لا تخدعونا ..تحرير أم تحديد جديد
كيف تحدد الحكومة للسعر الرسمي للصرف 47ألف جنيه ونصف وتقول إنها حررت سعر الصرف ..؟ هي لم تحرره بل حددت برقم كبير جدا سعر رسمي جديد ..وهناك من تحدث عن تحرير جزئي وهذا كلام غير منطقي ..فإن التحرير لا يتجزأ و التحرير معناه ألا يكون للبنك المركزي سعر محدد ..
> تحرير سعر الصرف يعني أن يكون سعره هو سعر السوق وعلى هذا الأساس تستقطب الحكومة النقد الأجنبي وكلما عظم الاحتياطي النقدي تراجع سعر الصرف ..واستمر في تراجعه ..و يصل إلى أدنى مستوياته ..هكذا.
> لكن الحكومة ترى أن ورطتها المالية المتمثلة في التزامات بصرف خارج الموازنة تحوجها باستمرار إلى عدم تحرير سعر الصرف ..وإلى كيف ستقوم بالمضاربات حين تستهلك النقد الأجنبي وهي أكبر مستهلك له.؟
> لكن لا تقل لي لجنة اقتصادية محايدة . .فنحن لسنا بصدد إصدار أحكام قضائية تستوجب الحياد ..وتستبعد بعض الاقتصاديين المسؤولين ..فهذا عيب حكومي لا داعي له ..فالحياد هنا ما ضرورته ..؟ هل هناك لدى طرف إحساس بارتكاب جريمة نقدية .؟؟ الجريمة النقدية هي أن تحدد الحكومة سعرا للصرف وترفعه كلما تراجعت قيمة العملة وأصبحت الفجوة بينه وبين السعر الموازي ( الحقيقي ) كبيرة جدا .
> و آخر تحديد للسعر الرسمي كان 29ألف جنيه .. ومع تسارع تدهور قيمة العملة أصبح السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازي قريبا من الخمسين ألف جنيه ..لذلك كما جرت العادة رفعت الحكومة سعرها الرسمي إلى 47ألف جنيه ..فهي قامت بتحديد جديد ولم تحرر البتة .
> الحكومة بعد أن حددت سعرا رسميا جديدا وظن البسطاء أنها تحرر سعر الصرف ولم تحرره طبعا ..قفز السعر الموازي الحقيقي إلى اكثر مما حددته الحكومة رسميا .. فقد فعلت كما كانت تفعل كالعادة وهي مصرة على استهلاك النقد الأجنبي للمضاربات .
> وعيب كبير على الاقتصاديين و هم يرون أن ما قامت به الحكومة تجاه سعر الصرف يختلف عما كانت تفعله .. فبئس القوم .
> ليعلم الجميع أن تحرير سعر الصرف يكون بدون سعر تحدده الحكومة ..فهي حددت ..هي إذن لم تحرره إطلاقا ..وهي حينما رأت سعر الصرف في السوق الموازي ابتعد عن السعر الرسمي كثيرا ، رأت أن الأخير قليل جدا ..فرفعته إلى 47ألف و نصف .كلا لم تتحرره بل رفعته بتحديد جديد ..والفرق واضح بين التحديد وبين التحرير ..والتحرير ألا يكون هناك سعر صرف رسمي ..فقط سعر السوق الموازي وحده.
> و الحكومة حتى لو حررت سعر الصرف وتخلت عن تحديد سعر رسمي على أمل أن ترتفع قيمة العملة الوطنية بالتدرج مع إعادة بناء الاحتياطي النقدي ..فهل هذا يكفي لحل المشكلة دون أن تلغي تجنيب الأموال العامة لتكون مؤسساتها تابعة لوزارة المالية.؟
> الموضوع أكبر من قرارات يصدرها البنك المركزي ترتفع بعدها الأسعار بجنون ..و تظل في ارتفاع .. الموضوع هو أن يلغى سعر الصرف الرسمي تماما ..ليحدده فقط العرض والطلب ..ويلغى تجنيب الأموال العامة الذي يتسبب في عرض السيولة بغزارة دون تغطية إنتاجية أو تغطية احتياطي نقدي .. وتقيد مصروفات الاستيراد بحجم الاحتياطي النقدي ..و ما دون ذلك لف ودوران شبعنا منه.
غدا نلتقي بإذن الله
خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة