تحقيقات وتقارير

قالوا إنها أدخلتهم في مواجهة دولية الإنقاذ.. شعارات (سادت) ثم (غابت)


التبرير التحليلي الأولي يقول إن عوامل كثيرة وملفات شائكة جعلت أهل الإنقاذ يتخلون عن العديد من الشعارات التي رفعوها نتيجة لضغوط خارجية ومواجهات جعلتهم يتخلون عن هذه الشعارات.

هذا التحليل عبر عنه الأمين السياسي للمؤتمر الوطني عمر باسان في ندوة سياسية أمس الأول، حين أشار إلى أن شعارات الإنقاذ الأولى “أمريكا وروسيا دنا عذابها” أدخلتهم في مواجهة مع المجتمع الدولي، مشيراً إلى تجاوزها.

ضغوط خارجية

بعد أن امتد حكم الانقاذ ثلاثة عقود من الزمان، تغيرت كثيراً شعارات أطلقها أهل الإنقاذ في بدايات الثورة وفي قمة عنفوانها، إلا أن قرائن الأحوال والوقائع تشير إلى أن العوامل الداخلية والضغوط الخارجية كان لها تأثيرها الواضح في عدم تمسك أهل الإنقاذ بشعاراتهم التي كانوا يلهبون بها حماس الجماهير في المناسبات المختلفة، وكان أبرزها (أمريكا روسيا قد دنا عذابها) و(نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع)، و(هى لله لا للسطة ولا للجاه)، و(لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان)، و(لا تبديل لشرع الله).

والمتابع لمسيرة الإنقاذ طوال العقود الثلاثة، يجد أنها لم تحقق الكثير من الشعارات التي رفعتها خاصة شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، وأصبح اعتمادها على الاستيراد أكثر من تصدير المنتجات، حيث تشير الشواهد إلى عدم اهتمام اهل الإنقاذ بمسألة الإنتاج والإنتاجية الذي يحقق شعار الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الغير وتحقيق شعار من لا يملك قوته لا يملك قراره. وقد باهى نائب رئيس الجمهورية السابق حسبو محمد عبد الرحمن بشعارات الإنقاذ، وقال إنها ليست سياسية وإنما عقائدية وتعبدية ودينية ويقينية، تزيل الابتلاءات والفتن والتحديات.

قيم باقية في النفوس

يرى متابعون لمسيرة الإنقاذ أن شعاراتها التي رفعتها لأجل الجهاد، حققت نجاحات كبيرة في غرس قيم الجهاد في نفوس الشباب وطلاب الجامعات الذين تسابقوا للحاق بمناطق العمليات خاصة إبان بداية الثورة وتآمر بعض دول الجوار على السودان وتعاونهم مع المتمردين وتزويدهم بالسلاح الثقيل والدبابات وبطولات الميل أربعين التي لا زالت عالقة في أذهان الشعب.

تعبئة وقتية

وحول تمسك الإنقاذ بشعاراتها وترجمتها على أرض الواقع قال القيادي بالمؤتمر الوطني والخبير الإعلامي ربيع عبد العاطي إن الشعارات ليست معنية بمضامينها بقدر ما هي ردود أفعال وتعبئة وقتية، وهي لا تمثل الرؤى الفكرية الحقيقية، وأضاف في حديثه لـ(الصيحة): هنالك مبادي وهنالك شعارات وهي دائماً عرضة للانفعال والتأثر بالغضب والانفعال، تكون دائماً وليدة وقتها. وحول شعار (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع)، قال ربيع إن هذا ليس شعاراً بل ينبغي أن يكون مبدأ وإن لم يتم اليوم فسيكون غداً، مشيراً إلى أن المبادئ دائماً ليست بالضرورة أن تنفذ بين يوم وليلة، بل هي خطة إستراتيجية وأن المطلوب تسريع الخطوات لأجل تحقيق هذه المبادئ وعن شعار (لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان)، أشار ربيع أن هذا أطلق من قبل الشعارات الوقتية التي يمليها الانفعال والغضب.

من أجل السلطة

في ذات السياق، يقول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر في حديثه للصيحة إن الإنقاذ تخلت عن كل شعاراتها لأجل الاستمرار في السلطة، وأضاف: (بعضهم تخلى عن الكثير وتم تكذيب بعض الشعارات)، وقال إن الشعار المتعلق بأمريكا وروسيا كانت له حيثيات في حينه حيث عملت أمريكا على تمويل وتسليح التمرد، وقد خاطب الشعار القضية الآنية في ذلك الوقت، وقال إن شعار (لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان) شعار تكذبه الوقائع الآنية في رضوخ النظام وانصياعه للشروط الأمريكية والتدخل السافر في الشأن السوداني، ولأجل استمرارهم في الحكم تخلوا عن الكثير من المبادئ، معتبراً التخلي عن الشعارات جاء نتيجة للضغوط التي مورست عليهم من الخارج والمجتمع الدولي، ولهذا أصبحت تنصاع الحكومة لكل توجيهاته، حتى الحركة الإسلامية التى كانت تحث الشباب على الجهاد غيبت تماماً عن المشهد والتأثير ومن غيابها قصدوا الانفراد بالسلطة .

لم تحقق أهدافها

خلاصة القول، لم تستطع الانقاذ تحقيق شعاراتها التي رفعتها منذ بيانها الأول، والعمل لأجل رفاهية الشعب السوداني وحماية الوطن وحفظ مكتسباته والاستفادة من موارده لأجل نهضة الوطن وتطوره، كل هذه الشعارات لم تترجم إلى أرض الواقع، ولم تحقق الأهداف المرجوة.

الخرطوم: عبد الهادي عيسى
صحيفة الصيحة.