رأي ومقالات

دَعوةٌ للصراحة والوضُوح!

-1- لأكثرِ من يومٍ ظلَّ نقاشٌ محتدمٌ واشتباكٌ علميّ، يدور داخل عددٍ من القروبات التي تجمع سياسيين واقتصاديين وإعلاميين، عن السياسة الاقتصادية الجديدة.

التباين كان واضحاً، بين من يرونَ في ما تَمَّ الإعلان عنه تحريراً تامَّاً لسعرِ الصرف، طالما أن الأمر سيكون محكوماً بالعرض والطلب، لا بقرارٍ إداريٍّ حكوميّ.

آخرون يجدون في وجود لجنة تُعيّنها الحكومة -وتصفها بالمستقلة- مهمّتها التحديد اليومي لسعر الصرف، في ذلك تَحَكُّمٌ وسيطرةٌ حكوميةٌ ولكن: من وراء حجاب!
هنالك من يقول إن الحكومة لم تأتِ بجديد، بل قامت بتقنين ما هو موجودٌ خارج نطاق شرعيّتها النقدية، بمعنى أكثر وضوحاً: الحكومة خَضَعَت لسلطة السوق الأسود وأَسلَمَت نفسها إليه!

-2-
إذا كانت طبيعة القرارات وإيجاد تفسيرٍ لها أمرٌ جَدَلِيّ وخلافيّ بهذه السعة، وسطَ كبار الاقتصاديين (تحريرٌ أم لا تحرير)؛ فهي عند غيرهم أكثر غموضاً وتعقيداً.
هدف السياسة، كما وصفه رئيس الوزراء معتز موسى في اجتماعِ المجلس قبل يومين، إخراج السوق الأسود من الأزقة والظلام إلى الضوء والعلن.
الحكومة ترى، في هذه السياسات الجديدة، تشجيعاً للمصدرين والمغتربين، ومن بعدهم تجَّار الذهب، حتى تدخل نقودهم الأجنبية في الدورة النقدية المصرفية، فيترتب على ذلك استقرار في سعرِ الصرف بعامل الوفرة.
تريد الحكومة، من ذلك، فكَّ الخناق عن الاقتصاد السوداني، وإخراج الجنيه من غُرَفِ العنايةِ المكثَّفة، ووضعهِ في مكانٍ طبيعيّ، بدون الاستعانة بجهاز التنفس الاصطناعي!

-3-
هنالك تعقيدات، وتساؤلات منطقية وضرورية، تنتظر توفير إجاباتٍ ناصعةٍ وغير رماديّةٍ من وزير المالية ومحافظ بنك السوداني.
الإفادات المقتضبة والمبتسرة، التي أدلى بها السيد محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي، زادت الأمر غموضاً.
أما حديث وزير المالية، رغم وضوحه إلى حدٍّ كبير، فهو غير كافٍ، ويبدو مختلفاً نسبياً عن حديث المحافظ.
النقطة الأساسية في هذه السياسات، والسؤال المركزي: هل السعر الذي ستحدده اللجنة المستقلة سيكون ملزِماً في التعامل أم مُعلِماً فقط؟..هل اللجنة مهمتها إعلان السعر أم تحديدِه؟!

-4-
إذا كان سعر اللجنة غير ملزمٍ، ولا تَتَرَتَّب على مخالفته مسؤولية قانونية، فذلك يعني أن سعر الصرف أصبح مُحرَّراً تماماً.
أما إذا كان سعر الصرفِ المحدد من قبل اللجنة مُلزِماً وغير قابلٍ للتجاوز، فذلك يعني أن الوضع سيظل على ما هُو عليه، ولن يكون هنالك جديد، وسيتّسع فارق السعر مع الأيام!
ولا يعني شيء ذا قيمة، أن يكون السعر الإلزامي قد فَرَضَته لجنة حكومية بمباني البنك المركزي، غرب الخرطوم، أو لجنة مستقلة تُصدِر قراراتها من اتحاد المصارف، شَرقَها!
زيادة جنيه واحد عن سعر اللجنة، يجعل هنالك فرقاً يُغرِي بالتجاوز، سيحدث ذلك حتى ولو كان الرهان على ضيق فارق السعر، واتساع نطاق المجازفة!

-5-
المزعج جداً أن السياسة الجديدة لم تَكشِف، على وجه التفصيل والتحديد، التدابير الحمائية للشرائح الضعيفة التي ستتأثر بكل تأكيدٍ بإطلاق سراح الدولار (ولو كان راعي بي قيدو)، لِيَلْتَهِمَ قيمةَ ما في جيوبهم من جنيهات.
عدم وضوح الرؤية، ووضع السياسة الجديدة في المنطقة الرمادية، هذا سيؤدي إلى تناسل الشكوك وترسيخ سوء الظن في القرارات الحكومية.
على حكومة رئيس الوزراء معتز موسى إدراك أن سبَباً أسَاسيَّاً من أسباب فشل السياسات السابقة هو فاقد الثقة بين الحكومة والمتعاملين معها في المجال الاقتصادي.
وبعد ما حدث، في موضوع السيطرة على السيولة بحجب الكاش عن المتعاملين، أصبح رصيد الثقة في الحدّ الأدنى، أو دون ذلك.
وربما ما في رصيد الثقة في السياسات الحكومية، وهي تنتقلُ من النقيض إلى النقيض، ما لا يُغطِّي تكلفة تقديم وعودٍ والتزاماتٍ جديدة!

-6-
أجدُ، كمتابعٍ ومراقب، أن رأسمال رئيس الوزراء معتز موسى الحقيقي هو الثقة والإيمان بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب.
وهذا رأسمال يجب أن يحافظ عليه، ولن ينجح في ذلك إلا بالصراحة والوضوح ووضع النقاط على الحروف، وعدم السير في الطُرُق الملتوية، واستخدام العبارات الصابونية، التي أفقدت البلاد كثيراً من الفرص، وأَهدَرَت مصداقية الكثيرين.
-ختاماً-
لا ينفع الرقراق. (يا ضل يا شمس)، يا تحرير يا لا تحرير.

ضياء الدين بلال

‫2 تعليقات

  1. يمكن القول ( أنَّ ) مريخ الفاشر باع ( نتيجة ) مباراته أمام مريخ أمدرمان ( وهزمه ) وقبض المقابل من الكاردينال وأشرك ( اللاعب ) هشام صاحب الثلاث بطاقات ( في نفس ) المباراة وكشف الأمر للمريخ لتقديم شكواه المضمون ..
    وعليه ( يكون ) الكاردينال حقق البطولة ( على الورق ) وبلع جمهور الهلال إهمال الكاردينال ( في فقدان ) ست نقاط ( عقوبة ) الفيفا السبب الحقيقي في فقدان البطولة ..
    ويكون المريخ حقق البطولة ( فعلاً ) بعد الشكوى وتحويل نقاط المباراة ( لصالحه ) ويكون جمهوره بلع ( خيبات ) النتائج الأخيرة وهزيمتهم من الهلال ..
    الوحيد ( اللي كان ) صاااح محمد الشيخ مدني عند الإستقالة لكن العين ( الحمراء ) جعلته يسحب الإستقالة ..
    ..
    ..
    البلد فيها أزمة ( سيولة ) وبنوك منهارة ولا توجد عملات محليِّة لقياس عملات ( أخرى ) عليها ..
    عليه تكوين لجنة تسعير عملات أجنبيِّة ( مكوَّنة ) من مصرفين ( بنوك ) وصرافات برعاية بنك السودان ( تزامناً ) مع طباعة عملات ( جديدة ) بفئات أعلى محاوّلة لتنشيط ( وتشغيل ) البنوك والصرافات في بيع وشراء العملة ومحاولة كسب رضاء ( بعض ) المغتربين بتسليم المبالغ المحولة نقداً ( بالكامل ) متجاوزين بذلك أزمة السيولة ..
    ..
    ..
    إنِّها:-
    الغاية تبرر الوسيلة ..
    ..
    ..
    مهما بلغ ( سعر ) الدولار لا يهمهم طالما ( أنَّ ) ذلك يعطي ( مزيداً ) الوقت وبعض ( الآمال ) فيما يظنون أنَّها المخارجة ..
    ..
    ..
    ليست العين ( الحمراء ) التي أرجعت ( أبو القوانين ) ود الشيخ عن الحق ..
    لكن:-
    العين تلك التي لا تنام ..

  2. انتبهوا قبل فوات الأوان :

    الحكومة ترى، في هذه السياسات الجديدة، تشجيعاً للمصدرين والمغتربين ( اقتباس )

    بالنسبة للمغتربين فإن الحكومة لم تفعل لهم شيئا بل ( تراجعت عن الووعود التي بشر بها الأمين العام لجهاز المغتربين د. كرار التهامي ، وكان المغترب ولا يزال في انتظارها على احر من الجمر لتنفيذها وتحويل أمواله عبر الطرق الرسمية ، واكاد أجزم بأنها الطريقة الوحيدة والانجع والاسرع لجذب مدخرات المغتربين المتغربين عبر القنوات الرسمية بعد أن هرب وطار الدولار من اضابيرها )

    فليعلم واضعو هذه السياسة أنها ستبوء بالفشل ولن يتغير شيء ( الله يكضب الشينة ) فو الله لدي هواجس ويقين بأن أمر الدولار لن يتغير ابداً بالطريقة التي يحلم بها واضعو القرارات الأخيرة لعدة أسباب مهمة وجوهرية :

    1- لان المغترب كان وما زال يحول الأموال لاهله واسرته عن طريق الهاتف دون عنا أو تكبد مشقة التنقل وذهاب إلى البنوك .

    2- ولأن المغترب أحيانا يحول بالآجل وربما سدد مبلغ التحويل بعد 15 يوم أو شهر على الأقل ( وهذا لن يتوفر عبر القنوات الرسمية والبنوك )

    3- ولان اهل واسرة المغترب لن تقبل ولن تتحمل مشقة الذهاب إلى البنوك في السودان لاستلام المبلغ المحول وذلك لعدم وجود كاش بالبنوك ولعدم استعدادها لتكبد مصاريف إضافية لايجار سيارة أو ركشة .

    ولكن :

    إذا رجعت الحكومة ومتخذوا القرار لحوافز المغتربين فأبشروا بالخير العميم ( خصوصا بعد سعر الدولار الأخير المبني على العرض والطلب ))

    *****
    علم الله أني ناصحاً لأهلي ومحباً لبلدي

    ادركوا الأمر قبل فوات الأوان .