لينا يعقوب: نسأل الله السلامة
هل يذكر المقربون من عبد الرحيم محمد حسين، شعوره حينما تم تعيينه والياً للخرطوم؟!
الرجل الذي جاء من مؤسسة عسكرية صارمة، شعر باستياء وهو يتلقى خبر تعيينه والياً، وارتسمت على وجهه “تكشيرة” حاول إخفاءها لأسابيع أو ربما أشهر، إلى أن اعتاد رويداً رويداً على منصبه الجديد..
لم يكن ذلك سهلاً على كافة الصُعُد.. ففي ظرف أيام تحول الرجل من منصب حساس محمي من سهام النقد إلى رجل عادي تنتاشه الصحف والأجهزة الإعلامية بصورة يومية.
تأقلم عبد الرحيم على العمل بعد فترة ليست بالقصيرة – حتى إن رأى هو غير ذلك – واجتهد في الولاية ونجح في جذب الاستثمارات لها حتى إن رأينا نحن غير ذلك، ومثلما أخفق في أشياء كانت عصية عليه وعلى من سبقوه وعلى من سيأتوا بعده، نجح في أشياء لا يمكن نكرانها أو المزايدة عليها..
بكل بساطة، عرف عبد الرحيم خبر إعفائه بعد دقائق من إعلان مساعد الرئيس فيصل حسن إبراهيم التشكيل الحكومي مساء الخميس.
ذات الشعور الذي أصاب عبد الرحيم، يحيط الآن بهاشم عثمان الحسين، مدير عام الشرطة السابق، الذي وجد نفسه والياً على الولاية وسيترك منصباً اعتاد عليه إلى آخر ليس من اختصاصه، وقد يتأقلم عليه بعد فترة، وما إن يستوعب العمل ويبدأ في تكملة المشاريع السابقة أو بِدء أخرى جديدة، قد يجد رسالة من بعض أصدقائه تُبلغه بخبر إعفائه..!
عبد الرحيم وهاشم، مجرد نموذجان يعملان داخل منظومة ترفع شعار “قبول المنصب تكليف وليس تشريف”، ويتعاملون إن سموهم سفراء أو وزراء مالية أو حتى ثروة حيوانية، بذات القدر والطريقة..!
ألا يدري المؤتمر الوطني أن شعاره “هلامي” بعيد عن الواقع، تأبى النفس البشرية قبوله، حتى إن لم يجرؤ أصحاب الشأن التعبير عن ذلك؟
من يتم تكليفهم، هم بشر وليسوا آلات، ومن يوضع في منصب وزاري لا علاقة له به، سواء بدراسة أكاديمية أو خبرة عملية، أو مشاعر ومحبة مُسبقة لنوع العمل، لن يقدر على منح العطاء وسيصبح مثل “سحابةٍ لا تمطرُ”.
هناك مناصب يُمكن أن توضع في مجموعة متجانسة، يسهل التنقل بينها، وأخرى يمكن تنصنيفها بـ”المتنافرة” يصعب أن ننتظر ممن يتحول بين كراسيها شيئاً مميزاً.
الحكومة التي سُميت إسفيرياً بـ”الصدمة” لبرنامجها الاقتصادي الصارم، صدمت الناس لأسباب مختلفة، آخرها أن يدمج أحدهم منصبين رفيعين، حتى إن كان بمواصفات خاصة.
نسأل الله السلامة.
بقلم
لينا يعقوب
??