مذكرة شبابية حول الدستور (الشعبي).. القواعد تستوضح كابينة القيادة
مارست كوادر شبابية بحزب المؤتمر الشعبي حملة ضغط على قيادة الحزب لاتخاذ موقف حاسم ورافض تجاه التطورات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها البلاد خاصة فيما يختص بتعديل الدستور لإعادة ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة في 2020م، ووقع أكثر من 250 عضواً على مذكرة حثت الأمين العام للحزب علي الحاج، على تحمل المسؤولية فيما سماه الموقعون بـ “الانهيار العبثي” وأعلن الموقعون في المذكرة عن موقفهم الرافض لإعادة ترشح الرئيس البشير.
تجاوب واسع
وجدت المذكرة الشبابية تجاوباً واسعاً وسط عضوية الحزب، وبحسب القيادي بالحزب فضل الله محمد أحد أبرز الموقعين على المذكرة أن المذكرة دار حولها نقاش مكثف بالنظر إلى ضرورة تبني الحزب موقفاً تجاه ما يدور خاصة وأنه يشارك بالجهاز التنفيذي والبرلمان، مشيراً إلى أن المذكرة ترمي للضغط على الأمانة العامة للحزب لاتخاذ قرار واضح ليكون الموقف الرسمي للحزب سيما وأن المؤتمر الوطني سيتجه إلى استخدام أغلبيته في البرلمان لتمرير التعديلات الدستورية على غرار ما تم في تعديلات قانون الانتخابات.
مذكرات ضغط
وبعد وفاة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي قدمت العديد من المذكرات الإصلاحية لقيادة الحزب،أحد أشهر المذكرات كانت تطالب بإجراء التعديلات الدستورية وفقاً لمخرجات الحوار كما طالبت بقيام المؤتمر العام للحزب وكانت المذكرة عندما كان الشيخ إبراهيم السنوسي يشغل أمانة الحزب ،أما السمة البارزة لمعظم المذكرات الإصلاحية التي قدمت لقيادة الشعبي فكانت التحاشي المتعمد لأصحاب المذكرة عن ذكر أسمائهم وتمريرها عبر الوسائط الاجتماعية “السوشال ميديا ” كما جاءت مذكرة أخرى حملت عنوان “حملة وفاء” وهي ذاتها المذكرة الأخيرة بعد أن تم تعديل مطالبها والتي تحدثت عن أعادة ترشيح الرئيس وتعديل الدستور .
تكتيك حزبي
انتقد الأمين السياسي السابق للحزب بولاية نهر النيل ياسر عبدالله موقف الحزب المتحفظ تجاه المذكرة ،مشيراً إلى أن المذكرة وقع فيها بارزون في الأجهزة التنظيمية بالولايات كما شملت عدة أجيال من الحزب جاءت بغالبية الموقعين من الشباب، كما أن الموقعين مثلوا كل أنحاء السودان ،وأرجع عبدالله في حديثه لـ”الصيحة” أمس تحفظ قيادة الحزب على المذكرة لتكتيك الحزب القائم على التسويات مشيراً لاحترامه للتسوية التي قدمها حزبه في تبنيه للحوار الوطني والذي غير موقف الحزب الذي كان يدعو لإسقاط النظام إلى موقف داعي للإصلاح مضيفاً بأنهم كانوا ينوون أن يذهبوا في ذات خط الحزب لولا ما حدث في قانون الانتخابات من تعديل، واصفاً احتجاج حزبه وخروجه من البرلمان أشبه بـ”سلوك الأطفال” وأن ما تشهده البلاد من أوضاع كارثية مشيراً لانهيار الدولة في قطاع المصارف وانهيار الاقتصاد وانهيار النظام القانوني الذي لم يحاسب على التقصير الذي يحدث في البلاد الآن.
ما بين الرجاء والخوف
وصف عبدالله موقف حزبه بأنه يقف بين “الرجاء والخوف”مضيفاً أن القيادة تعتقد أن أي موقف غير هذا سيكون فيه عبء عليهم وهم يرجون أن يأتي معهم النظام في تكتيكات آخرى ولكننا لا نتعامل على غيبيات يمكنها أن تحدث أو لا، ونفى عبدالله أن تتجه المجموعة الموقعة على المذكرة للخروج عن الحزب مشيراً إلى أنها ستدافع عما تؤمن به حتى تقنع القيادة بالموقف السليم لأن الوضع الآن يتجه نحو الهاوية، مشيراً إلى وقوفه الحالي في أحد صفوف الخبز والتي وصلت الرغيفة في عطبرة فيه لمبلغ خمسة جنيهات.
خيارات مفتوحة
وأضاف عبدالله إذا أصرت القيادة عن صم آذانها عن سماع مذكراتنا الداعية لتصحيح الأوضاع والخروج للشارع فأن الخيارات مفتوحة أمام الموقعين على المذكرة مشيراً إلى أنهم “أولاد المفاصلة ” الذين شهدوا كل أحداث الحزب الجسام وخرجوا من الحكومة عبر المفاصلة مشيراً إلى أن القيادة إذا استمرت في التغافل عن الوضع الكارثي الذي يشهده السودان فأن الخيار سيكون مفتوحا، واصفاً بأنها لم تقدم مبررات لصمتها رغم التذمر الذي يشهده الأعضاء، لافتاً نظر القيادة للتضحيات التي قدمها الأعضاء أيام المفاصلة من اعتقالات وتضحيات، وأكد أن المذكرة حملت توقيعات الأعضاء عبر الشبكة ولم يتم التنصل إلا من ثلاثة أعضاء فقط.
ازمة “شعبية ”
الخبير الإعلامي ومحلل السياسي عبد الماجد عبدالحميد قال في حديثه لـ”الصيحة “أمس إن المذكرة الأخيرة وغيرها من المذكرات التي رفعت لقيادة الشعبي تعبر جميعها عن أزمة يعيشها الشعبي منذ وفاة مؤسسه مضيفاً بأن الحزب لم يحسم كيفية إدارة الحزب فهناك مجموعة من قيادات الحزب وشبابه كانوا ضد مشاركة الحزب في الحكومة بالرغم من أن القرار جاء بعد نقاش طويل حتى عبرت قيادة الحزب على الإجماع على المشاركة، مضيفاً بأن قواعد الحزب كان عليها أن تقف وراء قياداتها وأن تسندها، ولكن هذا لم يحدث، وأضاف بأن هناك من اعترض على تأخير المنظومة الخالفة وهناك من استقال مثل إبراهيم الترابي، وهناك من يغرد خارج السرب، كما أن هناك مجموعة كبيرة في نهر النيل كانت ضد المشاركة أصلا ، كل هذه الحالات تشير إلى عدم الالتزام بالمؤسسية داخل المؤتمر الشعبي، وأشار عبدالحميد إلى حالة انقسام الذين اشتركوا في الحكومة فهناك تيار إبراهيم السنوسي وهناك تيار علي الحاج وبالتالي فأن حالة التوتر الذي يعيشها الشعبي عقب قرار المشاركة انتجت كل هذه الأشياء وأدت إلى ظهور المذكرات الإصلاحية وجميعها تعبر عن حالة القلق وعدم الاتفاق التي يعيشها الشعبيون مضيفاً بأن هناك أعضاء وقادة من حزب المؤتمر الشعبي لم يستوعبوا أن الشيخ حسن انتقل للدار الآخرة والقرارت التي اتخذت بعده بالرغم من أنه لم يشهدها إلا أنها تعبر عن روحه في المشاركة لأنه هو الذي فتح باب الحوار .
انقسام وجداني
وأكد أن الانقسام حادث بالفعل في المؤتمر الشعبي رغم أنه ليس انقساماً هيكلياً وإنما انقسام وجداني يعبر فيه البعض عن رفضهم للمشاركة نافيا أن يحدث انقسام تنظيمي في الحزب مشيراً إلى أن حالة التوتر هذه من شأنها أن تضعف الحزب على المستوى البعيد.
صحيفة الصيحة.