعب هذه المتغيرات، ليضم إليه أولادنا وبناتنا المتغربين وهم داخل الوطن !!

الهندي عزالدين
المجهر