تحقيقات وتقارير

وزير الدفاع التركي في الخرطوم.. ما وراء الزيارة

قال الرئيس السوداني عمر البشير إن التعاون العسكري مع تركيا مقدم على كل المجالات الأخرى.

ونقل رئيس الأركان السوداني كمال عبد المعروف في تصريحات صحفية عن البشير عقب لقائه بوزير الدفاع التركي خلوصي أبكار توجيهه بأن يكون التعاون العسكري مع تركيا مقدما على المجالات الأخرى.

وأكد عبد المعروف على متانة العلاقات بين السودان وتركيا وحرص السودان على تعزيزها بما يحقق المصالح المشتركة، مؤكدا أن التعاون العسكري بين السودان وتركيا يمضي في تطور مضطرد، مشيراً إلى العلاقات الأزلية والتاريخية التي تربط البلدين، منوهاً إلى أن الرئيس البشير وجه وزارة الدفاع بموجهات للمحادثات بين وزيري الدفاع في البلدين.
وقال عبد المعروف إن زيارة وزير الدفاع التركي تأتي في إطار التعاون الاستراتيجي بين البلدين من خلال مرجعيات سابقة أبرزها اتفاقية إطارية للتعاون العسكري بين البلدين وقعت في ديسمبر الماضي شملت التدريب ومكافحة الإرهاب والأمن.

ولفت عبد المعروف إلى أن زيارة وزير الدفاع والوفد المرافق له تأتي في سياق الزيارات المتبادلة التي كان آخرها زيارة رئيس الأركان السوداني في مايو الماضي إلى أنقرة، وزيارة الجنرال خلوصي عندما كان قائدا عاما للجيش في ديسمبر الماضي برفقة الرئيس رجب أردوغان حيث تم توقيع اتفاقية التعاون العسكري. وأشار عبد المعروف إلى أن زيارته الأخيرة إلى أمريكا تضمنت لقاء بنظيره التركي ومثلت دفعة للتعاون العسكري الشامل.

ووصل مساء أمس وزير الدفاع التركي إلى الخرطوم في زيارة تستغرق يومين على رأس وفد يضم قائد القوات المسلحة التركية ياشار غولر، وأجرى خلال زيارته لقاءات بالرئيس السوداني ومباحثات مع وزير الدفاع وقيادات الجيش.
وأعلن السودان وتركيا في ديسمبر الماضي بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم توقيع اتفاق شراكة استراتيجية تضمن 21 اتفاقا مع تفاهمات لرفع التبادل التجاري لمليار دولار سنويا، من بينها اتفاق للتعاون العسكري تضمن إنشاء مرفأ لصيانة السفن المدنية والعسكرية، في شراكة بين تركيا والسودان.

التقارب بين الخرطوم وأنقرة في ظل الاستقطاب الإقليمي يخلق حساسية لبعض الدول وعلى رأسها مصر وحلفاؤها في دول الخليج لا سيما ما يتصل بالتعاون العسكري.
إلا أن الخرطوم سعت للتقليل من أي احتقانات مؤكدة انفتاحها على الجميع، وأشار وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور في ديسمبر الماضي إلى أن بلاده “منفتحة على أي تعاون عسكري مع أشقائه وأصدقائه”، مشيرا إلى استضافة وزارة الدفاع السودانية لتدريبات عسكرية لقوات شرق إفريقيا وقبلها تدريبات عسكرية مع الإمارات والسعودية.
في ذات الوقت، قال حينها وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إن أنقرة تتواصل مع الجميع، نافيا وجود محور في المنطقة يضم تركيا وقطر وإيران، مضيفاً: “نعمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة، ونبذل كل الجهود لحل الأزمات”.
وأكد أوغلو أن أمن السودان والبحر الأحمر مهم بالنسبة لتركيا، لذا ستُواصل أنقرة عملها لدعم السودان لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية في المنطقة، مؤكدا أنهم سيواصلون التعاون مع السودان في النواحي الأمنية والدفاعية.

الخبير الاستراتيجي د.الهادي محمد المهدي، يقول: بالنسبة لتركيا لم تكن هناك علاقات عسكرية مباشرة، ولكن الآن هناك بروتوكول للتدريب المشترك والتسليح وصيانة السفن، وهو ما يعزز من قدرات القوات البحرية السودانية.
الخبير العسكري اللواء حسن ضحوي يقول: في ظل الأجواء العاصفة انتهج السودان سياسة عدم الانحياز لأي حلف أو محور وهو ما ساعد القوات المسلحة السودانية على الانفتاح على الجميع عبر تدريبات مشتركة مع دول قد تكون متضادة. ويلفت ضحوي إلى أن هذه السياسة قد تكون أقل تكلفة سياسيا وتصلح لمسألة التنظيم والتسليح وتبادل الخبرات إلا أنها في المقابل قد تكون أقل فاعلية من سياسة الأحلاف.

انفتاح كبير

السنوات الأخيرة شهدت انفتاحا كبيرا في علاقات الجيش السوداني. ويمكن النظر لمشاركة السودان للمرة الأولى في اجتماعات قمة رؤساء أركان المجموعة الأمريكية الأوروبية الإفريقية “أفريكوم” بمدينة “شتوتغارت” الألمانية أبريل 2017، باعتبارها نقطة تحول كبير في مسالة انفتاح الجيش السوداني نحو العالم والدول الكبرى في إطار الالتزامات المشتركة تجاه الإرهاب والاتجار بالبشر والجرائم العابرة للحدود، والتي تزامنت مع انفتاح الجيش السوداني بشكل أكبر مع محيطه الإقليمي عبر العديد من المشاريع التدريبية الداخلية والإقليمية في سبيل تطوير القوات المسلحة لتكون قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وكل المهددات.

يقول الخبير العسكري الفريق أول ركن حسن يحيى، إن العلاقات بين الدول تقوم على مستويين: دبلوماسي سياسي، وتُتوَّج بالعلاقات الأمنية والدفاعية لحماية المصالح المشتركة.
من جهته يقول الخبير العسكري اللواء حسن ضحوي، إن العقود الماضية كانت تشهد دخول الدول في أحلاف عسكرية واتفاقيات دفاع مشتركة، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فقدت قيمتها في ظل القطبية واحدة لا سيما في ظل المتغيرات الاستراتيجية المتسارعة مثلما حدث في الخليج.

خلاصة القول إن الانفتاح الكبير في العلاقات العسكرية يرجع لاهتمامات والتزامات مشتركة باعتبار الموقع الجيوسياسي المتميز للسودان في قلب القارة الإفريقية، ويسيطر على منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، وقريب من القرن الإفريقي ومن منطقة البحيرات العظمى ذات الثروات النفيسة وهذا كله يجعل من السودان موقعاً مفتاحياً للدخول لإفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء.

الخرطوم: محمد عبد العزيز
صحيفة السوداني.