مقالات متنوعة

تضيع بين معتز ومحافظ البنك

أنت لو كنت ممن يستحقون الدعم الذي تحدث عنه رئيس الوزراء و وزير المالية معتز موسى واراد أن يصلك ولا يصل لغير المستحقين له.. فكيف ستحصل عليه دون مستند يثبت استحقاقك ..؟ وكيف يمنع من غير المستحقين..؟
> لعله كلام للاستهلاك السياسي.. فهو غير عملي.. وإنما المقصود هو أن ينطبق على المستحقين للدعم ما ينطبق على غير المستحقين ..باعتبار ذلك أفضل من أن يجده غير المستحقين مع المستحقين.. وبهذه الحيلة ترفع الحكومة الدعم
> وأي دعم هذا..؟ فهو فارق بين سعرين.. قديم وجديد.. فارق جاء بسبب تواصل تراجع قيمة العملة الوطنية وسنوضح هنا الآن للمرة العشرين أسباب تراجعها. معتز يقول بأن فجوة الصادر والوارد تكون بإنتاج حقيقي، ولكن ليس غير الحكومة من يعطل إنتاج القمح الذي يستهلك عملة صعبة بحجم كبير جداً وهي فوضى استيراد.. ولم يقل تكون بحسم فوضى الاستيراد .. وهي الممكنة فعلياً بدلاً عن الكلام السياسي السرابي عن زيادة الصادر بنسبة 30% مع سياسات نقدية تهدم باستمرار الاحتياطي من النقد الأجنبي.. ومع تجنيب للأموال العامة يخل بضبط عرض السيولة ويرفع سعر الصرف وبالتالي أسعار السلع.
> معتز حينما أشار إلى مشكلة تصاعد غلاء الأسعار..اعتبر السبب حلقة وسطى بين المنتج والمستهلك.. أي التجار.. وهذا غير صحيح إطلاقاً لأن الغلاء نتيجة حتمية للسياسة النقدية التي تفرضها رئاسة الجمهورية على البنك المركزي..
> وكل وعود بإصلاح اقتصادي لن تكون قابلة لإيفاء دون تناول المشكلة من جذورها التي تجهلها الحكومة أو تتجاهلها.. ونرى أن الحكومة حسب تصريحاتها وتغريداتها لا تدرك جذور المشكلة..
> أو هي تتجاهل بمنطق قول الشاعر:
ليس الغبي بسيد قومه.. ولكن سيد قومه المتغابي.
> وحتى رئيس الوزراء معتز مازال يرى أن سبب الغلاء هو سيطرة التجار على الأسعار كحلقة بين المنتج والمستهلك وكأن سعر الصرف ظل ثابتاً.. وأحياناً يقول بأن ظروفاً اقتصادية ضاغطة يتجاوزوها.. ويرون هم إمكان تجاوزها مع استبقاء السياسات النقدية والمالية والتجارية..
> والحلقة الوسطى يا معتز التي تتسبب في الغلاء باستمرار هي السياسات النقدية والمالية والتجارية السالبة.. وهي طبعاً لا يتضرر منها التجار .. مثلما يتضرر المنتجون والمستهلكون..
> فالحلقة الوسطى هي تحديد سعر صرف رسمي لصالح شركات ومؤسسات وأجهزة مسجلة باسم الحكومة.. وأموال عامة مجنبة.. فهي موارد خدمات تأمينية ومصرفية وعلاجية وتعليمية.. وكأنها أموال قطاع خاص..
> قلنا أمس الأول أن محافظ البنك المركزي يهمل في حديثه للإعلام بناء الاحتياطي النقدي من عائدات صادرات النفط والذهب.. وضرورة الحفاظ عليه من الاستهلاك الحكومي وتحويلات المستثمرين غير المنتجين.. وحديث محافظ البنك عن محاربة السوق الموازي واستبقاء السعر الرسمي يبقى مجافياً تماماً للمنطق الاقتصادي في نظر الاقتصاديين.. وإن كان خطاباً سياسياً استهلاكياً للترضية وامتصاص الغضب. المحافظ في تصريحاته يركز على أن الهدف هو سعر صرف مستقر.. وهو يهتف بأنه (لا ارتفاع ولا انخفاض، إنما استقرار وسوق واحد للعملات).
> كل هذا من الهتاف.. لكي يتحقق استقرار سعر الصرف .. وكله لا يعدو أن يكون نفس أماني المواطنين المكتوين بنار الغلاء المتصاعد بسبب السياسات المفروضة فرضاً على البنك المركزي.
> لكن محافظ البنك المركزي حينما يحدثنا عن أن أهم أهداف السياسة النقدية للعام الحالي هو كبح جماح التضخم والوصول إلى سعر صرف مستقر.. فهو يطمئن الناس بالوهم.. لأنه لن يستطيع إزالة الأسباب التي تقف بصورة مستديمة وراء تواصل تراجع قيمة العملة..
> فإن كبح جماح التضخم وتحقيق استقرار سعر الصرف (الموازي طبعاً) لا يمكن إنجازهما مع استمرار سعر رسمي (تخفيضي) تستفيد منه في المضاربات عشرات الشركات المسجلة باسم الحكومة..
> ومع فوضى الاستيراد.. فإن مصروفات الاستيراد من النقد الأجنبي بحجم أكبر من عائد الصادرات.. وهذا ما يعمق عجز الميزان التجاري ويسهم في تراجع قيمة الجنيه ويزيد من حدة غلاء الأسعار.
> وشكراً ولاية سنار ولاية اﻹنتاج والصادر.. فهي تبشرنا بصادر إنتاج زراعي عائده ملياري دولار .. حماها الله من الاستهلاك الحكومي ومضاربات الشركات والمؤسسات المسجلة باسم الحكومة.
غدا نلتقي بإذن الله …

خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة