تحقيقات وتقارير

مشروع الطاقة النووية .. دخول السودان لملاعب الكبار

برز الملف النووي السوداني للأغراض السلمية على سلم أولويات الدولة منذ وقت بعيد، خاصة بعد أن أظهرت دراسات الطاقة

في السودان أهمية النظر في الخيار النووي لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في البلاد ،الأمر الذى حتم على الحكومة التوجه نحو وضع استراتيجية للتعاون مع وكالة الطاقة الذرية لتنفيذ المشروع النووي لتعدد مصادر الطاقة .

في العام 2012 كشف السودان للوكالة الذرية عن عزمه استخدام الطاقة النووية ضمن خطة طويلة الامد اعدتها وزارة الكهرباء حتى العام 2030 والتى تهدف لتوفير( 23) الف ميقاواط من مصادر الطاقة المتاحة من المياه ، والغاز، والفحم ،واثمرت الجهود بامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وبذا يكون السودان قد دخل الى المراحل العملية لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية ،فالمشروع تعلق عليه البلاد آمالاً عريضة في الاستفادة منه في عدة مجالات اسوة بدول العالم الاول التي تمتلك طاقات نووية جعلتها في المقدمة عالمياً وعلى مستوى الداخل فالهدف من مشروع الطاقة النووية في المقام الاول إنتاج الكهرباء، التي يرتفع عليها الطلب بنسبة 14% في العام. وينتج السودان حاليا 3 آلاف ميقاواط سنوياً من الكهرباء، ويستورد من إثيوبيا 250 ميقاواط، لمقابلة الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد. وينفذ السودان خطة مدروسة لمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، وتشمل بناء السدود ومحطات حرارية بالوقود البترولي والطاقات المتجددة، إلى جانب النشاط النووي السلمي.

وأجاز السودان أخيراً مشروع قانون للرقابة على الأنشطة النووية والإشعاعية من قبل المجلس الوطني (البرلمان). وبموجب القانون، كُونت لجان فنية لصياغة وتحديث لوائح الأمان والأمن النووي.

وأكد مسؤول الاتصال مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوزارة الموارد المائية والري والكهرباء المهندس جعفر خير الله في تصريحات صحفية سابقة بان
بناء المحطات النووية يختلف من المحطات التقليدية، فبناء المحطات النووية يمر بثلاث مراحل ،المرحلة الاولى مرحلة الدراسات التى تسبق اتخاذ القرار والمرحلة الثانية مرحلة التجهيزات للبناء والتشغيل، ثم المرحلة الثالثة وهي التشييد ، والسودان ينتهج منهج الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتى استصحب فيها أفضل التجارب والممارسات في مجال بناء المحطات النووية وتم اجتياز المرحلة الاولى وبدأ العمل في المرحلة الثانية والسودان مؤهل في هذا الجانب فلديه كوادر ستعمل على بناء المحطة النووية .

تعاون مشترك
وبدأ التعاون مع الوكالة الدولية منذ العام 1958م فالسودان عضو في الوكالة ولديه استخدامات سلمية للطاقة الذرية منذ القدم في مجال الطب ،والزراعة، والتعدين، والنفط ،ومستشفى الذرة يستخدم الان الجانب الاشعاعي.
و الجديد في الامر هو استخدام الطاقة النووية في انتاج الطاقة الكهربائية وقد بدأ العمل منذ العام 2007م في تجهيز البنية التحتية للمحطة النووية التى تتكون من ١٩ عنصراً هي الموقف الوطني، و السلامة النووية، و الادارة و التمويل ،و الاطار التشريعي، والإجراءات الوقائية، و الإطار الرقابي، و الوقاية الاشعاعية، و الشبكة الكهربائية ،و تطوير الموارد البشرية ،و الاستشارة الجماهيرية، و إشراك أصحاب المصلحة، و اختيار الموقع، و حماية البيئة ،و التخطيط للطوارئ و الأمن، و الحماية المادية ،و دورة الوقود النووي ،و النفايات المشعة ،و المشاركة الصناعية و الشراء.

فوائد المشروع للبلاد
الطاقة التى تنتج من المحطات النووية هي طاقة كبيرة وتتميز المحطات النووية بانها ذات حمل أساسي تعمل على مدار 24 ساعة في مختلف فصول السنة، كما تعمل بالطاقة القصوى وتتوقف لفترة شهر واحد كل فترة 18 شهراً للتزود بالوقود والصيانة الدورية عدا ذلك ليس لديها اي توقف ويعتبر الوقود النووي مقارنة مع الوقود الاحفوري رخيص جداً إذ يمثل ثلث الى خمس سعر الوقود الإحفوري من الفحم، و الغاز ،و البترول ،و من هنا جاءت التكلفة المنخفضة لتشغيل المحطات النووية حتى اصبحت منافسة لانواع التوليد الاخرى.

تدريب الكوادر
و عبر تلك المشروعات اتاحت الوكالة الفرصة لتدريب الكوادر من خلال السمنارات وورش العمل و الدورات التدريبية و الزيارات العلمية كذلك تبعث الوكالة خبراءها لمساعدة الدول المقبلة على بناء المحطات النووية في تنفيذ الدراسات الخاصة بتأهيل البنية التحتية .

تعاون سوداني روسي
وفي ذات المنحى بدأ التعاون مع روسيا بصورة رسمية بعد زيارة رئيس الجمهورية لروسيا وعلى شرف الزيارة تم الاتفاق على ان تمد روسيا السودان بالمفاعلات النووية وبعد ذلك تم توقيع اتفاقية الاستخدام السلمي للطاقة بين السودان وروسيا كما تم توقيع اتفاقيات تنفيذية لتنفيذ المشروع كذلك وضع خارطة طريق لمدة عامين وكما هو معلوم ان روسيا تتمتع بتكنولجيا آمنة ومضمونة وهي أول دولة في العالم بدأت المفاعلات النووية للأغراض السلمية في توليد الكهرباء .

الوكالة ستبعث خبراءها لمساعدة الدول المقبلة على انجاز الدراسات ولذلك يعملون على قيادة الفرق الوطنية لانجاز هذه الدراسات والسودان لديه كوادر في هذا المجال بل حتى في وكالة الطاقة الذرية نفسها يقدرون بالعشرات حيث يقدمون مساعدات لدول اخرى.

برنامج قومي
وفي واقع الامر البرنامج النووي ليس برنامجاً خاصاً بوزارة الموارد المائية والري والكهرباء فقط وانما هو برنامج لكل الدولة وبالتالي هناك عدة جهات مشاركة في هذا المشروع من بينها ( الطاقة الذرية السودانية والجهاز الوطني للرقابة النووية والاشعاعية ،ووزارة الموارد المائية والري والكهرباء ،ووزارة البيئة، والعدل ،ووزارة المالية ،ووزارة الخارجية ،ووزارة المعادن، ووزارة الداخلية، و جهاز الامن و المخابرات الوطني ،و أساتذة الجامعات ) وكل هذه المؤسسات تدخل في فرق عمل مشتركة لتطوير البنية التحتية للمحطة النووية .

اكتمال المسوحات للمحطة النووية
ومؤخراً أجازت بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في ختام زيارتها للسودان ، المرحلة الأولى لقيام محطة نووية لإنتاج الكهرباء في البلاد.
وعقدت الوكالة ورشة عمل ، لمناقشة تقرير المراجعة المتكاملة للبنية التحتية لبرنامج السودان للتوليد النووي، وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتأتي خطوة الوكالة بعد أن أعلن السودان بداية العام الجاري إكمال المسوحات الأولية لتحديد موقع محطة الطاقة النووية التي يعتزم تنفيذها، بالتعاون مع الوكالة الدولية، لإنتاج الطاقة الكهربائية.

صحيفة الإنتباهة