مقالات متنوعة

حكومة .. والناس أهالي


احترت واحتار دليلي.. في قصة الإنكار الذي يلازم الأجهزة الحكومية حيال كل كارثة تحل بالبلاد.. أي مشكلة.. أو وباء.. أو ظاهرة كونية.. لا يختلف على حدوثها اثنان.. لابد من نفيها من قبل الأجهزة الرسمية.. ومن ثم تظهر منشورات تلبس الواقع أسماء غير التي سميناها.. وبعد ذلك يتم الاعتراف بالمشكلة الأصلية (على مضض).. وتبدأ معالجتها ولكن بعد فوات الأوان.. وبعد أن يكون الرماد قد (كال) حماد.. والبقية الباقية من أهله.
ما هو العيب في الاعتراف بأن هناك مشكلة في بؤرة ما.. في مكان ما في الوطن؟.. لماذا يعدونها منقصة؟؟.. الأوبئة تصيب كل العالم.. والكوارث تحدث في كل البقاع.. الفرق بيننا وبينهم.. إن الناس تدرس المشكلة بهدوء.. ترفع درجة الاستعداد.. وتشكل فرقاً وأتياماً لمحاصرة المشكلة ومعالجة الحدث.. وأن استدعى الأمر يتم إعلان الطوارئ وطلب المساعدة من العالم الخارجي.

لماذا تصر ولاية كسلا (إلحاحاً) أنه ليس هناك وباء؟.. وأن المواطنين في كسلا يرفلون في الصحة والعافية؟.. لماذا يصر والي كسلا أن رواد السوشيال ميديا (مزودنها حبتين)، بل يواصل في تعنته ويقول عن الشهيدة رحمة الله تغشاها في الخالدين المتطوعة (أريج عبد الهادي) إنها ماتت بـ(كوما سكري).. هل هذا معناه أن كسلا خالية من المرض؟؟ صدقني يا سعادة الوالي.. إن المرض ليس عيباً.. وإن الكارثة لا تعني بالضرورة غضباً ربانياً.. لكن العيب هو دفن الرؤوس في الرمال.. والتقليل من حجم المشكلة.. واسترخاص حياة البشر.. والإصرار على تقليل عدد الإصابات.. مثل أن يصرح الوالي أن الإصابات لا تتعدى العشرة آلاف (فقط).. شفتوا كيف؟.. ولم يطرح لنا السيد الوالي رقماً بعده يمكن أن اعتبار الذي يحدث وباء!!.. إن كانت العشرة آلاف إصابة غير كافية.. يا ربي حجم الكارثة كم؟ أن يموت هؤلاء جميعاً مثلاً؟.. أم إنهم في انتظار إصابة المدينة كلها؟؟..

صدق أو لا تصدق حتى الآن لم يصدر قرار رسمي يوضح ما هو المرض (بالضبط) الذي يفتك بالناس في كسلا!!.. يقال إنه (الشيكونغوليا).. آخرون يقولون الحمى النزفية.. بل وصل الأمر إلى البعض من نشر شائعات الأيبولا.. على الرغم من أن تقنيات تفاعل البلمرة التسلسلي بنوعيها (PCR) .. (RT-PCR) وهي التقنيات المطلوبة لتأكيد هذه الأمراض أو نفيها.. متوفرة في عدة معامل في العاصمة.. على سبيل المثال لا الحصر (المعمل المركزي التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.. المعمل القومي الصحي التابع لوزارة الصحة (ستاك).. المعمل المركزي التابع لجامعة الخرطوم).. هذه التقنيات لا تستغرق أكثر من ثلاث ساعات ليتم الفصل في حقيقة المرض.. ومن ثم إعلان المنطقة إن كانت موبوءة أو خالية من الوباء.. وكفى الله المؤمنين القتال.

ماذا يضير وزارة الصحة الاتحادية بالتعاون مع حكومة الولاية.. ماذا يضيرها إن أمسكتا بزمام الأمور.. رتبتا الأولويات وحصرتا المرضى وعزلتا المصابين؟؟.. وخرجتا علينا بتوضيح شافٍ يشرح كل أسباب المرض وكيفية التعامل معه وطرق الوقاية منه؟؟.. وإن كان ثمة مساعدة في أي موضع أعلنتها دون تردد وستجد آلاف الأيدي تمتد؟.. ماذا يضيرها إن فعلت ذلك بكل احترافية وشفافية؟.. لكن نقول شنو.. حكومة الولاية تواصل توزيع الاتهامات لنشطاء الأسافير بتضخيم الأمر ولا تبذل أي جهد للشرح.. فهي مشغولة باستقبال كبار المسؤولين لتنفي أمامهم (الشائعات المغرضة).. فهؤلاء هم المهمون والحصول على رضاهم هو الغاية.. أما بقية الشعب فلا بواكي لهم.. إنهم في النهاية.. مجرد (أهالي).

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة