إقصاء المسيرية و (أم ضنبين)
*بعد أن جاءت التطورات في جنوب السودان برعاية اشتركت فيها الخرطوم لصالح المواطن الجنوبي بالدرجة الأولى، ولغير صالح تعبان دينق نائب سلفا كير .. أطلق تعبان في نيويورك تصريحات بشأن استفتاء أبيي فيه أجحاف لحقوق المسيرية التاريخية و الجغرافية ..
*قال تعبان إن استفتاء أبيي يقتصر على دينكا نقوك.. أو لا يشمل المسيرية.. وكأنما هو استفتاء جنوب السودان حول تقرير مصيره.. لكن الأمر يختلف.. يختلف جداً .
*فجنوب السودان خيروه إن كان يريد أن يستمر ضمن الدولة السودانية بوضع دستوري خاص يؤسس لنظام كونفدرالي أم يستقل وينفصل تماماً .. فاختار ما اختار.
*لكن الآن بشأن أبيي ما هو السؤال الاستفتائي المطروح ..؟ هل السؤال هو أن يتبع المسيرية إلى جمهورية جنوب السودان أم يتبع دينكا نقوك إلى جمهورية السودان ضمن ولاية غرب كردفان .؟
*لكن أليس من حق المسيرية هنا أن يختاروا السودان أو جنوب السودان..؟ هذا من الناحية القانونية.. لكن من الناحية الحقوقية فإن دينكا نقوك هم المفترض أن يختاروا بين البقاء في السودان ..في أبيي ..أو العودة إلى حيث جاء أجدادهم إلى دار المسيرية في أبيي هاربين من حرب أهلية اندلعت في جزيرة الزراف الموجودة الآن في عمق جنوب السودان.
*قبل مائتي عام تقريباً وصلت مجموعة من الدينكا نقوك إلى دار المسيرية في أبيي قادمة من جهة الجنوب.. ووجدوا من أعيان المسيرية حسن الاستقبال والضيافة والإقامة باعتبارهم حالة إنسانية صادفت قيم مسلمين عرب ..
*لكن ماهي أسباب الحرب الأهلية التي دفعت مجموعة دينكا نقوك للتوجه شمالاً إلى دار المسيرية وبحر (العرب) و اختيار الإقامة في دار المسيرية في أبيي.؟
*لو أن السبب عموماً هو الحرب الأهلية، فإن هناك رواية أقرب إلى الحقيقة.. رواية طريفة جداً تقول بأن زعيم النوير طلب عروساً من دينكا نقوك ولكنهم اشترطوا للموافقة أن تكون ضمن المائة بقرة _ و هي المهر _ بقرة ذات ذيلين .. وقد أوفى النوير بذلك بعد أن شقوا بذكائهم ذيل البقرة .
*لكن الدينكا تنصلوا ..واعتبروا أن الأمر فيه كجور ..واندلعت الحرب الضروس ..وفرت مجموعة النقوك شمالاً إلى أن وصلت دار المسيرية في أبيي .
*وتعبان دينق الذي يقول إنه استلم ملف العلاقات مع السودان ويريد حل مشكلة الخرطوم المتمثلة في قطاع الشمال مع الحركة الشعبية ها هو يبدأ بإقصاء المسيرية من استفتاء يحدد بقاءهم في السودان أو في جنوب السودان .. و لو كان في جنوب السودان، إذن.. سينطبق عليهم ما حدث للرعاة الرفاعيين الذين طردتهم قوات سلفا كير شر طردة من الجنوب بعد أن قضوا فيه أكثر من مائة عام.. وعادوا إلى جذورهم في سنار.. لكن المسيرية يختلفون.
*المسيرية هم من ينبغي أن يحدد استمرار دينكا نقوك معهم في أبيي أو يعودوا إلى جذورهم في جزيرة الزراف في جنوب السودان، ويعوضوا النوير عن العروس ذات المهر بالبقرة (أم ضنبين) ضمن المائة بقرة .
*أما المسيرية فإن غضبهم الآن مبرر ومقدر.. فهم يعلمون تمام العلم أن اجدادهم قد استقروا في أبيي مع النوبة والداجوا قبل أن يهبط الدينكا من الهضبة الإثيوبية.. وحتى لو تحدث النوبة والداجو عن حقوق تاريخية وجغرافية، فإن أبيي تظل شمالية.. تظل سودانية.. ولا علاقة لها بجنوب السودان غير أن مجموعة جنوبية دينكاوية فرت ونزحت ولجأت إليها من حروب أهلية مستمرة هناك حتى الآن وحتى غداً .
غداً نلتقي بإذن الله …
خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة