تحقيقات وتقارير

تتعدد الفرضيات والهدف واحد… ترشيح البشير… هل يستجيب “مجلس الشورى” لقواعده


بهذه العبارات التي قال بها وزير الإعلام أحمد بلال “سنعدل الدستور لترشيح البشير والدستور ليس قرآناً منزلاً”، تباينت الآراء حول جدوى ترشيح الرئيس لدورة جديدة، ولكن فرضيات كثيرة تحتم على الجميع نقاشها في الفترة المقبلة استنادًا على تحفظ البعض وتصريح آخرين في العلن فمن يدعم ترشيح البشير يرى أنه صمام الأمان للفترة المقبلة ومن يعارض ذلك يعتمد على الدستور الذي يبنغي أن يكون من الثوابت وفقاً لآرائهم، وبين هذه الرؤية وتلك يقول نائب رئيس مجلس الشورى القومي بالمؤتمر الوطني عثمان محمد يوسف كبر إن دورة الانعقاد العادية المزمعة ستحدد موقف مجلس الشورى من مسألة ترشيح رئيس الحزب رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير في الانتخابات المقبلة 2020م.

تعديل الدستور

تبقى عامان لإجراء الانتخابات لاختيار رئيس جديد للبلاد وفقاً للدستور، والذي يتطلب الالتزام به وفقاً للرؤية المخالفة لترشيح البشير لدورة جديدة، ولكن هنالك فرضيات أخرى تؤكد أن تعديل الدستور لأجل منح الرئيس فرصة ثالثة للترشح تعتبر ليست هي الأولى من نوعها، فقد عدل الدستور خلال حقبة الستينات لأجل أن يتولى الصادق المهدي رئاسة مجلس الوزراء، وكان حينها عمره لم يتجاوز الثلاثين عامًا، وكان الدستور حينها يشترط ألا يكون عمر رئيس الوزراء أقل من أربعين عامًا.

وهذه هي الفرضية التي اعتمد عليها وزير الإعلام أحمد بلال في تصريح سابق له بقوله: سنعدل الدستور لنرشح البشير، وسنمرر تعديلاً يتوافق مع رغبتنا في ترشيح البشير، “فالدستور ليس قرآناً منزلاً”.

ثم توالت دعوات تحت لافتات شعبية وحزبية وجهوية وقبلية، تنتهز المناسبات المختلفة لتعلن تأييدها لترشيح البشير، وتبارت النُّخَب المختلفة في تأكيد دقة الظرف الحالي الذي تمر به البلاد، وأن البشير هو الشخص الوحيد القادر على قيادتها في هذ الظرف الدقيق والتحديات الكبيرة التى تواجه البلاد من جوار مضطرب وواقع اقتصادي مأزوم.

وهنالك أيضًا من يستند على حيثيات سياسية واقتصادية تقتضي ترشيح الرئيس البشير لدورة أخرى حينما كشف رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني عبد الرحمن الخضر في وقت سابق عن مذكرة تم الدفع بها للمكتب القيادي لأجل حسم أمر ترشيح البشير، وقد ناقش أعضاء المكتب السياسي مسألة ترشيح البشير لدورة رئاسية قادمة وفقًا لانتخابات 2020 مستندين فيها على تلك الفرضية والتي تقتضي حسب قولهم إعادة ترشيح البشير.

أصوات رافضة

رغم تعالي أصوات بعض الرافضين للفكرة من داخل حزب المؤتمر الوطني، يرى الدكتور أمين حسن عمر القيادي بالوطني عدم تأييده لفكرة إعادة ترشيح البشير. وكانت معارضته الأولى لها في انتخابات 2015. وأكد حينها بأن دستور الحزب ودستور الدولة لا يسمحان بإعادة ترشيح الرئيس.

ضغوط سياسية

ومع هذه الحملات المحمومة الهادفة لإعادة ترشيح البشير لولاية أخرى، فإن الملعب السياسي لا يبدو بدون ضغوط داخلية وأخرى خارجية تتفاعل باستمرار في مواجهة هذا الأمر، وقد عبرت قوى سياسية مشاركة في الحوار الوطني عن تحفظها لخطوة ترشيح البشير وضرورة الالتزام بالدستور والذي نصت المادة 57 منه صراحة على أن يكون أجل ولاية رئاسة الجمهورية خمس سنوات تبدأ من توليه لمنصبه، وإذا ما استثني الفترة التي سبقت وضع الدستور الانتقالي للعام 2005، فإن البشير يكون في العام 2020 قد أكمل فترتين رئاسيتين بالتمام والكمال.

تسلسل خطوات:

ويقول المحلل السياسي والأكاديمي البروفيسور حسن الساعوري في حديثه لـ”الصيحة” إن مسألة ترشيح البشير ستمضي وفق التدرج بحيث يدفع المكتب القيادي للحزب بمقترحات وترشيحات لمؤتمر الشورى والذي يمكن له أن ينظر في هذه المقترحات أو يرفضها أو يضيف إليها، ومن ثم بعد ذلك ترفع للمؤتمر العام للحزب مؤكداً بأن مؤتمر الشورى لا يستطيع أن يقرر لوحده في هذه المسألة، وحول الأصوات المنادية بعدم ترشيح البشير من داخل المؤتمر الوطني، قال الساعوري إن هذا الأمر سيخضع لرأي الأغلبية الذي يقرر ترشيح البشير أو استبداله بمرشح آخر، لكنه عاد وقال: في حال ترشح البشير ولم يتم تعديل الدستور يمكن تقديم طعن دستوري فى هذا الأمر.

في انتظار المؤتمر العام:

ولم يذهب بعيداً القيادي في المؤتمر الوطني والخبير الإعلامي د. ربيع عبد العاطي عن ما ذهب إليه الساعوري في أن مسألة ترشيح البشير يجب أن تكون عبر مؤسسات الحزب، وقال عبد العاطي في حديثه لـ”الصيحة” إن الشورى وعلى حسب النظام الأساسي هي المخولة بالترشيح والدفع بمرشح رئاسة الجمهورية للمؤتمر العام الذي يعتمد المرشحين، وأضاف: كل الحراك الذي حدث في المؤتمرات الولائية والقطاع السياسي تعتبر مقترحات وتوصيات، وقال: يمكن للشورى الدفع بمرشح آخر غير البشير، مشيرًا إلى مؤتمر الشورى السابق الذي تم الدفع فيه بعدد من المرشحين، ولكن الأصوات الغالبة كانت لصالح ترشيح البشير، وقال: يمكن أيضاً الدفع بعدد من المرشحين مثلما حدث في الشورى السابقة.

وفي ذات السياق، يرى مراقبون ومتابعون أن المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني الذي سيكون في العام 2019 هو الفيصل والحاسم لمسألة تقديم مرشح رئاسة الجمهورية للحزب في انتخابات العام .2020

الخرطوم: عبد الهادي عيسى
الصيحة