العام الدراسي في مهب الريح تعليق الدراسة.. أزمة تبحث عن علاج
تربويون: الآثار السالبة تنعكس على مستوى الطلاب
رئيس لجنة المعلمين: لا يوجد حل غير إلغاء جزء من المقرر
معلم: العطلات الطارئة أثرت على الاستيعاب
رغم إعلان عدد من الولايات استئناف الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي، إلا أن ولايات أخرى لم تعلن بعد موعد رفع تعليق العام الدراسي، وهذا العام يعتبر استثنائياً لجهة أن الحكومة الاتحادية اضطرت الى تأجيل الدراسة إلى أجل غير مسمى مرتين، الأولى حينما اجتاحت البلاد أمطار غزيرة وسيول، وهو الأمر الذي سبب أضراراً بالغة لم تجد حيالها الحكومة غير تعليق الدراسة حفاظاً على سلامة الطلاب.
وفي خواتيم العام 2018 لم تجد الحكومة مرة أخرى غير تأجيل العام الدراسي بمرحلتي الأساس والثانوي عقب الاحتجاجات التي شهدتها عدد من الولايات، ليواجه العام الدراسي الحالي ظروفاً غير مسبوقة جعلت بعض التربويين يتخوفون من أن تنعكس سلباً على الطلاب.
تعليق وتعطيل
شهد هذا العام تعطل الدراسة لأسباب طارئة في فصل الخريف وتداركتها الوزارة بمد أسبوعين للصف الثامن، وقبل أيام علقت الحكومة الدراسة إلى أجل غير مسمى خلال الاحتجاجات التي شهدتها(12) ولاية من ولايات السودان من جملة (18) ولاية.
ردود أفعال وآراء متباينة برزت عقب قرارات تعليق الدراسة وسط الأسر والطلاب والتربويين، ويؤكد عدد منهم الذين استنطقتهم الصيحة أن تأجيل العام الدراسي من شأنه أن ينعكس سلباً على الطلاب وأيضا سيسهم فى تدني المستوى الأكاديمي، عدد من أولياء الأمور أعربوا عن سخطهم لتعليق الدراسة لأجل غير مسمى، وأبدى عدد منهم تخوفهم من استمرار تأجيل الدراسة، معتبرين أن العام الحالي الاسوأ بداعي المشاكل الكثيرة التي واجهته، وطالبوا الوزارة بضرورة النظر لمعالجة هذه القضية عبر تكوين لجنه فنية خاصة تبحث إنقاذ مستقبل طلاب الثامن أساس والثالث ثانوي، وكانت الدولة رأت أن المعارضة تستخدم الطلاب دروعاً بشرية والزج بهم في الاحتجاجات، وكشفت والدة الطالب المثنى عماد بإحدى المدرسة الخاصة لمرحلة الأساس بأن تعطل الدراسة وتعليقه المتواصل يؤدي إلى تشتيت أذهان الطلاب وأنها تسعى جادة للبحث عن دروس خاصة لابنها الذي سوف يجلس لامتحانات الشهادة لمرحلة الأساس حتى لا يؤثر سلباً على تدني مستواه الأكاديمي.
الطلاب يتذمرون
عدد من الطلاب تحدثوا للصيحة عبروا عن تذمرهم من تعليق الدراسة في هذا التوقيت الحرج، وأشاروا إلى ضرورة استئناف الدراسة، وذلك لأن العام الدراسي في نهاياته ولابد من عودتهم الى مدارسهم حتى يتمكنوا من إكمال المقرر، ويقول الطالب بالمرحلة الثانوية بالخرطوم محمد إن التأجيل الكثير من شأنه أن يفقدهم الرغبة في الدراسة، مبيناً أنه كان في الماضي يسمع من أشقائه بتعليق الدراسة في الجامعات وتذمرهم من هذا الأمر، ولم يكن يتوقع ان ينسحب هذا الامر علي مرحلتي الاساس والثانوي، ويلفت إلى أن عدد من الطلاب اختاروا مواصلة دراستهم عبر الاستعانة بمعلمين لتدريسهم في المنازل حتى يتمكنوا من تعويض توقف الدراسة، وأشار إلى ـن هذا يكلف أسرهم الكثير من الأموال.
ردود متباينة
يقول أبو أحمد وهو معلم بمرحلة الأساس بولاية النيل الأبيض أن تأجيل الدراسة له مردود سلبى على الطلاب، وقال إن معظم مقررات الصف الثامن لم تكتمل بعد، مضيفاً أن هذا العام شهد إجازات طارئة تسببت في تأخير إكمال المقررات، الأمر الذي يلقي بظلال سالبة على المستوى الأكاديمي للطلاب، مردفاً أن عدداً من الطلاب قد حضروا إليه وأخطروه بضرورة إكمال الدروس النهائية للمقررات نظير مقبل مادي، ولكنه رفض ذلك، وقال إن كل الحلول في هذه الفترة محرجة وغير مجدية، وقال إن ايام الدرسة لا تتجاوز (230) يوماً، ونسبة لتعليق الدراسة أكثر من مرة، لابد من عقد اجتماع طارئ لتدارك هذا العام خاصة وأنه في نهايته واستمرار تأجيل الدراسة سيؤدي حتماً الى نتائج سلبية، داعياً الجهات المختصة لعدم تعطيل امتحانات الشهادة.
لفت نظر
من ناحيتها، لفتت الموجهة التربوية سيدة الترابي، إلى أن خططاً وضعتها وزارة التربية والتعليم ترتكز عليها وفقاً لأيام محددة لتدريس المنهج، وقالت إن تعليق الدراسة ينعكس سلباً على التحصيل الأكاديمي للطلاب، إضافة إلى ذلك فإن التلاميذ خاصة في مرحلة الأساس اختاروا الشارع للعب واللهو، وأن هذا سيبعد كثيرين منهم عن جو الدراسة، وترى أن التأجيل المتواصل للدراسة سينعكس سلباً على نتائج امتحانات شهادة الأساس.
خطة عاجلة
ورغم أن المعلمة سيدة الترابي رأت أن تعليق الدراسة يؤثر سلباً على الطلاب ومستقبلهم، إلا أنها أكدت حرص الوزارة على أهمية هذه العطلة بداعي الظروف الأمنية، ونادت الأسر للاستفادة من توقف الدراسة عبر مراجعة المقررات مع ابنائهم بدلاً من تركهم في الشوارع، وأبانت أن معظم المدارس لم تكمل مقرراتها، ورأت أن هذا الأمر من شأنه أن يتسبب في أثر نفسى حاد للطالب، واعتبرته فشلا ذريعاً لهذا العام، وقالت بأن تعليق الدراسة بهذه الطريقة يعد مؤشراً خطيراً لتدنى مستوى الطلاب والتلاميذ، وقالت بأنه سوف يتسبب في رسوب الطلاب لعدم تركيزهم على الدراسة واللهو في الشوارع أكثر من الاستفادة منها.
تخوف ومطالب
من ناحيتها، فإن الموجهة التربوية أسماء هارون، قد أبدت تخوفها من التعليق المتواصل للدراسة، ودفعت بعدد من الحلول التي تراها مجدية في نظرها منها حذف الجزء الأخير من المقرر حتى يتمكن الطلاب من استيعابه أو أن يتم تكثيف الدراسة رغم أن هذا يتسبب في ضغط على الطلاب وفشلهم، وطالبت وزارة التربية والتعليم بعقد اجتماع طارئ تشارك فيه اللجان الفنية حتى تتمكن من الخروج من هذه الأزمة الطارئة.
ضرر بليغ
من ناحيته، يؤكد رئيس لجنة المعلمين يس حسن عبد الكريم أن تعليق الدراسة سيقود لآثار سلبية ونفسية حادة ستنعكس سلباً على مستوى الطلاب في ظل عدم إكمال المدارس مقرراتها، متخوفًا من ضيق الزمن وتوقع إمكانية ممارسة ضغط على الطلاب، داعياً إلى وضع خطة جديدة حتى يمكن تلافي الآثار السالبة لتعليق الدراسة، وقال إن تعليق الدراسة يؤثر أيضاً على الأسر من ناحية اقتصادية، وكذلك المدارس التي تستأجر عقارات، وكشف أن الحلول المقترحة للوزارة تتمثل في مد أيام إضافية أو حذف أجزاء من المقرر، وقال إن هذا الأمر يمكن أن تتم دون دراسته من لجنة فنية تحددها وزارة التربية والتعليم، منوهًا إلى أن مشاكل التعليم سلسلة مترابطة لا تنفصل عن بعض وأن التعليق المتواصل للدراسة يعتبر الحلقة الأسوأ.
خطة بديلة
خالد عبد الصادق، أستاذ التربية الإسلامية بالمدارس الثانوية بولاية الخرطوم، قال في إفادته للصيحة بأن الوزارة لم تضع في خططها لهذا العام العطلات الطارئة التي عطلت الدراسة وأحدثت ربكة في التقويم ، متسائلاً عن إمكانية تأجيل امتحان الشهادة الذي حددته الوزارة مطلع مارس، والذي يجلس إليه طلاب من خارج البلاد، مطالباً وزارة التربية بوضع خطة عاجلة تضعها لجان فنية مختصة، مشيرًا الى أن المعلمين أكثر عرضة للإرهاق من تعليق الدراسة، لأنه سيكون عليهم العمل بعد استئنافها بجهد كبير لتعويض الطلاب الأيام التي لم يخضعوا فيها للدراس ، وقال إن التأجيل سيؤثر سلباً على الصفين الثامن أساس والثالث ثانوي، لجهة أن الامتحانات تم تحديدها بجدول زمني، وأن هذا سيحدث خللاً فنياً وإدارياً، ويرى أن الحل يتمثل في تكثيف المقرر والاستفادة من عطلة يوم السبت ورغم أن هذا سيشكل ضغطاً كبيراً على الطلاب، ورأى عبد الصادق أن الحل الوحيد هو إلغاء هذا العام الدراسي متخوفاً من تجدد الاحتجاجات مرة أخرى، موضحاً أن هذا يعني تأجيل الدراسة مرة أخرى.
ومضى بالقول إن إغلاق المدارس من ناحية تربوية يسهم في تأخير المقرر، وينوه إلى أن الطارئ الذي حدث ربما يدخل وزارة التربية والتعليم في موقف صعب، ذلك لأنها حينما وضعت تقويم العام الدراسي لم تضع في حسبانها أن يحدث تأجيل لأيام طويلة للدراسة، ورأى أهمية التفاكر منذ وقت مبكر.
تشتيت ذهن
من ناحيته، يشير علي حمد المعلم بمرحلة الأساس أن التعليم بات يعتمد على تلقين الدروس والحفظ، ويعتقد أن تعليق الدراسة من شأنه التسبب فى تشتيت ذهن الطالب وعدم اهتمامه بما درس، ويؤكد أن الطالب يحتاج في هذه الفترة التي وصفها بالحرجة إلى تركيز وشرح، وقال:ي حتاج الطلاب إلى مراجعة الدروس من جديد حتى يتمكنوا من استرجاع الدروس التي درسوها لها خلال الفترة الماضية من العام، مبدياً تعجبه واستغرابه من وزارة التربية والتعليم التي ظلت تعمل بخطة واحدة، وأشار الى أن هذا الأمر الخاطئ يؤثر سلباً على العملية التعليمية من واقع عدم وجود إمكانية حل في الوقت الراهن لقضية تعليق الدراسة، مطالباً الوزارة بإعادة تقويم العام الدراسي على أن يضع معه الحالات الطارئة كما اقترح تكثيف الدروس عبر حصص إضافية حتى يتمكن الطالب من تجاوز الآثار السالبة للإجازات المتواصلة هذا العام.
الخرطوم: مياه النيل مبارك
صحيفة الصيحة.