دولة موازنة ودولة تجنيب
في بلادك أنت تعيش اقتصادياً في دولتين .. من حيث أموالك العامة كمواطن.. وباختصار نقول في البداية بأن تداخل الدولتين مالياً هو المصدر الرئيس لتصاعد الغلاء المعيشي والخدمي.. وما يتولد منه بشكل طبيعي ..لأن أمر الاقتصاد في بلادك ليس بيد الخبراء الاقتصاديين ..و خبراء الاقتصاد في المواقع التنفيذية الرفيعة في فم كل منهم جرادة .. جرادة الامتيازات الاستثنائية في بلاد ينام اغلب اطفالها جوعى وكلاب اغنيائها شبعانة.. والمثل يقول ( دبيب في خشمو جراداي و لا بعضي )
> فالعجز في موازنة هذا العام مقدر بـ53 مليار جنيه ..فالايرادات اقل من المنصرفات كما يقول تقرير الموازنة ..الايرادات 162 مليار جنيه و المنصرفات 194 مليار جنيه ..لكن هي ليست ايرادات كل المال العام و ليست كل المنصرفات منه ..هي جزء فقط.
> فهناك شركات و مؤسسات و اجهزة منشأة باسم الحكومة لتكون لها ايرادات مالية و منصرفات خارج الموازنة العامة ..فماذا فعل معها معتز موسى ..و قد وعد بمنع أي صرف خارج الموازنة ..؟ فهذا وعده .. ووعد الحر دين عليه .. ووعد المسؤول بتحسين معاش و خدمات المواطنين دين عليه ..فهل سيفي بسداد دينه و صون دينه.؟
> لكن قبل مرحلة مسؤولية معتز ..دعونا نسأل ..هل انشاء هذه الشركات و المؤسسات و الاجهزة المسجلة باسم الحكومة لتتحصل الموارد المالية و تصرف خارج الموازنة..هل كان باستشارة خبراء اقتصاد أو حتى خبير واحد..؟
> هنا طبعاً تكون القيمة الاعلى للشورى و أخذ الرأي من الخبراء الاقتصاديين ..لأن الأمر متعلق بالمال العام و معاش الناس ..و لو فكر في ذلك خبراء اقتصاد أو وافقوا عليه عند الشورى ..نوجه إليهم تهمة انهيار الاقتصاد الوطني ثم انهيار اعصاب المواطن كما ترون هذه الايام ..و يحضرنا هنا ملخص (صابر )لاسباب المشكلة الاقتصادية بدون اسباب موضوعية ..قال المشكلة اخلاقية.
> أما لو كانت فكرة تحصيل ايرادات بواسطة هذه المنشآت الحكومية لتوضع في خزائن عامة موازية لخزانة الدولة ..و تصرف منها خارج الموازنة هي فكرة أهل سلطة و نفوذ ليسوا اقتصاديين ..فإن التهمة ضدهم هي القرارات و التصرفات العشوائية المتسببة في الغلاء على حساب معيشة المواطنين.
> لكن لماذا تجنب الاموال العامة وهاهي الموازنة العامة ترصد فيها نسبة 90% من ايراداتها للأمن و الدفاع و القطاع السيادي ..؟ و ذلك مع عجزها ..ألا يكفي ..؟فقد مزقت فاتورة الحروب و تأهل السودان لتصدير دعم اعادة الشرعية في بعض الدول ..تصدير الاستقرار و الخبرات الاستخباراتية ..و دمجت بعض الوزارات في أخرى لهدف معروف.
> و تخيل أن ميزانية الخدمات الصحية و التعليمية اقل من ميزانية القطاع السيادي ..طبعاً لأن الحكومة اصبحت تعتمد في تقديم هذه الخدمات على القطاع الخاص ..و قطاع المؤسسات المسجلة باسم الحكومة و هي مؤسسات خدمية تجنب المال العام و تصرفه خارج الموازنة ..
> إذاً الحكومة ترصد ميزانية لتسهم في تقديم الخدمات بنسبة اقل من 40% و المشكلة ليست في القطاع الخاص الوطني ..بل في المؤسسات المسجلة باسم الحكومة و ايراداتها لا تدخل الموازنة العامة رغم عجزها ..فهي مصدر للانهيار الاقتصادي.
: > نعم ..في البلاد من حيث الاقتصاد ..دولتان ..دولة الموازنة العامة و دولة تجنيب الاموال العامة ..فلماذا لا يكون في الموازنة عجز عميق يزداد عمقاً بمرور الوقت الذي يتواصل فيه تراجع قيمة العملة بسبب هذا التجنيب..؟
> و البلاد بمثل هذه السياسات المالية الخرقاء و السياسات النقدية السالبة ليست مؤهلة لتكون فيها الموازنة العامة سنوية ..فالانسب أن تكون ربع سنوية نظراً إلى تواصل تراجع قيمة العملة الوطنية بشكل يومي بسبب هذه السياسات الاقتصادية الخرقاء و السالبة والفوضوية .
غداً نلتقي بإذن الله …
خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة