مقالات متنوعة

غفلة الحكومة عن الأسباب


هل يعقل أن يتوقف تراجع قيمة العملة الوطنية لتحسين الأوضاع المعيشية وإصلاح خدمات المواصلات والصحة وتوفير الدواء والوقود والدقيق على استجابة تجار العملة لدعوة رئيس الوزراء معتز موسى وهو يدعوهم إلى تقوى الله والنخوة والمروءة..؟
> فأنت إذن.. تنفي عندهم كل هذا.. لكن لو اعتبرناهم ملحدين لكنهم منافقون.. مثلاً ..فهل هذا يعني أن الأمل في إصلاح الاقتصاد السوداني منعدم تماماً..؟ هل بهذا المنطق تدار شؤون الدول أم أن السبب الأساسي لمثل هذه الإدارة الغريبة العجيبة هي أن رئيس الوزراء ليس منتخباً ..؟
> وهذا المنصب الاهم الاكثر حساسية تجد في بعض دول النظام الملكي يكون بالانتخاب ..مثل الأردن والمملكة المغربية والمملكة المتحدة ..وانتخاب رئيس الحكومة وامكان سحب الثقة منه هما الضمان لاجتهاده دون أن يضع اقتصاد البلاد تحت رحمة من يطلب منهم تقوى الله والنخوة والمروءة.

> ورئيس الوزراء المنتخب اكثر ما يهمه ويجتهد فيه، هو معرفة الاسباب الحقيقية لتراجع سعر الصرف والتضخم باعتبارها هي ما يفاقم من الضائقة المعيشية ..وليس من بين هذه الأسباب طبعاً معصية تجار العملة لله وعدم نخوتهم ومروءتهم.. حتى لو كانوا ملحدين ومنافقين يخفون الحادهم .
> فإن أسباب الضائقة المعيشية وتدهور خدمات كل شيء معروفة تماماً.. ويجتهد لمعرفتها بالضرورة كل رئيس منتخب وكل رئيس حكومة منتخب ..وهذا ما نراه في المغرب والأردن وإثيوبيا وبريطانيا .

> لكن تجار العملة هؤلاء لو كان سلوكهم هو السبب وراء تفاقم الضائقة المعيشية.. فهم من أين يحصلون على العملة وكيف ذلك..؟ وما الذي يجعلهم يستضعفوا الحكومة وسلطاتها الأمنية بهذه الصورة المريبة..؟
> ألم يكن التاجر الأكبر الأعظم للعملة هي الحكومة نفسها من خلال السعر الرسمي للصرف والشركات والمؤسسات المسجلة باسم الحكومة وهي بالعشرات تعمل في المضاربات في العملة؟.

> ألم يكن جزءاً عظيماً من المال العام مجنباً عند مؤسسات مسجلة باسم الحكومة تنشط وتنافس القطاع الخاص في اسواق التأمين والمصارف والتعليم والعلاج وتابعة لوزارات ليس من بينها وزارة المالية المفترض أن تتبع لها؟.

> بكل هذا.. أعلم ..تتراجع قيمة العملة.. لكي تستغرب حالة وجود وفرة للسلع مع ارتفاع أسعارها وتعتبرها حالة نادرة .. وتقول بنفسك إن المعاملات الاقتصادية بالبلاد خاضعة لأسباب غير اقتصادية.. لأن مع الوفرة مفترض خفض الأسعار.. لكن سياسات الحكومة النقدية تخفض قيمة العملة ولا يتحقق بذلك خفض الأسعار بالوفرة كشيء طبيعي.. فإن غير الاقتصادي وبدون المنطق الاقتصادي هو تحديد سعر رسمي للصرف وإنشاء مؤسسات تحت مظلات الوزارات _ ليس من بينها وزارة المالية _ تجنب الأموال العامة لتخل بضبط عرض السيولة.. فتكسح سيولها الهادرة الاحتياطي من النقد الأجنبي وقيمة العملة ..
> ولا ننسى هنا أن وزير المالية السابق الركابي قال بأن الحكومة أكبر مستهلك للعملة الأجنبية.. وهذا ما يفسر كيف يكون حصول تجار العملة على الدولار بسهولة.. ليستضعفوا الحكومة إلى درجة أن تستجديهم ليتقوا الله حق تقاته ويستدعوا النخوة والمرءة إلى نفوسهم.. وذلك ليكون سعر الدولار في السوق الموازي بنفس سعره الرسمي.. سبحان الله. أين المنطق الاقتصادي هنا..؟ ما لكم كيف تحسبون ؟.

> نفهم أن الحكومة حتى الآن غافلة عن الأسباب.. ونعتبر أن الرئيس البشير مثل العاهلين الأردني والمغربي والملكة البريطانية والرئيس الإثيوبي ..لا حاجة إلى انتخابه مع وجود رئيس وزراء..لكن لا بد من انتخاب رئيس الحكومة (رئيس الوزراء) مثلما يحدث في دول هؤلاء المذكورين.
غداً نلتقي بإذن الله..

خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة