منوعات

طافوا بالكعبة عراة ولطخوها بدماء ذبائحهم .. هكذا حج العرب في الجاهلية

عرف العرب قبل الإسلام قيمة الكعبة المشرفة والحج إلى بيت الله الحرام، فكانوا يعظمونه ويؤدون مناسك الحج في جاهليتهم وهي الشعيرة التي عرفت منذ أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، عندما نادى في الناس بالحج بأمر من الله عز وجل.

وكانت للحج في الجاهلية طقوس تتشابه مع طقوس الحج في الإسلام في بعض الشكل، فمع مرور السنين حرفت مناسك الحج خاصة بعد ظهور الوثنية وعبادة الأصنام في شبه الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحي، فتغيرت المناسك وشوهت، حتى بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم الناس مناسك الحج الصحيحة، وأوضحها أكثر في حجة الوداع، وهي الحجة الوحيدة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: “خذوا عني مناسككم”.
الطواف

كان العرب في الجاهلية يأتون إلى الكعبة لأداء الحج من كافة أنحاء الجزيرة العربية وكانوا يعتبرون أشهر الحج أشهر الثلاثة التي خصصوها للحج أشهراً حرمًا، وكان أول ما يفعلونه هو الطواف بالكعبة المشرفة وكان أغلبهم يقومون بذلك عراة، وكذلك يسعون بين الصفا والمروة وكانوا ينهون حجهم بالوقوف بعرفة ثم يذبحون الذبائح ويلطخون بدمائها جدران الكعبة المشرفة اعتقادًا أن ذلك يقربهم إلى الله.

ذكر الإمام الأزرقي في كتابه “تاريخ مكة”: “إذا حج الصرورة من غير الحمس رجلًا كان أو امرأة لا يطوف بالبيت إلا عريانًا، الصرورة أول ما يطوف في ثوب أحمسي إما عارية” وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: “كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافًا تجعله على فرجها وتقول اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله” فنزلت هذه الآية: “خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ”..

ويقول الإمام ابن كثير عن طواف بعض القبائل عراة حول الكعبة: “كانت العرب عدا قريش لا يطوفون بالبيت فى ثيابهم، يتأولون فى ذلك بأنهم لا يطوفون فى ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش وهم الحمس يطوفون في ثيابهم ومن أعاره أحمسي ثوبًا طاف فيه ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه فلا يتملكه أحد ومن لم يجد ثوبًا جديدًا ولا أعاره أحمسي ثوبًا طاف عريانًا”.

وقال الإمام النووي: “وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة، ويرمون ثيابهم، ويتركونها ملقاة على الأرض ولا يأخذونها أبدًا، ويتركونها تداس بالأرجل حتى تبلى، ويسمى اللقاء، حتى جاء الإسلام فأمر الله تعالى بستر العورة، فقال تعالى: “خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يطوف بالبيت عريان”.
التلبية:

وعرف العرب كذلك في حجهم قبل الإسلام التلبية، ولكنها تختلف عن التلبية الآن التي هي : لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك، فكان لكل قبيلة تلبيتها الخاصة بها، فيروي أبو علي المرزوقي الأصفهاني في كتاب “الأزمنة” بعضها ناسبًا كل تلبية لصاحبتها:
تلبية قريش:

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك .. تملكه وما ملك أبوبنات في فدك.
تلبيه قبيلة جرهم:

لبيك مرهوبًا وقد خرجنا ، والله لولا أنت ما حججنا مكة والبيت ولا عججنا، ولا تصدقنا ولا تحججنا، ولا تمطينا ولا رجعنا، ولا انتجعنا في قرى وصحنا.
تلبية قبيلة خزاعة:

نحن من بعدهم أوتاد .. نحن ورثنا البيت بعد عاد .. فاغفر فأنت غافر وهاد
تلبية قبيلة كنانة:

لبيك اللهم لبيك يوم التعريف .. يوم الدعاء والوقوف، وذي صباح الدعاء من تحبها والتريف.

أخذ العرب تلك الشعيرة عن السيدة هاجر أم نبى الله إسماعيل، والتى سعت بين هذين الجبلين اللذين يقعان على مشارف مكة باحثةً عن الماء لطفلها، قبل أن يرسل الله تعالى جبريل عليه السلام الذي ضرب الأرض فتفجرت المياه من بئر زمزم، فكانوا يفترشون أصنامهم بين الصفا والمروة لبيعها للحجيج فراجت تجارة الأصنام فى موسم الحج، وبعد الإسلام تحرج المسلمون من ممارسة تلك الشعيرة كما يفعل المشركون، فنزل قوله تعالى: “إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما” لرفع الحرج عنهم.
الوقوف بعرفة

كان العرب في الجاهلية خاصة من غير أهل قريش يقفون بعرفة يوم 9 من ذي الحجة، ثم يفيضون منها إلى المزدلفة ثم منى، وعن زمعة عن سلمة ابن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال، “كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا”.
ذبح الهدي:

كان العرب في الجاهلية بعد انتهائهم من مناسك حجهم يذبحون الهدي تقربًا إلى الله، وذكر المؤرخون أنهم حرصوا على وضع السوار فى رقاب تلك الحيوانات وتركها سائبة لا يعترضها أحد لأنها محرمة، وبعد ذبحها يلطخون الكعبة بالدماء، وتقدم لحومها للفقراء.

مصراوي